سيدى الرئيس.. تمنيت لو أتيحت لى فرصة مقابلتك لأنصحك شفاهة، لكنها الظروف.. بداية أنصحك بألا تخلط بين قروشك المعدودة والمال العام الذى هو مقدرات وطن؛ لأنك لو بدأت باللعب فى مقدرات الوطن فسوف تنتهى باللعب فى «مناخيرك». ولا تنس أنه حتى تصل إلى القصر الجمهورى، فقد مررت بشوارع وميادين تلطخ أسفلتها بدماء زكية طاهرة لشهداء هم من خيرة شباب مصر الذين لولاهم ربما كان مكانك ولسنوات مقبلة على بُرْش فى سجن حقير. تذكر أن الناس طَلَّقَت الخوف ب«التلاتة»، وأنها حين تثور فإن الآلة الأمنية الجهنمية لن يراها الثوار غير لُعَب أطفال. وتذكر أن جبال الصبر التى كانت فى حوزة المصريين قد استُهلِكت على بكرة أبيها؛ لذا فإن أرواح الناس فى «مناخيرها»، وقيامهم بثورة أسهل وأقل تكلفة من قضاء الحاجة فى تواليت أو فى خرابة أو حتى فى الطريق العام، ومن هنا تأكد أن مصرعك فى نومك، أى أنك لن تنام؛ حيث إنك لست عُمَر الذى حكم فعَدَل فأَمِن فنام. هذا وأنصحك بنصيحة ربما تستهجنها ولا تتقبلها، لكنها الحقيقة أقولها ليستريح ضميرى ولتشرب أنت سيدى الرئيس من البحر، أنصحك بالتخلص من زوجتك؛ حيث جميع المصائب تأتى من تحت رأس النساء؛ إذ سوف تَزِنّ على ودانك وهو زن يفوق السحر، خاصة حين يأتى من سيدة جميلة، أى ليست كحريمنا، سوف تحدثك عن المحروس ننى عين أمه ولدكم، وبالتالى سوف تتركه يعبث بيديه فى البلد وفى جيوب الناس وتحت ملابسهم؛ حيث يتصرف بوصفه الوريث الحصرى للبلاد والعباد. كما أنصحك سيدى الرئيس بتعلم القراءة «أقصد حب القراءة»، وذلك حتى تقرأ عن الرؤساء الذين سبقوك وتعرف ما كتبه عنهم الأعداء قبل الأصدقاء فتقتدى بهم. وتعرف كيف يكون لك رصيد فى قلوب الشعب وإن متَّ فقيراً، أى تخرج من الدنيا نظيفاً طاهراً؛ إذ كثيراً ما تصبح مليارات الجنيهات أقذر وأنجس وأعفن من قاذورات الصرف الصحى، وربما حصولك على قرض لزواج ابنك أطهر وأشرف لك من زواج أسطورى بمال الشعب. السيد الرئيس.. أنصحك حين تتنقل من مكان لآخر ألا تترك المسئولين عن أمنك يلقون بالعساكر فى الشوارع لساعات طوال، يلقونهم وكأنهم مخلفات مبانٍ وليسوا بشراً، أو على الأقل كأنهم عبيد مسخرون لخدمة جنابك، وأنصحك بألا تترك القائمين على أمنك يغلقون الشوارع بالساعات عند مرورك وكأنها شوارع أبيك اشتراها من عرق جبينه، أما إذا أدمنت الإمساك بالمقص لتقص شريطا هنا وشريطا هناك بمعدل يومى، وهى مشروعات معظمها وهمى، وبعضها تقص شريطه أكثر من مرة.. لو أدمنت هذا المقص أنصحك بأن تفتح صالون حلاقة أفضل وأكرم لك. السيد الرئيس.. كتبت كلماتى هذه لإراحة ضميرى ولا أنتظر منك جزاء ولا شكورا؛ لأن «الحداية لا تحدف كتاكيت» كما أننى لا أخشى بطشك؛ لأننى واحد من الشعب الذى خلع ثوب الخوف وأحرقه، كما أننا تقريباً على البلاطة، أى ليس لدينا ما نخاف ضياعه، وفوق كل هذا فأنا على أعتاب الستين ومن هنا يصبح الموت بالنسبة لى مكافأة نهاية خدمة.