أودعت محكمة شمال القاهرة، برئاسة المستشار بشير أحمد عبدالعال وعضوية المستشارين سيد عبدالعزيز تونى وطارق أبوزيد، حيثات حكمها فى القضية رقم 1430 لسنة 2011 كلى شرق القاهرة، والتى قضت فيها بمعاقبة «زكريا حسين محمد عزمى»، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق بالسجن لمدة 7 سنوات وتغريمه مبلغ 36 مليون جنيه وألزمته برد مثل هذا المبلغ بعدما أدانته بالكسب غير المشروع. قالت المحكمة فى أسباب حكمها: إن زكريا حسين محمد عزمى قد بدأ اتصاله بالوظيفة العامة عام 1960 فور تخرجه فى الكلية الحربية ضابطا بسلاح المدرعات يحمل شرف الانتماء للعسكرية المصرية، وانتهت صلته بها بتقديم استقالته بتاريخ 30/3/2011 من آخر وظيفة عامة تولاها وهى رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وما بين هذا التاريخ وذاك تقلد مناصب عدة واكتسب صفات نيابية وحزبية، حيث ألحق بالعمل بالحرس الجمهورى فى أغسطس 1963 ضابطا بكتيبة المدرعات ثم بمكتب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومى ورئيس الديوان إلى أن استقال من الوظيفة العسكرية برتبة مقدم فى 31/8/1974 وعاد للعمل بوظيفة مدنية بمكتب رئيس ديوان رئيس الجمهورية اعتبارا من 1/9/1974، واستطاع خلال تلك الفترة أن يصبح محل ثقة مفرطة من رؤسائه فعُيِّن مديرا لمكتب رئيس الديوان فى 1/1/1975 وتدرج فى مسالك تلك الوظيفة إلى أن تبوأ مقعد رئيس الديوان فى 22/3/1989 وظل فيه إلى أن تقدم باستقالته من هذا المنصب.. وفى خلال تلك الفترة بزغ نجمه وذاع صيته باعتباره صاحب المشورة المقبولة والكلمة المسموعة والمسيطر على الأمور، ثم حمل أيضا أمانة الصفة النيابية وانتخب عضوا بمجلس الشعب اعتبارا من 1987 ولعدة دورات حتى حل المجلس فى 2011، وأمينا عاما مساعدا للحزب الوطنى المنحل من عام 2006 حتى استقالته من هيئة مكتب الحزب فى يناير 2011، وقد طوعت تلك الوظائف المدنية والصفات النيابية والحزبية للمتهم أمر الحصول على الكسب الحرام دون وازع من ضمير أو رادع من قانون بما يخرج عن مقتضى الأمانة والنزاهة المفترضة فى الموظف العام ومن فى حكمه، وساعده على ذلك الديكتاتورية السياسية والبيروقراطية الإدارية التى سادت هذا العصر فاستوحش الفساد السياسى والأخلاقى فاستغل المتهم هذا المحيط الفاسد الذى أسهم فيه بنصيب وجعل من سلطان وظيفته العامة وصفاته النيابية والحزبية وسيلة للحصول على مكاسب غير مشروعة لنفسه ولزوجته على حساب الشعب الذى عانى فى السنوات الأخيرة من فقر وتردٍّ فى مستوى المعيشة وما تبعه من تردٍّ فى الأخلاق وغياب الوعى؛ آية ذلك أن المتهم قد بدأ حياته الوظيفية لا يملك من متاع الدنيا سوى دخله من الوظيفة العامة ثم تزوج من بهية عبدالمنعم سليمان حلاوة (الخصم المدخل) سنة 1968 وأقام فى مسكن مؤجر بحى مصر الجديدة ولم يكن لها هى الأخرى من مصادر للدخل سوى دخلها من وظيفتها بمؤسسة الأهرام الصحفية التى التحقت للعمل بها سنة 1977، وقد استمرا فى سنوات حياتهما الزوجية الأولى خاليى الوفاض من أية ثروة أو ممتلكات سوى دخلهما من عمليهما والذى يكفى بالكاد نفقاتهما المعيشية، إلا أن ثروة المتهم ومصادر دخله أخذت تتزايد مع ارتقائه فى الوظيفة العامة وتقلده لمناصب واكتسابه الصفات المار بيانها نتيجة ما اكتسبه من مال حرام لاسيما بعد أن تبوأ منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية فتملك العقارات فى أنحاء مختلفة من البلاد وتعامل فيها بيعا وشراء واتخذ لسكناه وزوجته قصرا مشيدا فى منطقة أرض المشتل فى منطقة القاهرةالجديدة اقتنيا فيه أفخر الأثاث وأثمن الهدايا والتحف، كما امتلك مصيفا بالساحل الشمالى والإسكندرية ومشتى على البحيرات المرة بالإسماعيلية وسيارات باهظة الأثمان له ولزوجته، إضافة لتضخم حساباته إيداعا وسحبا ببنوك عدة أظهرها «البنك الأهلى المصرى والبنك المصرى الأمريكى وبنك كريدى أجريكول»، وحقق من وراء كل ذلك كسبا غير مشروع له ولزوجته بلغ مقدار ما أمكن حصره منه 36376843 جنيها، وكان ذلك نتيجة استغلال المتهم لأعمال وظيفته وصفاته النيابية والحزبية ومن صور ذلك الاستغلال وما حققه المتهم لنفسه من كسب غير مشروع. وأضافت المحكمة أنه حصل لنفسه على قطع من الأراضى بمنطقة أبوسلطان بالبحيرات المرة بالإسماعيلية بلغت مساحتها اثنى عشر قيراطا وثمانية أسهم وثلاثة أرباع السهم، أقام عليها بناء على مساحة مائة وثلاثين مترا، وهى منطقة متميزة وليست متاحة للكافة من أبناء الشعب اختص بها المسئولون المؤتمنون عليها بعض كبار المسئولين ورجال الدولة فى غياب من الشفافية وبالمخالفة للقانون، حيث إن تلك الأرض ضمن أراض ممتدة من الإسماعيلية حتى حدود السويس على شاطئ البحيرات المرة وهى طرح بحر وتعتبر فى حكم الأراضى الصحراوية طبقا للقانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية ومن أملاك الدولة الخاصة للقانون رقم 7 لسنة 1991 ولا يجوز وضع اليد عليها أو تملكها، فضلا عن أنه لم يكن للمتهم أو زوجته وضع يد فعلى على تلك الأرض، ورغم ذلك تدخل المتهم بسلطان وظيفته لدى محافظ الإسماعيلية الأسبق «عبدالمنعم عمارة» الذى كان قد أصدر القرار رقم 1222 لسنة 1980 بتشكيل جهاز تخطيط وتنمية البحيرات المرة برئاسته ونقل إليه ملكية تلك الأرض بالقرار رقم 972 لسنة 1982 فوافق المحافظ على تخصيص قطعتى أرض مساحتيهما ستة قراريط وثمانية أسهم وثلاثة أرباع السهم لزوجة المتهم بهية عبدالمنعم سليمان حلاوة عامى 1988 و1989 وقطعتين أخريين حصل عليهما المتهم لنفسه من المحافظين اللذين تعاقبا على المحافظة من بعده سنة 1992 و2006 مساحتيهما ستة قراريط وتقدر قيمة تلك الأرض حسبما ثبت بتقديرات خبراء إدارة الكسب غير المشروع وما جناه المتهم منها من كسب غير مشروع مبلغ مليون جنيه، وتدخل المتهم لدى وزير الإسكان الأسبق «محمد إبراهيم سليمان» مستغلا فى ذلك سلطان وظيفته وصفته النيابية للحصول على مساحة 1725 مترا بمنطقة أرض المشتل شمال الشويفات بالقاهرةالجديدة لزوجته (الخصم المدخل) وهى منطقة متميزة تقع ضمن مناطق عدة مميزة بالقاهرةالجديدة لم تكن متاحة لكافة أفراد الشعب بغير موافقة وزير الإسكان الأسبق قدّر الخبراء قيمتها وقت المعانية بمبلغ مقداره عشرة ملايين جنيه. وحصل على شقة سكنية بالطابق التاسع والأخير كما حصل أيضاً على العقار رقم 21 شارع فريد مصر الجديدة مساحتها 458 مترا رغم صدور قرار إزالة من حى مصر الجديدة لذلك الطابق والطابق الثامن لإقامتهما بدون ترخيص فاستغل المتهم سلطان وظيفته وعلاقته الملتبسة مع مالك العقار «إبراهيم وجدى كرار» وابتاع منه تلك الشقة لنفسه بسعر متدن مقداره 425 ألف جنيه وهو ما لا يتناسب مع السعر الحقيقى وقت الشراء، ثم تصرف فيها بالبيع بتاريخ 3/6/2010 بمبلغ مقداره أربعة ملايين و354 ألف جنيه محققا بذلك ربحا مقداره 3 ملايين و929 ألف جنيه. وحصل المتهم على عطايا من بعض المؤسسات الصحفية القومية المملوكة للشعب «الأهرام وأخبار اليوم ودار التحرير» التى دأب رؤساء مجالس إدارتها المتعاقبون -لحاجة فى نفوسهم- على إرسال مثل تلك العطايا على رأس كل عام لكبار المسئولين فى الدولة ومنهم المتهم الأول الذى كان فى ذلك الوقت صاحب النفوذ والمشورة المقبولة والكلمة المسموعة، وقد اشتمل ما أمكن حصره من تلك العطايا على أشياء غالية الأثمان من قبيل المجوهرات والساعات ورابطات العنق والعطور والمشغولات الجلدية، وبلغت قيمة ما اكتسبه المتهم من مال حرام من مؤسسة الأهرام الصحفية مليونا وأربعمائة وخمسة آلاف وثلاثمائة وخمسين جنيها خلال الفترة من 2006 حتى 2011، ومن مؤسسة أخبار اليوم مليونا وتسعمائة وخمسة وأربعين ألفا ومائة وخمسة وستين جنيها.. واستندت المحكمة على ما ثبت بتقرير لجنة خبراء الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة بوزارة العدل أنه بفحص عناصر الذمة المالية العقارية والمنقولة والسائلة الخاصة بالمتهم الأول وزوجته (الخصم المدخل) طبقا لما انتهى إليه تقرير الخبراء الهندسيين أعضاء اللجنة وبعد حصر كافة المبالغ التى حصل عليها كل منهما من جهات عمله تحت كافة المسميات وذلك من تاريخ التحاقه بعمله حتى تاريخ الفحص وفى ضوء المستندات المقدمة فى الدعوى وبعد فحص اعتراضات المتهم الأول والخصم المدخل وما قدماه من مستندات وبعد احتساب النفقة المعيشية المناسبة لهما، فقد تبين للمحكمة وجود مصروفات غير معلومة المصدر مقدارها 8 ملايين و781 ألفا و773 جنيها، بالإضافة إلى أربعة ملايين و265 ألفا قيمة أثاث ومفروشات الفيلا رقم 5 شمال الشويفات أرض المشتل بالقاهرةالجديدة لا يقابلها جميعها مصدر دخل مشروع للمتهم وزوجته.