يصعب أن نذهب إلى أن سر «حرب الكلمات» المستعرة الآن بين نظام الحكم الإخوانى من ناحية، والقيادات العسكرية من ناحية أخرى، يرتبط برفض الجيش لعملية «الأخونة» التى تقوم بها الجماعة لكوادره وقياداته، فكيف نقبل ذلك، فى الوقت الذى ننظر فيه، فلا نرى سوى ردود أفعال شديدة الارتخاء أمام تهجّم الجماعة على قيادات الجيش؟ فتعليقاً على وصف «الزايط» -عضو مجلس شورى الإخوان- للفريق السيسى ب«الفار»، طلبت مصادر عسكرية اعتذاراً من الجماعة، هكذا وفقط، أين كرامة العسكرية المصرية؟ ثم ما معنى أن يخرج مصدر إخوانى آخر ويقول إن الرئيس «مرسى» لن يقيل وزير الدفاع طالما يؤدى عمله جيداً.. «يعنى طالما السيسى شايف شغله الريس حيسيبه مكانه». هذه الردود المرتخية من جانب القوات المسلحة على التطاول المحسوس من جانب قيادات الجماعة، تؤكد أن حرب التصريحات بين الإخوان والجيش لا تتعلق من قريب أو من بعيد برفض القوات المسلحة للأخونة، بل ترتبط بما هو أعمق وأهم وأجدى، وأريد أن أذكرك بما سبق وكتبته فى هذا المكان من أن الصراع الحادث بين هذين الطرفين، لا يرتبط بمحاولات تلوين الجيش بلون الجماعة، بقدر ما يتعلق بما هو أخطر.. وأقصد بالأخطر هنا القدرات المالية والاقتصادية التى يتمتع بها الجيش والتى تم تحصينها دستورياً فى إطار الصفقة التاريخية التى أبرمت ما بين الطرفين بهدف إجهاض ثورة 25 يناير. والمثل المصرى يقول: «التاجر لما يفلّس يبحث فى دفاتره القديمة».. والأمر الوحيد الذى أفلحت فيه الجماعة ومرسيها خلال الفترة الأخيرة يتمثل فى دفع مصر إلى هاوية الإفلاس الاقتصادى، لقد فشلت فى كل شىء إلا هذا الأمر، ومؤكد أن التقارير المتتالية التى تحذر «مرسى» من «ثورة الجياع» تتسبب فى «كركبة» بطنه وبطن جماعته، الأمر الذى يدفعهما إلى البحث عن حل للتعامل، ولو بشكل مؤقت، مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، فى هذه اللحظة تقفز إلى مخيلة مرسى والشاطر وبديع «فلوس الجيش»، فمربط الفرس فى الخناقة بين الطرفين يرتبط بأن الجماعة تمد عينيها إلى ما يتمتع به الجيش من ثروات ومصادر للثروات، وهى تنصب مصيدتها الآن من أجل اصطياد «الفار» الذى ترى أنه يلتهم وحده كل خزين «المطبخ»، والجيش يدارى أموره بالصبر حتى لا يخسر «الخزين». ارتخاء الجيش مع الإخوان سببه رغبة المجلس العسكرى فى المحافظة على الفلوس، وشراسة الجماعة فى الهجوم على القيادات العسكرية مردها الطمع فى «الفلوس»، وأطمئن من يحلمون بنزول الجيش لتخليص مصر من الجماعة ومرسيها، أن ذلك متوقع جداً هذه المرة، لأن «اختلاف الشريكين على الفلوس»، ينذر بصراع حتمى بينهما، والمثل الشعبى يقول: «يا واخد قوتى يا ناوى على موتى»!.. وتيجى تصيد الفار يصيدك.