طالبت 22 منظمة حقوقية حكومة الدكتور هشام قنديل، بسحب مشروع القانون الجديد المقترح للجمعيات الأهلية -بصياغة حكومة الدكتور مرسي أو بصياغة حزب الحرية والعدالة- واصفة إياه بمثل إعادة إنتاج لقانون الجمعيات الذي كان مبارك يعتزم إصداره في الشهور الأخيرة قبل الثورة. كما طالبت حزب الرئيس "الحرية والعدالة" للقيام بقطيعة فورية مع الفلسفة القمعية للنظام السابق، التي ينتهجها في دستوره وسياساته وممارساته وتشريعاته المتوالية. واستنكرت المنظمات، في بيان مشترك، التوجهات التسلطية التي ينتهجها حزب الرئيس محمد مرسي "الحرية والعدالة" وحكومة الرئيس، ومن عدم احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بحرية التنظيم والحق في تكوين الجمعيات، ففي الوقت الذي تتسلط فيه الحكومة وتقمع حق الجمعيات الأهلية في ممارسة أنشطتها بحرية، عن طريق التعسف في التضييق على موارد الجمعيات المالية، وتدخل الأمن في عملها والذي أظهره التنبيه –الذي يفتقد أي سند قانوني- الموجه من رئيس مجلس الوزراء "للكيانات المحلية"، بعدم الدخول مع ما أسماه "جهات أجنبية" في أي أنشطة إلا بعد أخذ موافقة الأجهزة الأمنية. وأضافت المنظمات أن حزب الحرية والعدالة وحكومة "قنديل" يتجهان لإصدار قانون جديد يستهدف تأميم المجتمع المدني وتوجيه ضربة قاصمة لمنظمات حقوق الإنسان -من خلال مشروعين لقانون الجمعيات متماثلين في الفلسفة والتوجه، وبينهما اختلاف في اللغة والتفاصيل- وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تأمين ماكينة القمع والتعذيب القديمة/الجديدة من النقد والمراقبة، وتسهيل مهمة قمع حرية التعبير والصحافة، والقضاء على الحماية النسبية التي توفرها المنظمات الحقوقية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. وأوضحت أن مشروع القانون المُقدم من "حزب الحرية والعدالة" يتبنى نفس نهج المشروع القمعي المُقدم من وزارة الشؤون الاجتماعية، الذي يستهدف تأميم المجتمع المدني، حيث يعتبر أموال الجمعيات والكيانات الأهلية في حكم الأموال العامة، وموظفيها في حكم الموظفين العموميين، ما يجعلها أشبه بمنشأة حكومية، ويسري ذلك أيضًا على الأموال التي تتحصل عليها المنظمات الأجنبية من داخل البلاد، كما يمنح مشروع القانون الأجهزة الأمنية -من خلال وزير الشؤون الاجتماعية- حق الفيتو على أنشطة الجمعيات الأهلية من خلال حق البت في تمويل هذه الأنشطة، ويمنح مشروع قانون حزب الحرية والعدالة للوزير حق الرفض دون إبداء أسباب. كذلك أبقى مشروع القانون على العقوبات السالبة للحرية في حالة مخالفة أحكامه، كما اشترط أن تكون أنشطة المنظمة الأجنبية متفقة مع ما أسماه ب "احتياجات" المجتمع المصري. أي أنه يعطي للجنة التنسيقية (الأمنية) سلطة تعسفية لرفض أنشطة مدنية بناءً على أسباب فضفاضة غير محددة. وأشارت إلى أن خطاب حزب الرئيس وحكومته يتبنوا ذات الحجج والمزاعم التي دأب نظام مبارك على الترويج الإعلامي لها؛ كذريعة للتمهيد لحملات القمع، أو لتمرير قانون أكثر قمعية. يتضح ذلك بجلاء في تصريحات للمستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة؛ إذ قال في معرض الدفاع عن مشروع قانون تأميم المجتمع المدني: "يعني أروح أجيب من إسرائيل.. من اليهود.. من عند الصهاينة علشان نخرب مصر". واعتبر القيادي البارز في حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين أن "القيود على التمويل الأجنبي مطلوبة لمنع أعداء مصر من حياكة مؤامرات ضد البلاد ولمنع غسل الأموال"، وهي اتهامات منقولة بالنص من قاموس نظام مبارك القمعي، تُستخدم للتغطية على الهدف الرئيسي وهو رغبة النظام الحاكم –السابق أو الحالي- في انتهاك حقوق الإنسان دون رقيب. يستلفت النظر أيضًا في هذا التصريح سموم الكراهية الدينية التي يبثها تصريح القيادي الحزبي ضد أتباع دين معين، لمجرد إيمانهم بهذا الدين، سواءً كانوا مصريين أو غير مصريين". وتابع "عندما كانت جماعة الإخوان المسلمين في المعارضة قبل الثورة لم تكن تسأل عن مصادر تمويل منظمات حقوق الإنسان، التي كانت تعمل ليل نهار للدفاع عن الحقوق الإنسانية لأعضاء وقيادات الجماعة، بما في ذلك حقهم في المحاكمة العادلة وعدم محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية. ولكن عندما انتقلت جماعة الإخوان المسلمين للحكم أضافت للدستور للمرة الأولى في تاريخ مصر نصا "يدستر" محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وتسعى الجماعة الآن لوقف نشاط ومصادر تمويل منظمات حقوق الإنسان، لأن الجماعة لم تعد ضحية، بل الشعب هو الذي صار ضحية سياساتها وتوجهاتها القمعية". ومن المنظمات الموقعة "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، وجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، المركز المصري لحقوق المرأة، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".