مذيعة «سى. إن. إن»، «كيت بولدوان»، بكت وهى تعرض صورة الطفل السورى عمران دقنيش، الذى انهار عليه منزله بعد قصف خلال غارة جوية لا نعرف مَن المسئول عنها، حسب كلماتها، بعد أن كان مع أمه وأبيه وشقيقه وشقيقته بمنزلهم فى حلب، وتم سحبه هو وعائلته أحياءً بعدما دُفنوا تحت الأنقاض.. المذيعة قالت إن هذا الحادث المؤلم يأتى بعد أسبوع فقط من رسالة مناشدة من آخر الأطباء المتبقين فى حلب إلى الرئيس أوباما يتوسّلون من أجل المساعدة.. وأضافت «كيت»: «ما يؤلمنى هو أننا نذرف الدموع، بينما الطفل فى حالة صدمة تامة وذهول وبلا دموع.. هذا هو عمران، وهو على قيد الحياة، وأراد أن تعرفوا ذلك».. دموع المذيعة بدت صادقة، كدموع الكثير من أصدقائى وشعورى الداخلى بالألم من أجل «عمران» ومن قبله «إيلان».. ارتجلت المذيعة جزءاً من كلامها لتُعلّق على ما حدث وعلى الصورة، بينما اختنق صوتها من هول المشهد.. ولكن «كيت بولدوان» ذكرت اسم «أوباما» مرة واحدة فقط حين قالت إن آخر طبيب تبقى فى حلب توسل إلى الرئيس الأمريكى للمساعدة.. لم تذكر أن «أوباما» وقواته الجوية، ومعها قوات حلفائه، يشاركون فى قصف سوريا طوال عامين، بينما تتوغّل «داعش» داخلها، والإرهابيون يزيد تدفُّقهم من الحدود مع تركيا، وبينما يدعم «بوتين» النظام السورى، ومعه إيران وحزب الله وآخرون، ويدعم بعض دول الخليج الجماعات المسلحة.. وفى الوقت نفسه يتحدث «أوباما» عن الجماعات المسلحة المعتدلة!! كل هؤلاء يشاركون فى مأساة «عمران» وأقرانه، وعلى رأسهم «أوباما» الذى توسل إليه الطبيب الأخير فى حلب، وكأنه الفارس المغوار المنتظر وصوله على صهوة جواده لتخليص المظلومين والمضطهدين والبؤساء، فى الوقت الذى كانت فيه طائراته تحوم فوق مواقع «داعش» وتعود دون القيام بعمليات مباشرة فى معظم الأحيان، كما ذكرت التقارير الأمريكية نفسها.. أطالت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الصراع حتى دخلت روسيا على الخط لتُنذر باستمرار أمد القتال ما لم يتفق الرئيسان على معادلة تشمل سوريا والقرم وأوروبا وإيران وغيرها، بينما قبع «عمران» فى سيارة الإسعاف والدماء تغطى وجهه ومعه طفل آخر على الأقل رأيناه فى الفيديو، لكن ليس بوضوح وجه «عمران» نفسه.. لم نرَ تدخلاً من الولاياتالمتحدة فى أى بلد إلا وكان الخراب قريناً بتدخلها.. حتى لو كان هناك خراب فى بلد، رأيناه يتفاقم حتى يرفع ذلك البلد بمن فيه راية بيضاء ليُسلم كل مقاديره للسادة الأمريكان وحلفائهم.. كنت أود سماع «كيت بولدوان» مذيعة «سى. إن. إن» تقول لرئيسها مع مساحة الحرية الكبيرة المسموح بها فى بلادها: «ارفع يديك عن سوريا طالما أنت عاجز عن إنقاذها».. كنت أود سماعها أو غيرها يسأله: «كم طناً من القنابل أسقطت على سوريا؟ وكم منها أصاب الإرهابيين، وكم منها أصاب المدنيين العزّل؟».. أنا لا أبرئ أحداً مما يحدث فى سوريا وفى حلب.. كلنا مذنبون ولا أستثنى أحداً.. حتى بالصمت العاجز، كما قالها أحمد زكى فى «ضد الحكومة».. كم كنت أود أن تُعبّر المذيعة عن ألمها الشديد وتصبه تجاه رئيس بلادها لتقول له إن لعنة «عمران» و«إيلان» ستطاردك ما حييت، رئيساً، أو مهاجراً إلى كندا، كما أعلنت.. ولو لم تستطع اتهام الرئيس، كنت أود أن توجه أصابع الاتهام إلى مرشحة الرئاسة هيلارى كلينتون، لأنها كانت جزءاً من إعداد مسرح المنطقة للعمليات الأمريكية.. لكنها لم تفعل.. واكتفت بقولها «هذا هو عمران، وهو على قيد الحياة، وأراد أن تعرفوا ذلك».. عرفنا يا سيدتى، وماذا بعد؟