كشف تقرير حقوقى صادر عن مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، بشأن وقائع الاتجار بالبشر فى سيناء، عن أن 70% من المهاجرين غير الشرعيين يتعرضون لحالات الاختطاف القسرى والاتجار بهم وابتزاز ذويهم. وقال المركز، فى تقريره، إن إحصاءات الأممالمتحدة للعام الماضى أوضحت أنه بمعدل 3 آلاف لاجئ إريترى يصلون إلى سيناء شهرياً، يختفى 70% منهم فى المناطق المعزولة بها، ويقعون فى الأغلب فى أيدى عصابات الاتجار بالبشر، ويجرى تعذيبهم وتهديدهم فى أوضاع غير إنسانية، فى فترة احتجازهم حتى التوصل لاتفاق مع ذويهم لإطلاق سراحهم، أو يتم العثور عليهم من جانب قبائل سيناء. وحسب رواية أحد شيوخ القبائل، فى بعض الحالات لا يستطيعون إنقاذ هؤلاء الأفراد أو يصلون إليهم بعد فوات الأوان. وأوضح التقرير أن الاتجار بالبشر يعرف بأنه «تطويع أو نقل أو إرسال أو إيواء أو تسلم أى شخص تحت التهديد أو باستخدام القوة أو الإكراه أو الاختطاف أو الخداع أو الاحتيال أو التعسف فى استخدام السلطة أو الوضع فى موقف ضعف أو دفع وتلقى مبالغ مالية مقابل سيطرة شخص على شخص آخر، بغرض الاستغلال». وقال إن ما سبق ينطبق على حالة الشاب الإريترى «سليمان»، الذى كان يتكسب من وراء إحضار المياه لأكثر من 125 سجيناً من إريتريا والسودان وإثيوبيا، المحبوسين فى منازل وإسطبلات الخيول بقرية المهدية برفح سيناء، وكان يعرف جيداً مكان السجناء، كما شهد على جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب هناك، وكاد يتعرض هو الآخر للقتل وبيع أعضائه بنفس الطريقة الإجرامية من قبل بعض القبائل التى تعمل بالأساس فى الاتجار بالبشر من مختلف الأماكن وتعذبهم إذا لم يكونوا من القادرين على دفع الفدية المطلوبة لإطلاق سراحهم. وكانت إحدى جماعات الاتجار بالبشر قد عرضت شراء سليمان ب50 ألف دولار أمريكى، بسبب اطلاعه على أماكن سجن وتعذيب وقتل المهاجرين غير الشرعيين والاتجار بأعضائهم، ونجا من القتل بعد أن حمته جماعة الشيخ «محمد المنيرى» من البدو. وقال مركز أندلس، إن تردى الأوضاع الإنسانية والغياب الأمنى فى سيناء بالشكل الذى يسمح بظهور تلك الأنواع من المعاملات، مؤشر خطر على الحدود المصرية، كما أن الاتجار بالبشر هو الأمر المستقر دولياً على إلغائه ومنعه بجميع صوره منذ قرن مضى، لما يتعلق بمسألة الاتجار من امتهان للكرامة الإنسانية وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان الأساسية وحريته. وأشار إلى أن التعامل الأمنى مع اللاجئين على الحدود، من ضبط مئات من المهاجرين غير الشرعيين، خصوصا من إريتريا وإثيوبيا والسودان، وإيداعهم بأقسام الشرطة بسيناء وصعيد مصر، دون التحقيق معهم أو حتى إعادتهم إلى بلادهم أو عرضهم على مكتب مفوضية الأممالمتحدة للاجئين - هو أحد أسباب استغلال عصابات الاتجار بالبشر لهذه الحالات. وأوضح المركز، أن مسألة الاتجار بالبشر أمر محرم دولياً تبعاً لمختلف المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحريته، التى من المفترض أن تلتزم مصر بها، كما أن الغياب الأمنى الواضح و«إهمال الأوضاع الإنسانية والأمنية» فى سيناء هو نذير خطر على جميع الأصعدة وأمر يهدد الأمن القومى، فوجود تلك العصابات دليل على عدم السيطرة على الحدود الشرقية للبلاد. وطالب التقرير الدولة المصرية بالالتزام بالتحقيق فى واقعة الشاب سليمان، وحمايته من التجار الذين يستهدفون حياته نتيجة لعلمه بأماكن سجن وتعذيب وقتل ضحاياهم، كما يطالب الحكومة بالالتزام بمبادئ الاتفاقيات التى كانت مصر طرفاً فيها، مثل اتفاقية الأممالمتحدة عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكول عام 1967 الملحق بها، واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية التى تحكم الجوانب المختلفة لمشاكل اللاجئين فى أفريقيا، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، المُصدق عليها عام 1993، وجرى العمل بها بعد ذلك عام 2003. وأشار التقرير إلى أن البرلمان الأوروبى أصدر فى جلسته المنعقدة بستراسبورج فى 15 مارس 2013، قراراً بشأن مسألة الاتجار بالبشر فى سيناء، وتضمن القرار مجموعة من التوصيات للحكومة المصرية تأكيداً على مجموعة من المبادئ والحقوق الأساسية؛ وحث السلطات المصرية على الالتزام بتشريعاتها المحلية والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها بهذا الشأن، وضرورة توفير الحماية لضحايا الاتجار بالبشر والعمل على منعه، وحث السلطات المصرية على اتخاذ تدابير لإعادة تأهيل حالات الاتجار بالبشر وإعطاء مجال للمنظمات الحقوقية للقيام بدورها فى هذا الصدد. وذكر التقرير أن نحو ألفى شخص يدخلون إسرائيل عن طريق سيناء كل شهر، والعديد منهم يساعده مهربون، قد شكّلوا شبكة لها حجمها بالمنطقة، ولكن طبقاً لتقديرات الحكومة الإسرائيلية، فإن نحو 50 ألف أفريقى دخلوا إسرائيل بطريقة غير شرعية من سيناء منذ 2005.