المضايقات والمخاطر التى ربما تتعرض لها الفتيات فى وسائل المواصلات ليس لها وجود مع هذه الوسيلة، فإذا كان مترو الأنفاق قد ساهم فى حل جزء من المشكلة بتخصيص عربة للسيدات، فإن «الحاجة بدرية» -كما يسمونها- ساهمت فى حل جزء آخر من المشكلة. من بعيد ترى سيارتها الملاكى الرمادية واقفة بالقرب من مكان مزدحم، وعندما تلمح فتاة تحاول إيقاف تاكسى تقترب منها وتقول لها: «اتفضلى». ليست توصيلة مجانية لكنها مدفوعة الأجر.. هذا ما تحاول الحاجة بدرية توصيله لزبائنها من السيدات حتى لا يعتقدن أنها «ببلاش»، وخلال الطريق تشرح بدرية لماذا استغلت سيارتها الملاكى فى العمل سائقة، ولماذا السيدات فقط، وهل النقاب الذى ترتديه يثير مخاوف زبائنها؟ على نغمات موسيقى أغنية قديمة، وفى جو شديد الهدوء وهواء بارد ينبعث من التكييف، تحكى بدرية: «كنت أعمل مدرسة فى مدرسة خاصة بالمهندسين، وإلى جوار عملى الأصلى عملت سائقة لأنفق على أولادى الذين كانوا طلاباً فى المدرسة نفسها التى كنت أعمل بها». بدرية تعمل أكثر مع السيدات اللائى تعرفهن، يتصلن بها ويتفقن على المكان، لكن ذلك لا يمنع من توصيل راكبات لا تعرفهن: «أحيانا أقف لمن لم أعرفهن من قبل». وترفض بدرية الحديث عن الأسباب التى جعلتها سائقة: «مفيش واحدة بتشتغل وتتعب إلا لو عندها أسبابها، لكن أقدر أقولِك إن أنا المسئولة عن أسرتى ومش عاوزة أمد إيدى لحد». وسألناها: هل النقاب يجعل بعض الفتيات تخشى الركوب معها؟ أجابت بدرية: «قليل جداً.. المهم التعامل، النقاب ليس المنهج، المهم الأخلاق الحسنة». أكثر ما يقلق الحاجة بدرية هو التخوين، وتستنكر ما يحدث وتقول: «ليه نخون بعض كدة؟ أنا عندى جار مسيحى فى العمارة أحيانا لا أراه فأسأل عنه وتقول لى الجارة: أصله بيكلم الناس من الشُرّاعة، شعورنا كمجتمع إننا مش مطمنين لبعض شعور خطير». وعن آخر المواقف الطريفة التى حدثت لها وهى تعمل قالت: «واحدة ركبت معايا من يومين، ورحنا لصاحبتها عشان عندهم درس وأخدنا الكلام على حال البلد والمجلس العسكرى ومحاكمة مبارك، وهى نازلة قالت لى: على فكرة أبويا من المجلس العسكرى، فقلتلها والله لانتى راكبة تانى.. ماتزعليش».