وزير البترول: نقترب من بدء تنفيذ المسح الجوي الجديد لأول مرة منذ عام 1984    "التخطيط لمستقبل مشترك".. مصر والاتحاد الأوروبي يختتمان أسبوع البحث والابتكار المصري–الأوروبي 2025    الإعلام الإسرائيلى يتهم القاهرة "بالنفاق" واستغلال أزمة غزة لتصفية حساباتها مع إسرائيل.    بث مباشر مجانًا القنوات الناقلة لمباراة المغرب وعمان في كأس العرب 2025 وموعدها    غلق كلي لشارع 26 يوليو لمدة 3 أيام وإجراء تحويلات بديلة    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    اليوم ..ضعف المياه بمدينة طهطا في سوهاج لأعمال تطهير بالمحطة السطحية    "المشاط" تشهد فعاليات جوائز التميز العربي وتهنئ "الصحة" لحصدها أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الحكومي    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    رئيس الوزراء الهندي يعلن عن اتفاقية مع روسيا تمتد لعام 2030    من هو زعيم مليشيات غزة بعد مقتل ياسر أبو شباب    كأس العرب| إيقاف نجم البحرين 3 مباريات وتغريمه بعد الاعتداء على لاعب العراق    إيديكس 2025.. وزير الدفاع ورئيس الأركان يعقدان عددا من اللقاءات الثنائية    انطلاق معرض "صنع في هندسة بنها" الاثنين المقبل    الدرندلى وحسام وإبراهيم حسن أمام البيت الأبيض قبل قرعة كأس العالم 2026    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    كأس العرب - وسام أبو علي يكشف حقيقة مشاركته مع فلسطين في البطولة    وكيل الجفالي يكشف حقيقة فسخ تعاقده مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    رئيس جامعة القاهرة: نولي اهتمامًا بالغًا بتمكين أبنائنا من ذوي الإعاقة    تحرير 231 محضر مخالفات تموينية وضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بالمنوفية    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 5-12-2025 فى المنوفية    تعرف على أبرز حفلات ساقية الصاوي في ديسمبر    زي المطاعم، طريقة عمل رولات الدجاج المحشية    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    إعلام إسرائيلي: انتحار ضابط في لواء جفعاتي بسبب مشكلات نفسية    حوكمة الانتخابات.. خطوة واجبة للإصلاح    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    علي ماهر: تدريب الأهلي حلمي الأكبر.. ونصحت تريزيجيه بألا يعود    بوتين ومودي يبحثان التجارة والعلاقات الدفاعية بين روسيا والهند    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    مراجعة فورية لإيجارات الأوقاف في خطوة تهدف إلى تحقيق العدالة    ضمن «صحّح مفاهيمك».. أوقاف المنيا تنظّم ندوة بعنوان «احترام الكبير»    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    خاطر يهنئ المحافظ بانضمام المنصورة للشبكة العالمية لمدن التعلّم باليونسكو    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    نتائج االلجنة الفرعية رقم 1 في إمبابة بانتخابات مجلس النواب 2025    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    بشير عبد الفتاح ل كلمة أخيرة: الناخب المصري يعاني إرهاقا سياسيا منذ 2011    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوطن" تنشر النص الكامل لكلمة الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
نشر في الوطن يوم 21 - 09 - 2016

تنشر "الوطن" النص الكامل لكلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وجاء نصها كالآتي:
السيد بيتر تومسون
أهنئكم على تولي رئاسة الجمعية العامة في دورتها الواحدة والسبعين، متمنيا لكم التوفيق فى إدارتها.
كما أعرب عن التقدير للسيد موجينز ليكتوفت، رئيس الدورة السابقة على جهوده وإسهاماته.
تنعقد الدورة الحالية للجمعية العامة بعد أن أطلقنا مرحلة جديدة لتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها؛ البيئية والاقتصادية والاجتماعية، باعتمادنا لأجندة التنمية 2030، ووثيقة أديس أبابا لتمويل التنمية العام الماضي.
ومما لا شك فيه أن تطلع الشعوب، خاصة النامية، لمستوى حياة لائق ونمو مضطرد لهو المسؤولية الرئيسية التى نتحملها كقادة وضعت الشعوب ثقتها فينا، وحملتنا هذه المسئولية وفاء للمبادئ الانسانية التي تقود مساعينا.
ولكن التحديات والإمكانات المتاحة للدول النامية تحول دون الوفاء بمستوى الطموح الوارد في أجندة التنمية، حيث تفتقر الدول النامية لفرص كافية لتحقيق التنمية المستدامة، إذ تحتاج الى مناخ دولي مناسب، يتمثل في نصيب أكبر من التجارة الدولية وآليات للتمويل ونقل للتكنولوجيا، وتدفق للاستثمارات ومعالجة المديونية، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد المناخ المواتى للتنمية وطنيا.
وتطالب مصر بدعم دور الدولة لضمان التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة خاصة فيما يتصل بفعالية شبكات الحماية الاجتماعية، وتعزيز الملكية الوطنية للتنمية. كما تنوه مصر لأهمية تسخير المنظومة المالية العالمية من أجل نظام اقتصادي عالمي عادل يوفر فرصا متكافئة للتنمية ويساعد على تقليل الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية. حيث تعد الأمم المتحدة المحفل المناسب لتناول هذه المسائل. وانطلاقا من ذلك، كانت مصر ضمن أول 22 دولة تتقدم بمراجعة طوعية لخططها التنموية فى يوليو الماضى.
لقد توصلنا العام الماضي لاتفاق قائم على مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ. وباعتباري منسق مجموعة الرؤساء الأفارقة لتغير المناخ، أؤكد التزام افريقيا بمواجهة تغير المناخ وفقاً لقدراتها، وتطلعها لتفعيل آليات التنفيذ للاتفاق الخاصة بنقل التكنولوجيا والتمويل المستدام، ولذا أنشأت مصر المسار الخاص بمبادرة الطاقة المتجددة وطرحتها في إطار رئاستها للجنة القادة الأفارقة المعنية بتغير المناخ، وتنفيذاً لقرارات الاتحاد الإفريقي ذات الصلة.
وتؤكد مصر على أهميتها لتوجيه الدعم لإفريقيا، وعلى أن مواجهة تغير المناخ يجب أن تراعى الإنصاف والحق فى التنمية، والالتزام بمبادئ القانون الدولي واهمها عدم الإضرار وتعزيز التعاون، ومشاركة مختلف الدول فى المشروعات المطروحة، وفقا للقواعد المنظمة لمؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها البنك الدولي.
بعدما أضحى العالم قرية كونية بفعل الآثار الايجابية لثورة تكنولوجيا الاتصالات وحرية تدفق رؤوس الاموال والاستثمارات والتجارة الدولية، ما زلنا نرصد وجها آخر للعولمة بما أفرزته من بعض التحديات الاجتماعية والاقتصادية، حيث ارتبط بها زيادة الفقر واتساع فجوة عدم المساواة واهتزاز العقد الاجتماعي بالعديد من الدول النامية، وقد وضع تضافر تلك العوامل ضغوطاً على تماسك الكيان المؤسسي لتلك الدول. ولعل تلك التحديات والضغوط تمثل أكبر حافز للمجتمع الدولي ليعمل بجدية على توفير أفضل السبل للمؤسسات في كل دولة للاضطلاع بواجباتها والوفاء باحتياجات وطموحات شعوبها.
وفى وسط تلك التحديات التي يموج بها النظام الدولي، استطاع شعب مصر أن يفرض ارادته لتحقيق الاستقرار وحماية الدولة ومؤسساتها بل وتحصين المجتمع من التشرذم والانزلاق نحو الفوضى؛ فأقر دستوراً جديداً يحمى الحقوق والحريات، التي شملها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث كفل الدستور المساواة في الحقوق على أساس المواطنة، ورسخ الحماية للفئات التي تحتاج رعاية، الأمر الذي سمح للمرأة بالفوز بعدد غير مسبوق من مقاعد مجلس النواب، ووسع تمثيل الشباب في المجلس. وبدأ مجلس النواب بالفعل في ممارسة سلطته التشريعية ومراقبة السلطة التنفيذية. وعلى الصعيد الاقتصادي تمضي مصر بثبات في تنفيذ خطة طموحة للإصلاح الاقتصادى تراعى البعد الاجتماعى ومتطلبات الحياة الكريمة للشعب المصري، كما تنفذ مشروعات قومية عملاقة لتوسيع شبكة الطرق وانشاء محطات الطاقة الكهربائية والمتجددة وتطوير البنية التحتية والقدرات التصنيعية وتوسيع الرقعة الزراعية.
ما زالت منطقة الشرق الأوسط تموج بصراعات دامية، إلا ان مصر استطاعت أن تحافظ على استقرارها وسط محيط إقليمي شديد الاضطراب، وذلك بفضل ثبات مؤسساتها ووعى الشعب المصري بموروثه الحضاري العميق، وهو أمر يتعين على المجتمع الدولى ادراكه ودعمه لما فى صالح المنطقة والعالم بأسره، لتستمر مصر كما كانت دوما ركيزة أساسية لاستقرار الشرق الاوسط، أخذا فى الاعتبار انها لا تألو جهداً فى الاضطلاع بدورها الطبيعي فى العمل مع الاطراف الإقليمية والدولية لاستعادة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وعلى رأس النزاعات الدامية فى المنطقة، يستمر الوضع الأليم الذي تعيشه سوريا على مدار السنوات الماضية، والذي تسبب في مقتل مئات الآلاف وتحويل الملايين إلى نازحين ولاجئين داخل أوطانهم وبالدول المجاورة، ومن بينهم نصف مليون سوري استقبلتهم مصر كأشقاء، يلقون معاملة المصريين فيما يتعلق بالرعاية الصحية والتعليم والسكن. إن نزيف الدم في سوريا وغياب الأفق السياسي أمر لم يعد مقبولا استمراره. فالمطلوب واضح، وقف فوري وشامل لكل الأعمال العدائية في جميع أنحاء سورية، يمهد لحل سياسي يحقن الدماء ويحفظ وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية ومؤسسات دولتها، ويحقق طموحات السوريين، ويمنع استمرار الفوضى التي لم تؤد إلا لتفشي الإرهاب. وفي هذا السياق، فإننا نرحب باتفاق وقف العدائيات الذي تم التوصل إليه بجهد مشكور من جانب روسيا والولايات المتحدة، ونتطلع لسرعة التحرك الدولي الجاد لاستئناف المفاوضات في أقرب وقت للتوصل لتسوية شاملة للأزمة.
وفى نفس السياق الإقليمي المضطرب ما زال الصراع العربي/الإسرائيلي جوهر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو ما يتطلب تكاتف جهود دول المنطقة والمجتمع الدولي للتوصل لحل نهائي وشامل للصراع. وإذ تبذل مصر مساعيها الحثيثة لتحريك العملية السلمية، وصولاً لتسوية نهائية وسلام دائم وعادل قائم على حل الدولتين؛ فإنها ترحب بالمساعي القائمة على رغبة حقيقية في تحسين الأوضاع في الأراضي الفلسطينية فى ظل ما يعانيه الفلسطينيون من وضع يجب معالجته والتركيز على إنهاء الاحتلال واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه من خلال اتفاق سلام وفقا لقرارات الشرعية الدولية، يضمن للفلسطينيين حقهم في دولتهم، ويحقق لإسرائيل أمنها وسط علاقات طبيعية في محيطها الإقليمي.
وتؤكد مصر أن يد السلام ما زالت ممدودة عبر مبادرة السلام العربية، وتشدد على ضرورة العمل على اتخاذ خطوات بناءة لإنهاء الاستيطان الإسرائيلي وبدء مفاوضات الوضع النهائي، مع التوقف عن الأعمال التي تضر بالتراث العربي في القدس الشريف.
اسمحوا لي من خلال هذا المنبر الذي يمثل صوت العالم أن أتوجه بنداء إلى الشعب الإسرائيلي والقيادة الإسرائيلية حول أهمية إيجاد حل لهذه القضية، لدينا فرصة حقيقية لكتابة صفحة مضيئة فى تاريخ المنطقة للتحرك في اتجاه السلام. التجربة المصرية تجربة رائعة ومتفردة ويمكن تكرارها مرة أخرى لحل القضية الفلسطينية وإنشاء دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيلية، تحقق الأمن والأمان للفلسطينيين وتحقق الأمن والأمان الاسرائيليين، تحقق الاستقرار والازدهار للفلسطينيين وتحقق مزيداً من الاستقرار والازدهار للإسرائيليين.
وعلى تماس مباشر مع الأمن القومي المصري، تعيش ليبيا وضعاً دقيقاً وأزمة سياسية عميقة.
فرغم أننا حققنا تقدماً العام الماضي بتوقيع اتفاق الصخيرات، إلا أن تنفيذه مازال متعثرا. وتقوم مصر بدور نشط لجمع الفرقاء الليبيين ودعم تنفيذ الاتفاق كسبيل لاستعادة وحدة وسلطة الدولة الليبية على أراضيها، والعمل من خلال مؤسساتها الشرعية، من مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية ومجلس نواب وجيش وطني. كما تستضيف مصر اجتماعات للأشقاء الليبيين لتسهيل تنفيذ اتفاق الصخيرات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ممثلة لكل الليبيين، ومصادقة مجلس النواب عليها، لتتفرغ لإعادة الإعمار، ويتفرغ الجيش الليبي لمواجهة الارهاب، كما ينبغي سرعة رفع حظر السلاح المفروض على تسليح الجيش الليبي. ولا مكان للإرهاب وللميليشيات في ليبيا. فقد آن الأوان أن تُستعاد مؤسسات الدولة الليبية.
وفي اليمن، لا تدخر مصر جهداً لدعم وحدة اليمن وسلامته الإقليمية وعودة حكومته الشرعية. إننا نؤيد جهد المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ، وندعم خطته لحل الأزمة، والتي وافقت عليها الحكومة الشرعية تغليباً للمصلحة الوطنية. ونؤكد على ضرورة استئناف المفاوضات وأن يعلن سائر الأطراف التزامهم بخطة المبعوث الأممي للتوصل لتسوية شاملة في اليمن وفقا لقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار رقم 2216. وستستمر مصر في دعم جهود التسوية وتقديم العون الإنساني للأشقاء اليمنيين، فضلا عن دورنا الأساسي في تأمين وضمان حرية الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر.
إن أغلب الأزمات العربية انعكاس لحالة من الصراع الدولي، ولا يسعنى إلا أن أؤكد رفض مصر للتدخل الأجنبي في الشئون العربية، وأشدد على الالتزام بحسن الجوار، مؤكداً على تضامن مصر مع الدول العربية في مواجهة أي تدخلات خارجية في ضوء ارتباط الأمن القومي العربي بما فيه أمن الخليج العربي بأمن مصر، وأؤكد ايضاً ضرورة التصدي لمساعي إشعال الفتن الطائفية فى العالم العربي.
بنفس الالتزام، تتحمل مصر مسئوليتها تجاه أمن واستقرار القارة الأفريقية، حيث تتولي حالياً رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي، وتحرص على تعميق التعاون بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بما يتواكب مع تنامي التهديدات العابرة للحدود، بما فيها الإرهاب والجريمة المنظمة، وذلك لإحداث نقلة في التعامل مع النزاعات وفقاً لمبدأ "القيادة والملكية الوطنية" لإنجاح جهود بناء السلام. وقد حرصت مصر عبر عضويتيها بمجلسي السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي على التنسيق بينهما، وهو ما انعكس بالإيجاب على القضايا الأفريقية في مجلس الأمن، والتي وضعتها مصر على رأس أولوياتها خلال رئاستها للمجلس.
وسعت مصر لدعم بنية السلم والأمن الأفريقية، خاصة تفعيل القوة الأفريقية الجاهزة. وكثفت مصر مشاركتها في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام بالقارة، حيث استعادت موقعها ضمن أكبر عشر دول مساهمة في تلك البعثات.
وتدعو مصر لتبنى منظور شامل في مكافحة الإرهاب، من خلال مقاربة لا تقتصر علي البعد الأمني وإنما تشمل الجانب الفكري.
ومن هذا المنطلق ستستضيف مصر مركز مكافحة الإرهاب التابع لتجمع الساحل والصحراء. كذلك تؤكد مصر أهمية دراسة أى مصادر مستجدة للتوتر، أخذاً في الاعتبار ظاهرة التصحر وشح المياه، والحاجات التنموية المتصلة بإدارة المياه العابرة للحدود.
وعلى صعيد الأوضاع في قارتنا الإفريقية، تؤكد مصر على أهمية توفير الدعم للحكومة الصومالية من أجل اتمام الاستحقاقات الانتخابية خلال العام الحالى.
وفي بوروندي، تسعى مصر إلى إيجاد حلول لتلك الأزمة السياسية من خلال مجلس السلم والأمن الأفريقي وبدرجة أكبر من خلال مجلس الأمن، حيث تعمل على التعامل مع الأزمة بالشكل المناسب لتهدئة الأوضاع السياسية وتمكين كافة الأطراف البوروندية من تعزيز الحوار السياسي السلمي بعيداً عن استخدام العنف.
كذلك، سعت مصر منذ اندلاع الأزمة في جنوب السودان للمشاركة في الأطر الإقليمية للتعامل معها، حيث انخرطت مصر مع طرفي الصراع والأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق السلام، وتسعي مصر حالياً من خلال رئاستها لمجلس السلم والأمن الأفريقي، إلى إسهام المجلس بدور أوسع في ذلك، وتعزيز التعاون مع الآلية المشتركة للمراقبة والتقييم. وتطالب مصر بالعمل في إطار حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية لجنوب السودان بشكل يعيد الاستقرار الى جوبا.
أما بالنسبة لجمهورية السودان، فإن مصر تُقدر جهود الحكومة السودانية التي أسفرت عن التوقيع على خارطة الطريق التى طرحتها الآلية الإفريقية رفيعة المستوى في ابريل الماضي.
لقد أضحت ظاهرة الإرهاب بما تمثله من اعتداء على الحق فى الحياة خطراً دامغاً على السلم والأمن الدوليين، في ظل تهديد الارهاب لكيان الدولة لصالح إيديولوجيات متطرفة تتخذ الدين ستاراً للقيام بأعمال وحشية والعبث بمقدرات الشعوب، الأمر الذي يستلزم تعاوناً دولياً وإقليمياً كثيفاً.
ولقد حرصت مصر دوماً على التأكيد على أن التصدي للإرهاب لن يحقق غايته إلا عبر التعامل مع جذور الإرهاب، والمواجهة الحازمة للتنظيمات الإرهابية، والعمل على التصدي للأيديولوجيات المتطرفة المؤسسة للإرهاب ومروجيها. وأبرز هنا مبادرة مصر خلال رئاستها لمجلس الأمن فى مايو الماضي لبلورة آلية دولية لمجابهة الأيديولوجيات المغذية للإرهاب.
وتدعو مصر لاتخاذ المجتمع الدولي كافة التدابير للحيلولة دون استغلال الإرهاب للتقدم المعلوماتي والتكنولوجى الذي ساهم في إضفاء أبعادٍ خطيرة على ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري جعلها أكثر تفشياً فى عالم اليوم، الأمر الذي يستوجب العمل من أجل وقف بث القنوات والمواقع الالكترونية التي تُحرض على العنف والتطرف.
يمر العالم بمفترق طرق؛ فلم تعد تهديدات السلم والأمن الدوليين تقليدية، بل أصبحت تمس ثوابت الحضارة الإنسانية. وكذلك لم تعد التحديات الإنسانية والبيئية والاقتصادية والتنموية والصحية منحصرة بالحدود الدولية، بل أصبحت عالمية، لا يستقيم معها الوصاية الفكرية، واحتكار العلم والمعرفة.
وأنوه هنا إلى أن ميثاق منظمة التربية والثقافة والعلوم " اليونسكو" تضَمن أن "الحروب تتولد فى عقول البشر"، وأنه فى تلك العقول "يجب أن تُبنى حصون السلام". وأؤكد امامكم من هذا المنبر، أن آفة هذا الزمان هو الإرهاب الذي تبثه دعاوى التطرف والعنف في عقول البشر. ومن ثم، فإن علينا أن نغرس فى تلك العقول قيم التعايش وقبول الآخر.
ولما كانت الثقافة انعكاسا لمنظومة القيم التي يحيا بها الإنسان، فعلينا أن نسخر الثقافة والقدرات التكنولوجية والمعرفية لصالح التنمية وتحقيق السلام. لذلك فإنني أدعو الأمم المتحدة إلى إيلاء اهتمام أكبر للتعامل مع الجوانب الثقافية المتعلقة بالتنمية وتحقيق السلام والقضاء على الفكر الهدام، بما في ذلك النفاذ للمعرفة ونقل التكنولوجيا والتصدي للأيديولوجيا المتطرفة، وذلك بالمشاركة الكاملة لمنظمة "اليونسكو"، التي تقدر مصر الأهمية المضاعفة التي يكتسبها دور هذه المنظمة في عالم اليوم، وضرورة العمل على تعظيم الاستفادة منها للمساهمة في تحقيق واقع أفضل وأكثر أمناً واستقراراً وتفاهماً يتسع للجميع.
على البشرية أن تستعيد جوهر إنسانيتها، فتتشارك في العلم والمعرفة والتكنولوجيا دون احتكار، وتتحد في مواجهة التهديدات. وكما كانت مصر دوماً مثالاً لتراكم الحضارات، فإنها تجدد أمامكم اليوم التزامها بالإسهام المتواصل في تعزيز التعايش داخل الأسرة الدولية، والوصول إلى عالم أكثر أمناً ورخاءً لأجيالنا القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.