القصير من الإسكندرية: كلنا خلف القيادة السياسية.. ومصر أولًا وفوق كل اعتبار    الكهرباء: الانتهاء من إصلاح عطل محطة محولات جزيرة الدهب وجاري فصل سيارات الطورائ    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 28 يوليو    كوريا الشمالية ترفض المصالحة مع الجارة الجنوبية    ترامب: الاتحاد الأوروبي وافق على شراء معدات عسكرية أمريكية    تتغيب عنه واشنطن.. انطلاق المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بنيويورك اليوم    الخارجية السودانية تدين إعلان قوات الدعم السريع «حكومة وهمية» وتطلب عدم الاعتراف بها    الداخلية تكشف ملابسات وفاة متهم محبوس بقرار نيابة على ذمة قضية مخدرات ببلقاس    مفيش واحدة عايزة تهد بيتها، بسمة بوسيل تكشف حقيقة عودتها لتامر حسني (فيديو)    هدى المفتي: ويجز فنان خطير.. وأغنية «البخت» ملهاش علاقة بيا    وائل جسار ل فضل شاكر: سلم نفسك للقضاء وهتاخد براءة    تنسيق الثانوية العامة 2025 بالقاهرة.. درجة القبول والشروط لطلاب الانتظام والخدمات    اصطدام جرار زراعى بقطار المناشى بالبحيرة أثناء عبوره السكة الحديد دون وقوع إصابات    منها «الاتجار في المخدرات».. ما هي اتهامات «أيمن صبري» بعد وفاته داخل محبسه ب بلقاس في الدقهلية؟    السيطرة على حريق بمصنع كريازي في العبور دون إصابات    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار كرتونة البيض في الأسواق اليوم الاثنين 28 يوليو 2025    رسمياً تنسيق الجامعات 2025 القائمة الكاملة لكليات علمي علوم «الأماكن المتاحة من الطب للعلوم الصحية»    الهند تعتزم نشر 40 عنصرًا من قوات الكوماندوس في ليبيا    «مكنتش بتاعتها».. بسمة بوسيل تفجر مفاجأة بشأن أغنية «مشاعر» ل شيرين عبدالوهاب.. ما القصة؟    بعد تصدره التريند.. استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري في التعاملات الصباحية ليوم الإثنين 28 يوليو 2025    الجبهة الوطنية بالمنيا: نعمل لصالح المواطن بعيدًا عن أي اصطفافات سياسية شكلية    كريم رمزي: جلسة مرتقبة بين محمد يوسف ونجم الأهلي لمناقشة تجديد عقده    مدرب بيراميدز يهاجم تحديد موعد المباراة تحت درجات حرارة قاتلة: "الأمر يتعلق بصحة اللاعبين وليس بالمنافسة"    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    لا أماكن بكليات الهندسة للمرحلة الثانية.. ومنافسة شرسة على الحاسبات والذكاء الاصطناعي    السيطرة على حريق أعلى سطح منزل في البلينا دون إصابات    تنسيق الكليات 2025، الحدود الدنيا لجميع الشعب بالدرجات والنسب المئوية لطلبة الثانوية بنظاميها    ردا على الأهلي، ماذا فعل الزمالك مع زيزو قبل لقاء القمة؟    حسين الشحات: لن أرحل عن الأهلي إلا في هذه الحالة، والتتويج أمام الزمالك أسعد لحظاتي    بعد 26 ساعة من العمل.. بدء اختبار الكابلات لإعادة التيار الكهربائي للجيزة    إسرائيل تفرض رقابة عسكرية مُشددة على المُراسلين الأجانب الراغبين في دخول غزة    رئيس الوزراء العراقي: لا تهاون في حفظ القانون وحماية مؤسسات الدولة    عبد الكريم مصطفى ينتظم في تدريبات الإسماعيلي بعد تعافيه من الإصابة    إصابة 5 أشخاص بحادث انقلاب سيارة في البحيرة    الأرصاد تحذر من ارتفاع الأمواج في عدد من الشواطئ (تعرف عليها)    القبض على عاطلين متهمين بهتك عرض زميلهم بشبين القناطر    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    الغندور يعلن رحيل نجم الزمالك.. ويكشف وجهته المقبلة    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة    مستشار ترامب ل "الفجر": إيران تلقّت ضربة عسكرية مباشرة بأمر من ترامب بسبب برنامجها النووي    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    وزير السياحة: ترخيص 56 وحدة فندقية جديدة و60 طلبًا قيد الدراسة    متخليش الصيف ينسيك.. فواكه ممنوعة لمرضى السكر    معاناة حارس وادي دجلة محمد بونجا.. أعراض وأسباب الإصابة ب الغيبوبة الكبدية    سعر الدولار فى التعاملات الصباحية اليوم الاثنين 28-7-2025 فى البنوك    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    المعهد القومي للكبد: مصر حققت إنجازًا عالميًا في القضاء على فيروس "سي"    الفندرى: الصفاقسى أتم تعاقده مع على معلول 3 مواسم.. ونرحب بعودة المثلوثى    أخبار × 24 ساعة.. توقعات بارتفاع الحد الأدنى لتنسيق كليات علمى من 1 ل2%    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حواراتنا العربية والخروج من الإيمان
نشر في الوطن يوم 30 - 03 - 2013

لا أدرى لماذا حين نتحاور بالعربية نقاطع ونعارض قبل أن يبدى المتحدث رأيه بوضوح. لا أدرى من أين للمُقاطع هذا اليقين بأنه يفهم ما لم يكتمل فى الحديث، وقد يجبر المتكلم على الدفاع عن أقوال لم يقلها؛ فيبدو الحوار عبثياً كأننا فى مصارعة، على المُقاطع أن يفوز بها حتى يستريح.
*
المقاطعة فى الحوارات باللغة الألمانية لا تحدث إلا فى حدودها الدنيا، ولعل السبب يرجع إلى أن الأفعال الألمانية -فى الجمل الشرطية مثلاً- تأتى فى نهاية الجملة، وبالتالى فإن المتحدث عليه أن ينصت للنهاية حتى يفهم المقصود من الكلام، بينما فى اللغة العربية يبدأ كثير من كلامنا بالأفعال، ولا ينتبه الأشخاص لبقية الجملة خصوصاً الزمن أو الحال أو الاستثناء أو بقية تركيبات الجملة، فالمهم هو: «ماذا فعل؟» و«من هو؟»، ليقاطع الشخص بمجرد سماع الفعل للدخول فيما يشبه المونولوج، باستعراض تجربته هو أو حكايات جانبية لأشخاص لا تعرفهم، لذا يرى من لا يعرف اللغة العربية أن العرب يتحدثون معاً فى الوقت نفسه ولا يعرف الغريب -الملاحظ لهذه الحالة- من يستمع لمن!
الظاهرة المصاحبة للمقاطعة هى ارتفاع نبرة الصوت وحدّته لمستويين مزعجين، يضطر لسماعهما من لا علاقة لهم بتلك الجلسة، وكلما علا صوته شعر الشخص الزاعق بسطوته على الجميع.
*
فى مدارسنا قديماً، كنا نهاب المدرس المتسلط الذى يعذب طفولتنا بواجبات مضنية، ثم يعاقب على الأخطاء أو السهو عقاباً نفسياً قاسياً بالتوبيخ، وبدنياً بما هو أشد. صديقى صلاح صاحب الجسم الرقيق ضربه المدرس فى المدرسة الإعدادية بعصا مقشة غليظة فانكسرت ذراعه. أتذكر القلق الذى أصاب ناظر المدرسة والمدرس المجرم، ومحاولاتهما لاسترضاء الوالدين حتى لا يحررا محضراً فى الشرطة، بدلاً من أن يكون ناظر المدرسة هو المبادر بعقاب المدرس بل وفصله من مجال التعليم.
علمونا أن نهاب المدرس القاسى وأن نهمل مع المدرس الطيب الذى يعاملنا بأسلوب رقيق ولا يضرب ولا يقرع، حتى أصبحت كلمة «طيب» تحمل معنى يبدأ من التساهل حتى يصل لدرجة السذاجة والعبط. حين كبرنا أدركنا أن هذا المدرس الطيب هو من نتذكره بكل تقدير ونكنّ له المحبة.
*
يبدو لى أن هذه الصياغة النفسية التى رسخت فى أعماقنا، صورة الشخص المتشدد والعادى، على مر سنوات طويلة، لا يمكن التخلص منها بسهولة؛ فالناس ما زالت فى العموم تبجل المتسلط ولو تزلفاً وتحكى عنه بهيبة. ربما أحد الأسباب التى ساعدت على ذلك هو النشأة فى مجتمعات عسكرية وبوليسية الطابع خلقت تراتباً فى المناصب نَشَعَ على الحياة المدنية بشكل خفى، حتى صار الناس يتعاملون مع بعضهم البعض كأنهم فى معسكر، وتصبح المحاكاة تدريجياً لصاحب الصوت الأعلى، فيقتنص لنفسه الأولوية فى أى حوار، ويفرض رأيه ويقاطع ويهاجم، ويشعر دائماً أنه على حق وعليه ألا يخسر «معركة الحوار» مهما حدث.
*
كما يبدو لى أيضاً أن هذه الصياغة النفسية التى رسخت فى أعماقنا على مر سنوات طويلة، تنضم إليها الآن سطوة الصوت الدينى العالى المتعالى فى عالمنا العربى تحديداً، الذى يُخرس أصوات أى رأى مخالف، بحجة القداسة ووجوب الانصياع، فلا تجوز المقاطعة، أما المخالفة الصريحة فسيكون حسابها عسيراً. ويتحول الحديث إلى اتجاه واحد: أن يسأل السائل العادى ويستفتى، وأن يستمع للرد والفتوى وينفذ، ولا يمكن بعدها محاورة هذا «المفتى الجديد»، لأنه أيضاً قد أصبح مجيّشاً بجيش سيُخرس أى انتقاد، جيش من الآلاف يهدد الرأى المخالف بالقمع والتنكيل والضرب وحتى حلّ الدم باعتبار الرأى الآخر خروجاً من الإيمان!
(فيينا، 28-3-2013)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.