مؤتمر جماهيري لدعم محمد موسى مرشح الجبهة الوطنية بالمنوفية    مؤشرات تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي في كل المحافظات    «تجارية الجيزة» تطلق مبادرة لدعم مجتمع الأعمال المرتبط بدبي    فوز أستاذين من الجامعة المصرية اليابانية بجوائز الدولة للتفوق    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    مدبولي: نؤكد على موقف مصر الثابت بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة    «يوما ما سيهاجمه الذئب».. نجل بايدن يفتح النار على نتنياهو بسبب غزة وإيران    مصادر تركية: المفاوضات الروسية الأوكرانية تبدأ مساء الأربعاء    الزمالك يكثف محاولاته للتخلص من الجفالي    المصري كريم أحمد يوقع عقدًا احترافيًا مع ليفربول    «الأرصاد» تكشف موعد ذروة الموجة الحارة وحالة الطقس: درجة الحرارة 46 مئوية    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    تحمل اسم ليلى علوي.. تفاصيل الدورة ال 41 ل مهرجان الإسكندرية السينمائي    تجديد تعيين الدكتور تامر سمير رئيسا لجامعة بنها الأهلية    الأسد من المشاهير والحمل قائد المشاريع.. كيف يتعامل مواليد كل برج مع الحياة الجامعية؟    حقق إيرادات 51 مليون جنيه في 21 يوم.. أحدث أفلام أحمد السقا في السينمات (تفاصيل)    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    محافظ الغربية يتابع أعمال إصلاح كورنيش طنطا: نتحرك بخطوات مدروسة    خامس الصفقات.. أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    برلماني: "23 يوليو" نقطة تحول لبناء دولة العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني    محافظ المنيا يستعرض إنجازات العلاقات الدولية: تنفيذ مشروعات تنموية لدعم الزراعة والمرأة والتعليم    مجزرة مروعة في تل الهوى واستمرار الانسحاب الجزئي للاحتلال من دير البلح    الداخلية السورية: خروج العائلات من السويداء بشكل طارئ أمر مؤقت    ثورة يوليو البيضاء وثورات العالم الحمراء!    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 59 ألفا و219 شهيدا    صحة غزة: 113 شهيدا و534 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 24 ساعة    ماذا يحدث للجسم عند تناول الحمص يوميا؟    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    وزيرا الأوقاف والتربية والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    يحتل المركز الثاني.. فيلم أحمد وأحمد يحقق 50 مليونا و812 ألف جنيه    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    سيد عبد الحفيظ يعلّق على أزمة وسام أبو علي: "أخذ من هيبة المكان.. واعتذاره لتحسين الصورة"    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    السيسي: مصر دار الأمن والاستقرار ولدينا 10 ملايين شخص من بلاد كثيرة    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيثيات أول دعوى تطالب وقف إنذار "الاستثمار" ل CBC بسحب ترخيصها
البلاغات التي قدمت أو الإنذار الموجه من المطعون ضده الأول لقناة "سي بي سي" ما هو إلا توجيه من مكتب الإرشاد وإرضاء لرغبات الإخوان المسلمين
نشر في الوطن يوم 03 - 04 - 2013

قدم الدكتور سمير صبرى المحامى، دعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإدارى ضد رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ووزير الاستثمار لطلب عدم الاعتداد بالإنذار الموجه من الهيئة العامة للاستثمار لقناة "سى بى سى" بإغلاقها، ما لم توقف برنامج "البرنامج" الذى يقدمه الإعلامى باسم يوسف، وقد وجهت إنذارا إلى شركة المستقبل للقنوات الفضائية والإذاعية التى تبث قنوات سى بى سى بوقف "البرنامج" وحذرتها من سحب الترخيص الصادر للقناة وإغلاقها فى حالة عدم الاستجابة لهذا الإنذار.
وقال صبري في دعواه إنه فوجئ بقيام الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بتوجيه إنذار إلى شركة المستقبل للقنوات الفضائية والإذاعية التي تبث قنوات "سي بي سي" بوقف برنامج "البرنامج"، الذي يقدمه الإعلامي باسم يوسف وحذرتها من سحب الترخيص الصادر للقناة وإغلاقها في حالة عدم الاستجابة لهذا الإنذار.
وقالت الهيئة المطعون ضدها الأولى في الإنذار الذي وصل الممثل القانوني لشركة المستقبل للقنوات الفضائية والإذاعية أن مقدم البرنامج وردت ضده شكاوى ودعاوى قضائية متعددة عن حلقات البرنامج لتعرضه لبعض رموز الدولة وشخصيات عامة وبارزة للإهانة والتهكم والاستهزاء والتشهير علاوة على عبارات الإسفاف والتطاول والتلميحات الجنسية والألفاظ النابية الجارحة التي تجاوزت حقوق النقض المباح والموضوعية الهادفة وتعتبر خروجا عن التقاليد والمبادئ العامة حسب وصف الإنذار.
وأضافت الهيئة المطعون ضدها الأولى أن ذلك يعد مخالفة للترخيص الصادر للقناة وما يوجبه ميثاق العمل الإعلامي العربي وطالبت الهيئة القناة بإزالة أسباب المخالفات وإلا يعتبر ترخيص القناة لاغيا في حالة مخالفة ذلك طبقا للمادة 88 من اللائحة التنفيذية من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار.
ولما كان ذلك وكان من الثابت أن الإنذار الموجه إلى قناة "سي بي سي" من المطعون ضده الأول يخالف كافة القواعد القانونية حيث إن القناة من مشاهدة ومتابعة الطاعن لها تلتزم بالقانون ومواثيق الشرف الإعلامي وشروط الترخيص في كل ما تقوم ببثه ومن الثابت كذلك أن ما ورد بالإنذار مطروح أمام القضاء الآن ولم يبت فيه، وأن الاتهامات الموجهة لبرنامج البرنامج موجهة من ذات الأشخاص الذين تقدموا بالبلاغات للنيابة العامة وعن ذات الموضوع، وثابت كذلك أن هذا لا يعني مطلقا أنها حقائق فهي مجرد اتهامات لم يبت القضاء في ثبوتها من عدمه، وبناء على ذلك لا يمكن اعتبار ما يقدم في البرنامج تنطبق عليه هذه الاتهامات، حيث إن البلاغات التي قدمت مازالت قيد التحقيقات.
أكثر من ذلك فمن الثابت أن البلاغات التي قدمت أو الإنذار الموجه من المطعون ضده الأول لقناة "سي بي سي" ما هو إلا إرهاب وتكميم الإعلام بما يخالف كافة المواثيق الإعلامية الدولية وأن هذا الإنذار ما هو إلا توجيه من مكتب الإرشاد الذي يدير البلاد حالياً وإرضاء لرغبات جماعة الإخوان المسلمين.
كذلك من الثابت أنه لم ينجح أحد من نجوم المعارضة أو الكوميديا في مصر في نزع الهالة التي أراد الإخوان المسلمون أن يضعوها فوق مقعد الرئاسة منذ أن حصلوا عليه في يونيو 2012 كما فعل باسم يوسف، ولهذا لم يكن باسم يوسف بحاجة إلى الحملة الإعلانية للترويج له ولبرنامجه التي حصل عليها نتيجة استدعائه من قبل النائب العام ألإخواني للتحقيق معه بتهمة ازدراء الأديان والإساءة للدكتور مرسي.
كذلك من الثابت أن البرنامج الذي يقدمه باسم يوسف يتمتع بأعلى نسبة من المشاهدين بين البرنامج الحوارية الفكاهية في مصر إن لم يكن في العالم العربي كله، كما صار مرادفا لثورة 25 يناير ولأهدافها، لقد جعل باسم يوسف من برنامجه والمواقف التي أطلقها من خلاله رقيبا وناقدا للحركة السياسية في مصر من سلوك الإخوان في السلطة إلى سلوك المعارضة وجبهة الإنقاذ.
إن الحملة المسعورة التي يشنها الإخوان المسلمون ضد باسم يوسف ترجع على انتقاداته اللاذعة وسخريته مما يقومون به من خلط لشؤون الدين بقضايا السياسة إلى الحد الذي باتوا معه يضعون أي انتقادات لقرارات دكتور مرسي في مرتبة الكفر وفي هذا لا يهاجم باسم يوسف أي قناعة دينية كما تقول التهم المسندة إليه، بقدر ما يدافع عن ضرورة الفصل بين انتقاد رجل السياسة لأدائه الخاطئ والسيئ وبين القناعات الدينية لرجل السياسة.
من الثابت أن كل ما ورد بالإنذار الموجه من المطعون ضده الأول لقناة "سي بي سي" يخالف الإعمال الصحيح لأبسط المبادئ المتعارف عليها محليا وعالميا، وما سطر كان الغرض منه هو تصفية حسابات بين الجماعة التي تحكم البلاد والقنوات الفضائية مرآة الحقيقة لما يحدث في المجتمع، والتي تكشف بموضوعية الحالة السيئة والمنهارة التي تمر بها البلاد، والكاميرات تنطق بكل هذه الحقائق وتوثقها هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن قناة "سي بي سي" مشهود لها بالمصداقية والشفافية وتوثيق الخبر قبل الحديث فيه بخلاف رصدها للأحداث بالكامل بالصوت والصورة ولها جمهور عريض يثق فيها ويشاهدها بصفة دائمة .
ولما كان ذلك وكان من الثابت أن كل ما سطر بهذا الإنذار يخالف ما اهتمت به كل الوثائق العالمية المتعلقة بحرية التعبير على أساس من الاقتناع بأن الإصلاح أمر ضروري وعاجل والتركيز على أهمية الحرية، باعتبارها قيمة كبيرة وأساسية وهي تقوم على أسس عديدة أهمها احترام كافة الحقوق في الفكر والتعبير عن الرأي بكافة صوره وأشكاله وفي مقدمتها بالطبع ما يتعلق بحرية التفكير والإبداع وحرية الصحافة ووسائل الإعلام السمعية والبصرية والإلكترونية، التي يجب أن يتسم العمل فيها بأكبر قدر من الشفافية، وأن كافة الوثائق العالمية أشارت إلى ضرورة مراجعة كل ما يتعلق بما يعوق حرية التفكير والإبداع ويعرقل الممارسة الحرة المطلوبة في المؤسسات الصحفية والإعلامية، والهدف هو تنمية الطاقات الفكرية والإبداعية للأمة وضمان قيام المؤسسات الصحفية والإعلامية بالأداء السليم الذي يتسم بالشفافية والمسؤولية ولا يكون فيه أي مجال لاستخدام الاستثناءات إلا في حالات محدودة يكون لها مبررات قوية لا تهدف إلى تقييد حرية التعبير أو فرض الرقابة بأي شكل من الأشكال وأكدت جميع الوثائق على ضرورة العمل على إزالة القيود المفروضة على التفكير والإبداع وإعادة النظر في كافة القوانين الاستثنائية التي من شأنها فرض أي سيطرة أو تحكم في الإنجازات الفكرية والإبداعية وفي العمل الصحفي أو الإذاعي أو وسائل النشر الأخرى مهما كانت أهدافها أو مسبباتها أو مبرراتها، والسبيل إلى ذلك ضمان إطلاق الحريات لجميع التيارات الفكرية للتعبير عن آرائها بمختلف الوسائل وهو الأمر الذي يستلزم ضرورة تحرير وسائل الإعلام والصحافة من جميع التأثيرات والهيمنة الحكومية وليكون هدف عملها تدعيم الديمقراطية والشفافية وأن تحقيق ما سبق ذكره لا يمكن أن يتم إلا من خلال تطوير شامل لكافة أساليب الإعلام، ومن بينها طريقة إصدار وتنظيم القوانين التي تعمل على أساسها الصحف ودور النشر والإذاعات المرئية والمسموعة على اختلاف توجهاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية بحيث تضمن لها هذه القوانين والتنظيمات الاستقلال الكامل سواء من ناحية الملكية أو الإدارة أو التمويل أو جميعها ودون تدخل من أي سلطة من السلطات التنفيذية في طريقة عمل أو إدارة هذه المؤسسات .
إن ما جرى العمل عليه في قناة "cbc" وبرامجها التي تبثها عبر شاشاتها ليراها العالم كله وبرنامج البرنامج الذي يقدمه باسم يوسف هو أساس الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه هذه القناة في بناء الشخصية وتحقيق التميز والاستقلال، وكذلك القدرة على تحمل المسئولية واتخاذ القرارات المناسبة وكذلك دورها في بناء القيم والثقافة التي تساعد على التطوير والتحديث أو قبول الآخر والاعتراف بحق الاختلاف والسعي نحو اكتساب المعرفة وتشجيع الابتكار والإبداع وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة توفير المناخ الملائم والسائد لمجتمع المعرفة بكل أشكالها وكذلك تهيئة الظروف المناسبة لازدهار الإبداع وتشجيع الفكر والخطاب الحضاري والتنويري الذي يتفق مع المتطلبات العصرية والذي لا يمكن أن يتم في ظل أي شكل من أشكال أو أنواع الرقابة على أي نشاط ثقافي أو فكري فلا معنى لذلك كله من غير دعم الحرية والإبداع وتحريره من أي قيد مهما كانت مسميات هذا القيد الذي تقع تحته أي بنود الرقابة الضارة حتى لو كانت باسم ما يطلق عليه المصلحة العامة.
وتتخذ عمليات التقييد على حرية الفكر والإبداع أشكالاً مختلفة تندرج تحت ما يطلق عليه مرة اسم المصلحة العامة وأخرى اسم الدين أو الأخلاق وهي تسميات لا يراد منها معناها الحقيقي في حالات كثيرة وإنما يراد بها تبرير عمليات القمع الفكري وهيمنة الرقابة الجامدة على الإبداع بألوانه المختلفة والنتيجة هي كثرة ما نراه من مصادرات لأعمال الفكر والإبداع من ناحية، وتزايد وطأة الإرهاب الواقع على المفكرين والمبدعين من ناحية مقابلة وقد قال المرحوم يوسف إدريس ذات مرة "إن الحرية المتاحة في العالم العربي كله لا تكفي كاتبا واحدا" وهو قول كان في زمنه تعبيرا عن شعور جمعي بين المفكرين والمبدعين ضد كل أشكال الرقابة المنظورة وغير المنظورة، ولكننا عندما نقارن ما كان يحدث في زمن يوسف إدريس وما يحدث في هذا الزمان نلاحظ قدرا متزايدا متصاعدا من الوطأة القمعية لكل أشكال الرقابة، التي تؤثر في النهاية تأثيرا سلبيا في الإبداع وهي أشكال لا تنفصل عن ظواهر الإرهاب التي انتشرت في المجتمعات العربية واتخذت في الأغلب تبريرات دينية فضلا عن التبريرات السياسية التي لجأت إليها الأنظمة القمعية وكان من ضمنها ما يتبعه النظام الحالي من كبت للحريات وضرب للإبداع والتفكير وملاحقة وترهيب كافة الأجهزة الإعلامية التي لا تمتثل إلى تعليمات المرشد العام للإخوان المسلمين الذي يتولى هو وخيرت الشاطر فعليا حكم البلاد .
إن النظام الحاكم يتمسك بأن تتعامل كافة الأجهزة الإعلامية والصحفية باعتبارها أجهزة تابعة مباشرة لحكم الإخوان المسلمين وأن تعتبر أيضا بمثابة متحدث رسمي باسم هذه الجماعة من غير أن تؤدي وسائل الإعلام مهمتها المباشرة في التعبير عن مصالح الجماهير وهو ما يزيد من مدى التفاوت في الفهم والتجاوب بين الجماهير والمسئولين عن السلطات التنفيذية .
إن النظام ألإخواني الحاكم للبلاد نسى تماما وتجاهل أن الوظيفة الرئيسية لوسائل الإعلام هي مثل ما يقوم به الطبيب من تشخيص لتوضيح الحقائق ووضع خطة للعلاج وهو نفس الشيء الذي ينطبق على وسائل الإعلام من ضرورة إتاحة المناخ الملائم لاستنباط الحقائق من خلال ما تقوم به من عرض وتحليل كما تتطلب وظيفتها أيضا الاهتمام بالمتابعة والتفاعل مع الجماهير على اعتبار أن وسائل الإعلام من أهم الوسائل التي يمكن أن يعتمد عليها في التعبير، ولذلك فإن استقلالية أجهزة الإعلام عن الدولة يساعد في تمكينها من القيام بدورها دون تأثير أو ضغوط أو سيطرة أو رقابة من أي جهة ولكن هذه الاستقلالية لا يمكن أن تتحقق في ظل النظام الحاكم الديكتاتوري حيث يلجأ إلى الترهيب والترغيب والتخويف مستخدما في ذلك حرية اللجوء إلى القضاء فيقوم مساعدوه ومندوبوه ومريدوه وأعضاء جماعته بإقامة العديد من الدعاوى والقضايا التي تكبل حرية الرأي والفكر والإبداع وتحاول جاهدة في خنق كل ما هو جديد وإجهاده حتى تتلاشى حرية الإعلام والفكر والإبداع.
ينص العهد الدولي في مادته التاسعة عشر على أن لكل إنسان الحق في اعتناق ما يراه من آراء دون التعرض لأي مضايقة ويشمل ذلك حرية التعبير والحصول على المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها سواء في شكلها المكتوب أو المطبوع أو المسموع أو المرئي أو الفني وما يتبع ذلك من واجبات ومسؤوليات وبذلك يكون العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ميثاقا دوليا يضع أطرا عامة تحكم العلاقة بين الفرد والهيكل التنفيذي في المجتمع بما يحقق الحماية لحقوق الفرد في التمتع بحرية التعبير والرأي والاتصال، وقد وقعت الكثير من الدول على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إلا أن الكثير من القوانين المحلية لا تتوافق مع بنوده.
إن ما يقدمه الأستاذ الكبير باسم يوسف في برنامجه البرامج يمثل البرامج السياسية الساخرة في مصر وتوجيه تهمة له بإهانة رئيس الدولة محمد مرسي لتثير القلق بشأن حرية التعبير وبخاصة أن الدستور الجديد للبلاد يتضمن بنودا انتقدها الحقوقيون والقانونيون.
لقد اشتهر باسم يوسف، وهو طبيب، في أعقاب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011 بتقديم برنامج ساخر على شبكة الإنترنت شبه ببرنامج ديلي شو للمذيع الأمريكي جون ستيوارت، ثم تعاقدت قنوات تليفزيونية، بخاصة مع باسم يوسف لتقديم برنامجه السياسي الذي سخر فيه من عدد كبير من رموز السياسة في مصر وبينهم دكتور مرسي حتى أن بعض زملائه في القناة الخاصة لم يسلموا من انتقاداته وسخر باسم يوسف في إحدى حلقات برنامج البرنامج من استخدام مرسي المتكرر لكلمة الحب في خطبه وبدأ الحلقة بأغنية عاطفية محتضنا وسادة حمراء عليها صورة مرسي.
إن الدعوى الماثلة هي الأحدث في سلسلة قضايا التشهير بالإعلام والتي تعد نذير سوء لحرية التعبير في الوقت الذي تعيد فيه مصر تشكيل مؤسساتها بعد الإطاحة بمبارك وقالت هبة مورايف مديرة مكتب القاهرة بمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الأمريكية أن ما يتبعه النظام الحاكم يمثل التهديد الأكبر لحرية التعبير وثبت ذلك خلال الأشهر الماضية بازدياد لقضايا التشهير سواء كانت عن تهم التشهير بالرئيس أو بالقضاء ومن جانب آخر استنكرت الجبهة الحرة للتغيير السلمي ما وصفته بحملة الملاحقات القضائية والبلاغات ضد الإعلاميين والمبدعين، ورأت الجبهة في هذه الحملة محاولة لإرهاب الإعلاميين والمبدعين وكثر شوكة الثورة المصرية مؤكدة في الوقت نفسه على مطالبتها باحترام ميثاق العمل الصحفي والقواعد والأصول المهنية المتبعة في الإعلام بكافة صورة وجددت الجبهة تحذيرها لنظام جماعة الإخوان المسلمين من أن الاستمرار على نهج النظام السابق في التسلط وترسيخ الدولة الديكتاتورية سيؤدي به إلى نفس نهاية نظام مبارك.
إن الدعوى المطروحة وإحالة الإعلامي الكبير باسم يوسف إلى التحقيق بتهمة إهانة رئيس الجمهورية وكذلك توجيه إنذار من المطعون ضده الأول بسحب ترخيص قناة "سي بي سي" يمثل انتهاكا صريحا لحرية الرأي والتعبير والإبداع المكفولة بنص الدستور الذي تم تمريره في ظلام الليل والمشكوك في شرعيته.
ولما كان ذلك وكان الطاعن ومعه ملايين المصريين من عشاق ومشاهدي برنامج "البرنامج" لباسم يوسف الذي أصبح النافذة التي يلجأ إليها في ظل نوافذ الهم والغم والكبت والفقر والانهيار الاقتصادي والأمني والسياسي والأخلاقي التي فتحها حكم دكتور مرسي على المصريين، وبذلك فقد توافرت للطاعن الصفة والمصلحة في الطعن المطروح ويتوافر كذلك ركن الاستعجال لتوافر أركانه، حيث إن الإنذار ما هو إلا مقدمة لسحب الترخيص وإرهاب حرية الفكر والإبداع.
وبناء عليه، يلتمس الطاعن تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن وليسمع المطعون ضده الأول في مواجهة المطعون ضده الثاني الحكم :-
أولا : وبصفة مستعجلة : بعدم الاعتداد بالإنذار الموجه منه لقناة "سي بي سي" بسحب ترخيصها في حالة استمرار بثها لبرنامج البرنامج لحين الفصل في الموضوع وتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية بدون حاجة إلى إعلان.
ثانيا: وفى الموضوع : الحكم بعدم الاعتداد بالإنذار الموجه من المطعون ضده الأول لقناة "سي بي سي" بسحب ترخيصها في حالة استمرار بثها لبرنامج "البرنامج" وما يترتب على هذا الإنذار من آثار، واعتباره كأن لم يكن وتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية بدون حاجة إلى إعلان، مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.