شريف «أحمد عز» رجل الأعمال الشاب يُبلغ الشرطة عن اختفاء زوجته الحامل سارة «روبى» بعد دخولها إلى أحد المراكز التجارية.. يتولى التحقيق الضابط الشاب فاروق عبدالكريم بأداء متميز يبشر ببداية جديدة ومختلفة وناضجة للفنان محمد رجب، ربما تتردد فيها بعض أصداء طريقة أداء ضباط السينما الأمريكية، وإن قدّمها بنكهة مصرية تمزج بين خفة الدم و«غلاسة» المحقق.. ساعد فى ذلك أن السيناريو يقدم نموذجاً مغايراً للنمط التقليدى، فنحن بإزاء ضابط شرطة ذكى لمّاح مقتحم، يمارس عمله بحرفية ومهارة، إنه الضابط الشاطر الذى يقع -رغم كل مواصفاته- ضحية قاتل أذكى وأشطر! «الحفلة» إجابة مطوّلة عن السؤال التقليدى فى هذا النوع السينمائى.. من القاتل؟ ومحاولة مجانية من الكاتب المؤلف المنتج وائل عبدالله تشهد بخبرته وسعة اطلاعه على هذه النوعية من السينما الأجنبية، فهو يوزع الشك، بدرجات متفاوتة، على كل شخصيات الفيلم تقريباً، المستفيدين، أو من الممكن أن يكونوا متورطين لسبب أو لآخر فى جرائم اختلاس أو تهديد بالإفلاس، وقد برع فى زرع نوع من الريبة فى ذهن المتفرج لتنوع الدوافع ومنطقيتها اللحظية.. نتابع، مع المحقق، كمشاهدين، رحلة البحث عن المخطوفة فى إيقاع متدفق للمونتير أحمد حافظ وكاميرا بالغة الحيوية لأحمد مرسى راحت تقتحم الشخصيات وكادت تنفذ تحت جلودها من خلال لقطات مكبَّرة للوجوه تقتنص التعبيرات والانفعالات، وموسيقى لعمرو إسماعيل تتآلف مع المشاعر داخل المشهد مضيفةً نوعاً من الخوف والقلق وتساهم فى رفع درجة التوتر لدى المتفرج، لكن السيناريو الذى زرع الشك فى الهواء.. وحصد اللاشىء، تلاعب، عبر تقنية عالية، بالمتفرجين، إلى ما قبل النهاية بدقائق ثم تمخَّض فولد قِزْماً هَرِماً.. فإذا بالمخطوفة قُتلت بيد الزوج الملتاع الذى نراه، وهو القاتل، يتذكر بعض اللحظات الجميلة فى حياتهما وهى محاولة ساذجة اقترفها السيناريو للتمويه.. كان شريف قد اكتشف خيانتها بكَوْنها «حامل»، وهو يعلم أنه عقيم، فيدبِّر مخططاً للتخلص منها بمساعدة نرمين «سالى شاهين» -سكرتيرة رجل الأعمال الكبير مراد «تميم عبده» زوج والدة القتيلة- التى تتواطأ -أى نرمين- مع شريف انتقاماً من مراد الذى نكص عن وعده بالزواج منها، إضافة لكراهيتها لسارة لإعاقتها مشروع الزواج وهى دوافع هزيلة لا تبرر الإقدام على المشاركة فى ارتكاب جريمة قتل، فالقتيلة، رغم حب مراد الشديد لها، ليست ابنته! سلسلة من التحقيقات والمطاردات ونشر الشكوك حول كل المحيطين بالمخطوفة، القاطنين فى مجتمع مغلق داخل مجمّع سكنى خاص بالأثرياء، المهمومين بالصفقات والمؤامرات، جارتها نانسى «جومانة مراد» المطلقة الباحثة عن المال عند كل الرجال المُوَقِّعة على شيكات بمبلغ عشرة ملايين جنيه من دون رصيد، وهى ذات قيمة الفدية المطلوبة، وجارهم ممدوح «محمد ممدوح» موظف البنك المتورِّط فى اختلاس أموال المودعين وخسارتها فى البورصة، ومراد الذى قرر تفعيل وثيقة التأمين الخاصة بسارة، لتنتهى التحقيقات بتوجيه التهمة إلى خطيب سارة السابق حسام «تامر هجرس»، حيث وُجدت جثتها -حسبما خطَّط الزوج- أمام شاليه حسام وبداخله حقيبة بها الملايين العشرة! استخدم السيناريو أسلوب الروايات المتعددة مع ما حدث فى الحفلة مع اختلاف الشخصيات والتفاصيل لتعميق جرعة الشك والتشويق، ودَعَمَها المخرج بتنفيذ، بالغ فيه قليلاً، باستخدامه موتيفة متكررة للقطات مونتاجية سريعة تأتى، من وجهة نظره، كتمهيد للعودة إلى الحفلة، لكن ذلك يبدو كحرث فى البحر، وتلاعباً مجانياً بتوقّعات المشاهد الذى يُدرك أنه قد غُرّر به ومعه قرينه ومُمثله داخل الدراما ضابط الشرطة «البارع»! فى «الحفلة»، فيلمه الروائى الثانى، وكما فى فيلمه الأول «بدل فاقد»، يبدو المخرج الشاب أحمد علاء الديب، ممتلكاً للحرفة، متمكناً من أدواته، مدركاً قيمة باقى عناصر الفيلم من تصوير ومونتاج وموسيقى، مولياً اهتماماً واضحاً بإدارة الممثل، لكنه -للأسف- يُصر على إهدار وتبديد هذه القُدرات!