هل دخلت مصر مرحلة الانتخابات، أم هم الذين أدخلوها..؟ كل واحد ينظر من أرضيته السياسية وطريقة تفكيره.. فالفريق الأول يمثله النظام وسلطة الحكم، الرسمية والسياسية، ويرى أن الانتخابات استحقاق «دستورى»، معتبراً أن كل ما سبق هذه الانتخابات صحيح وسليم وبالتالى فما يأتى بعد الدستور يعتبر استحقاقاً، والاستحقاق كلمة متفرعة عن الحق والصواب، وتعبر عن التعاقد والوفاء ببنود هذا التعاقد، أى أن الفريق الأول يرى أن مسيرة بناء مؤسسات الدولة بدأت سليمة وتسير بالحق، والانتخابات البرلمانية هى استحقاق ونيل للحق المتفق عليه، ومن يعترضها فهو خارج على القانون وعلى الحق وعلى العقد!! بل ويذهب هذا الفريق الأول إلى اتهام كل من عداه بأنه شيوعى، ملحد، مخرب.. وغير ذلك مما نراه ونسمعه من سباب وشتائم فرضت نفسها على الخطاب السياسى لهذه التيارات المسيطرة.. وربنا يعافينا منها ولو بعد حين! أما الفريق الثانى فيرى أن تلك الانتخابات غير مشروعة وغير شرعية ولا أخلاقية وتعبر عن انتهازية وخطوة جديدة فى مسلسل قنص الدولة، بعدما نجحت خطوات قنص الثورة، وقنص الثوار، وقنص أغلب المؤسسات المدنية للدولة، ولهذا يعتبرها انتخاباتهم وليست انتخاباتنا. ومن هنا فالبعض يقرأ عنوان مقالى بأنه «انتخاباتهم.. وليست انتخابات مصر» والبعض يمكن أن يقرأه «انتخابات هم»، أى أنها أصبحت هماً كبيراً لا عرساً كبيراً.. وأعتقد أن كلتا القراءتين بها صواب، ولكن الأولى أرجح والثانية مرجوحة.. وتعالوا ننظر إلى الأفخاخ والقنابل الموقوتة فى هذه الانتخابات، ونناقشها حسبما يسمح الديسك المركزى فى «الوطن»، وأبدأ بالأسئلة: 1- ما دلالة زيادة حجم المجلس من 498 إلى 546؟ وهل يؤثر ذلك على الخريطة الحزبية، وقدرة المعارضة فى مواجهة الأغلبية؟ 2- بعد تغيير اسم المجلس من «الشعب» إلى «النواب» هل لذلك تأثير على دور الأعضاء، السياسى والرقابى والتشريعى، وعلاقتهم بالناخبين؟ 3- أُلغيت نسبة الحسم، أو العتبة التى كانت نصفاً فى المائة على المستوى القومى كشرط لتمثيل الحزب فى المجلس، وحل محلها حد أدنى لنيل المقعد فى أى دائرة قوائم، فما تأثير هذا على حسابات المرشحين والأحزاب؟ وعلى توزيع المقاعد المتبقية وكسور الأصوات، ومن ثم إرادة الناخبين؟ 4- زاد عدد دوائر القوائم من 46 إلى 48 دائرة ولكن نصيب هذه الدوائر قفز من 332 إلى 364 مقعداً، أى زادت دائرتان وزاد معهما 34 مقعداً، فما أثر ذلك على الشكل الحزبى للمجلس القادم؟ وما معنى الدائرة فى لغة الانتخابات؟ وما معايير تحديد الدوائر وتأثير تلك الهندسة الانتخابية ليس فقط على نتائج التصويت ولكن على السلوك السياسى للمجتمع والعلاقات بين الناخبين، ومن ثم على الثقافة الديمقراطية ككل؟ بل أقول ببساطة إن نظام الدوائر أهم فى تقديرى من أى شىء آخر فى النظام الانتخابى والعملية الانتخابية ككل، ولو أعطيتك هندسة دوائر منحازة لن تنتج برلمانا صادقا ولا تؤسس لديمقراطية قابلة للحياة!! 5- أصبح من أسباب سقوط العضوية تغيير العضو لانتمائه الحزبى، أى لو تحول مثلاً من مستقل إلى إخوان أو من سلفى إلى إخوان، فهل هذا حقيقى وممكن وقابل للحدوث أم مجرد كلام؟ وما قيمة النص عليه إذن؟ ومن الذى قد يتعرض فعلا لعقوباته ومن لن يتعرض لها؟ وبما أن هذا يجعل للحزب قبضة حديدية على العضو، فهل تأثير الأحزاب على أعضائها متفاوت؟ وكيف يؤثر هذا التفاوت على أدائهم داخل المجلس، ولا سيما فى مواجهة الحكومة، والرئيس؟ 6- أصبحت الانتخابات على 4 مراحل، والتصويت فى كل مرحلة على يومين، وكل يوم 12 ساعة، فهل ذلك يعزز أم يشكك فى سلامة الانتخابات ونزاهتها؟ وما تأثير اختيار محافظات كل مرحلة على السلوك التصويتى للناخبين فى المراحل التالية؟ وعلى قدرة المراقبين والإعلام على متابعة الانتخابات؟ 7- هل تؤثر نسبة المشاركة على احتمالات الفوز فى دوائر القوائم، سواء زاد الناخبون أم قلوا؟ وما أثر ذلك على مبدأ عدالة التمثيل الذى نص عليه الدستور، وبسببه قدمت المحكمة الدستورية اعتراضاتها على بعض المواد؟ أى هل يمكن أن تتفاوت الأصوات التى أوصلت عضوا عن تلك التى أوصلت عضوا آخر تفاوتا كبيرا، ولأى درجة يمكن أن يكون هذا التفاوت غير مقبول، أخلاقيا، ودستوريا؟ لأن تقسيم دوائر القوائم خصوصا لو كان عادلا فى القانون لن يكون عادلا عند تطبيقه، فهل يتصدى له القضاء الإدارى وربما يرفعه إلى الدستورية؟ 8- مع مقاطعة أحزاب «جبهة الإنقاذ»، هل ستكون هناك «معارضة»؟ أم أقلية فى مواجهة الأغلبية؟ أم «معاندة وليست معارضة»؟ وما وضع أعضاء تلك الأحزاب «المقاطعة» إذا شارك بعض أعضائها وفازوا؟ هل تسقط عضويتهم لو فصلتهم أحزابهم المقاطعة أم تحميهم الأغلبية من إسقاط العضوية وتستخدمهم كمعارضة «معتدلة» أم ماذا؟ 9- البعض فى الحوار مع الرئيس بالغ فى شأن دور محكمة النقض بديلا عن الدستورية وأشار إلى أنها يمكن أن تبطل المجلس ككل، ولكن السؤال هو ما الذى يمكن أن تفعله أو تقرره هذه المحكمة، وما الذى لا يزال فى يد المجلس وأغلبيته، أى لا يزال «سيد قراره»؟ 10- هل هناك مفاجآت «محتملة» فى الانتخابات بسبب هذه التعديلات الجديدة فى قانون مجلس النواب وقانون مباشرة الحقوق السياسية؟ مثلاً: أن نجد فى المجلس أعضاء غير مصريين، سواء حمساويين أو مغتربين أو تصعد وجوه إلى المقاعد بعد الانتخابات ودون انتخابات تكميلية، أو أن يتحول بعض الأعضاء إلى وزراء سواء فى الوزارات السيادية كالخارجية والدفاع والشرطة.. أو الخدمية ثم تحل محلهم كوادر حزبية غير منتخبة؟ أو نرى معتقلين سابقين يصبحون قيادات برلمانية ويطرحون قوانين لتغيير شكل الجندى والشرطى وقواعد الالتحاق بالجيش والشرطة وغيرها؟ أو أن يتحالف الإخوان مع الفلول؟ ومفاجآت أخرى محتملة؟ .. هل لديك الإجابة أم تريد منى التعليق؟