«كريم أرزقى، شغّال باليومية فى البلاط، لسه عريس، متجوز من 8 شهور بس ومراته حامل فى الشهر السادس، حسبى الله ونعم الوكيل فى الداخلية اللى قتلته»، كلمات قالها والد الشهيد كريم السيد عطعوط الذى توفى يوم الجمعة إثر إصابته ب3 طلقات رصاص فى الجسم والرأس خلال الاشتباكات الدامية التى وقعت أمام مديرية أمن بورسعيد. «الوطن» التقت أسرة الشهيد بمنطقة مساكن النصر بالضواحى، حيث لا يفصل بينهم وبين سور مركز قوات الأمن سوى أمتار قليلة. ما تلبث دموع والده وأشقائه أن تجف حتى تنهمر من جديد كلما نظروا إلى ذلك المبنى الذى تقبع فيه قوات الأمن المركزى الملاصق لبيتهم. والد الشهيد رجل أسمر البشرة عمره 63 سنة يقول: «صعبان علىّ قوى إن الداخلية بتاعتنا هى اللى قتلته، أمّال سيبنا إيه لليهود؟ ضربته فى إيده طلقتين قلنا ماشى، لكن توصل لأنهم يضربوه فى راسه والطلقة تدخل مخه؟ دا ما يرضيش ربنا أبداً». يتهدج صوت الأب ثم يدخل فى نوبة بكاء طويلة، حينئذ يكمل عبدالعزيز شقيق كريم الذى يعمل ب«اليومية» أيضاً فيقول: «كريم شاب عمره 31 سنة بيشتغل فى البلاط. وبيجرى ورا أكل عيشه، عشان عليه أعباء مادية كتيرة، بيدفع إيجار شقة 500 جنيه فى الشهر»، ثم يتابع: زوجته حامل فى الشهر السادس وتحتاج إلى مصروفات كبيرة فى علاجها «لأنها كل يوم عند الدكتور». يتنهد ويرجع ظهره إلى الخلف ويكمل: آخر مرة شفت فيها كريم كانت قبل ما يموت ب5 أيام.. كان ينصحنى بالابتعاد عن المظاهرات. بعد أن أطلقت قوات الشرطة النار علىّ يوم 26 يناير الماضى خلال عودتى للبيت من طريق السجن بعد انتهاء العمل، الرصاصة خرمت الجاكيت وربنا نجانى وهو مات. يشير عبدالعزيز بإصبعه إلى مبنى قوات الأمن المركزى المجاور لهم ويقول: «أخويا كان مروّح من شغله راجع ب30 أو 40 جنيه وانضرب عليه نار، هما دول اللى قتلوه، ولو عاوزين يقتلونى يقتلونى، (ثم يدخل فى حالة بكاء هيستيرى)، ويكمل وهو غارق فى دموعه: «إنهم يستهدفون الشباب اللى زى الورد». يضيف عبدالعزيز: تلقينا خبر إصابة كريم بعد الثامنة مساء، وهرعنا إلى المستشفى الأميرى، وهناك قرروا نقله إلى مستشفى الإسماعيلية الجامعى. كان أخى يحتضر وقتها. لم يستقبله المستشفى لعدم وجود أماكن بغرف العناية المركزة، فتم تحويله إلى المستشفى المركزى بالإسماعيلية. وفى تمام التاسعة صباحاً من يوم الجمعة أخبرونا بوفاته رغم تأكدنا من ذلك. كان يرافقنا خلال رحلة علاجه أكثر من 100 شاب من حبايب وأصدقاء كريم، لأنه كان «محبوب من طوب الأرض» وانتظرنا «البيه» وكيل النيابة 6 ساعات. وانتظرنا الطبيب الشرعى 5 ساعات أخرى حتى جاء من الزقازيق «يعنى محافظة الإسماعيلية كلها مفهاش ولا طبيب شرعى؟». إبراهيم عطعوط عم كريم يجلس إلى جوار عبدالعزيز يتجاذب أطراف الحديث ويقول باكيا: «غسلت ابنى بإيدى كان متقطع، الرصاص فى كل حتة فى جسمه؛ طلقتين فى إيده اليمين، وأخرى نافذة فى الجبهة بالرأس. دكتور المخ والأعصاب كشف عليه وعمل أشعة وشاف مكان الطلقة وقال ماقدرش أعمل حاجة وخيط راسه، ولما مات الطبيب الشرعى فتح راسه وخد جزء من مخه فى كيس إسود لأنه ملقيش الرصاصة وقال إنها بتتحرك فى الجسم لكن مساعده اكتشف الرصاصة بالصدفة تحت العين بعد انتهائه من التشريح. فى تلك اللحظات ينفعل الرجل ثم يرتفع صوته ويقول: «ربنا يحرق البلد واللى ماسكينها زى ما حرقوا قلوبنا على ابننا. أخبار متعلقة: بورسعيد.. المدينة الغاضبة الأحداث الأخيرة تكشف: المستشفيات خارج نطاق الخدمة الحكم واحد ورد الفعل مختلف: أهالى المتهمين يروون تفاصيل «الساعات الثقيلة» المتهم «البرىء» فى «مجزرة بورسعيد»: مصر كلها متهمة «أشرف» بعد البراءة: ولدت من جديد والصدفة جعلتنى متهماً «الوطن» ترصد: مسيرات ليلية غاضبة فى شوارع بورسعيد.. والعصيان يفرض نفسه «السلفية الجهادية»: الحكم فى المجزرة «طاغوتى مسيس»