شهادة صحفي من خارج "الوطن": نفى المصادر «تأكيد».. ونفى فريد الديب «تأكيد التأكيد»

مبدئياً لست صاحب مصلحة من تأكيد أو نفى يوميات الرئيس السابق فى السجن التى تنفرد بنشرها جريدة «الوطن».. الحقيقة وما فيها أننا كزملاء فى مهنة واحدة نستطيع أن نتلمس إذا ما كان هذا المنشور يمت للواقع بصلة أو مجرد ضرب من الخيال.. لذلك دعانى الزميل مجدى الجلاد رئيس تحرير «الوطن» بحكم عملى محرراً للشئون القضائية فى جريدة «اليوم السابع» للإدلاء بشهادتى حول ما ينشر فى ذلك.
هنا تكمن القضية.. لا أدعى علمى بالغيب ولكن بحكم حضورى لجلسات محاكمة القرن ال49 يمكن أن تفهم «الخيط الأبيض من الأسود» فى القضية.. صدمت كبقية القراء والزملاء عندما قرأت تفاصيل اليوميات وما بها من مغامرات وكواليس كشفت سلسلة من خداع الشعب المصرى وإيهامه بمسرحية هزلية عنوانها «مبارك محبوس.. لكنه مريض بأخطر الأمراض ومعرض للموت فى أى وقت لذلك وضعناه تحت الحراسة فى المركز الطبى العالمى».. فجأة تكتشف أنه يتحرك وينزل حمام السباحة ويلتقى كبار رجال الدولة والمسئولين من وفود الأجانب دون أى حرج أو حساسية.. عن أى حبس يتحدثون؟!!
علامات التعجب السابقة دفعتنى للبحث عن إجابات لما يدور من أسئلة فى ذهنى وبالتأكيد ذهن الزملاء والقراء.. هل ما ينشر حقيقة أم مجرد خيال؟ وإذا كان ذلك فمن أين حصلوا عليها وكيف صمت المسئولون عن ذلك؟
هل هى تسريبات لتهدئة الرأى العام قبل الحكم وفقا لنظرية المؤامرة.. أم مجرد خبطة صحفية التوقيت خدمهم فيها ليس أكثر؟
.. سألت نجل أحد اللواءات المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين والذى حكم عليهم بالبراءة بعد ذلك عن حقيقة هذه اليوميات، بحكم كونه ملازماً لوالده طوال هذه الجلسات بالإضافة إلى أنه يلتقيه عقب الجلسات ويتناقشان معاً بعد المحاكمة فى أمور عديدة ويتحدث إليه تليفونياً أيضاً.
المفاجأة أن هذا المصدر -الذى أثق فيه تماماً بحكم معرفتى الممتدة به- أكد لى صحة وحقيقة بعض ما ينشر فى هذه اليوميات وروى لى بالتفصيل كيفية خروجها وتسريبها، وحاول معى الإجابة على التساؤلات التى تدور فى الأذهان حول هل ستستمر جريدة «الوطن» فى نشرها.. ولماذا صمتت قيادات المجلس العسكرى والنائب العام على هذه التسريبات خصوصاً أنها تتضمن إدانة لهم وقد تثير الرأى العام ضدهم؟
مصدرى قال لى بالحرف الواحد وقائع مكتوبة نصاً فى «الوطن»، وأضاف على ذلك: ما ينشر ليس كل ما يقال لأن هناك أشياء حساسة تدور فى الكواليس وتناقش وتحمل إهانة لعدد من القوى السياسية وتحديداً الإخوان بالإضافة لأهالى الشهداء لم تنشر، وهو ما تأكد لى أيضاً من أصدقائى فى جريدة «الوطن» الذين كانوا يتحدثون بالصدفة أمامى عن تدخل رئيس التحرير مجدى الجلاد لعدم تورطه فى معارك مع هذه الشخصيات حرصاً عليهم ولكون الكلام مزعجا وسخيفا.
أخيراً تعلمنا فى الصحافة أن نفى المصدر -ليس كل المصادر بالطبع- تأكيد، وعندما يكون هذا النفى من شخصية بحجم فريد الديب، فاعلم أنه تأكيد التأكيد لأننى شخصياً تعاملت معه ونفى لى أكثر من واقعة ثبت صحتها بعد ذلك، كما أن أكبر دليل على مصداقية هذه اليوميات الصور المنشورة داخل الجلسات والتى لم يلتقطها أحد.. تحية للزملاء فى الوطن على هذا الانفراد وشكرا للقدر الذى كشف العديد من المهازل التى ربما تبشر بثورة جديدة.