قضت محكمة التعقيب (التمييز) التونسية، الجمعة، بإطلاق سراح سامي الفهري مدير قناة "التونسية" التلفزيونية الخاصة، التي عرفت ببرامج ساخرة من رموز الحكم في تونس. وقال المحامي عبد العزيز الصيد، إن المحكمة أصدرت "مرة أخرى" حكما بالافراج عن موكله، متوقعا أن يتم إطلاق سراحه قبل منتصف ليل الجمعة. وكانت المحكمة نفسها قضت في 28 نوفمبر 2012 بإطلاق سراح سامي الفهري، لكن النيابة العامة رفضت في مناسبتين تطبيق القرار ما جعل المعارضة تتهم حركة النهضة الإسلامية الحاكمة بالتأثير على القضاء "للتنكيل" بالفهري على خلفية برامج تلفزيونية ساخرة من رموز الحكم. وفي 24 أغسطس 2012 أصدر القضاء مذكرة إيقاف بحق الفهري بتهمة إلحاق إضرار مالية بالتلفزيون العمومي التونسي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وكان الفهري ينتج برامج ومنوعات خاصة للتلفزيون العمومي عبر شركة الإنتاج الخاصة "كاكتوس" التي أسسها سنة 2002. و"انتزع" بلحسن الطرابلسي (شقيق ليلى الطرابلسي زوجة بن علي) 51% من رأسمال الشركة دون تسديد مقابل، بحسب الفهري. وبعد الإطاحة بنظام بن علي، أقام التلفزيون العمومي دعوى قضائية ضد شركة "كاكتوس" لاستحواذها على إيرادات إعلانات كان من المفروض أن تعود إلى التلفزيون العام، واستخدامها معداته التقنية لإنتاج برامج خاصة بها. وصادرت الدولة حصة بلحسن الطرابلسي في شركة "كاكتوس" وعينت عليها متصرفا قضائيا. وأسس الفهري في 2011 تلفزيون "التونسية" الذي تعبره استطلاعات الرأي الأخيرة أنه التلفزيون الأكثر مشاهدة في تونس. وعشية اعتقاله اتهم الفهري حركة النهضة الإسلامية بتحريك القضاء ضده على خلفية بث تلفزيون التونسية برنامج "اللوجيك السياسي". ويتضمن البرنامج فقرة "القلابس"، وهي دمى متحركة ترقص وتغني وتجسم شخصيات حكومية وسياسية تونسية شهيرة مثل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ومنصف المرزوقي رئيس الجمهورية. وحظي البرنامج الذي انطلق بثه بداية شهر رمضان 2012 بشعبية كبيرة في تونس مثلما أظهرت ذلك استطلاعات رأي. وقال سامي الفهري أن لطفي زيتون القيادي في حركة النهضة اتصل به شخصيا و"ضغط عليه" ما أجبره على وقف البرنامج قبل 4 أيام من عيد الفطر. وفي 2012 أبدت منظمة مراسلون بلا حدود استغرابها من اعتقال الفهري الذي يلاحق في القضية بصفة "متواطئ" وترك المتهمين "الأساسيين" طلقاء. وفي الثالث من يناير الماضي، أصدر القضاء مذكرة إيقاف بحق المتهمين الأساسيين وهم 5 مديرين سابقين بالتلفزيون العمومي، في عهد بن علي. ويلاحق في هذه القضية أيضا بن علي، اللاجئ في السعودية، وصهره بلحسن الطرابلسي الهارب في كندا، وعبد الوهاب عبد الله (موقوف) الذي كان أحد أبرز أعمدة نظام بن علي ومهندس سياسته الإعلامية.