فوق تل القمامة يتراص الأطفال، لا تجمعهم سوى جيرة حميدة وبيئة واحدة، تتركهم أمهاتهم يغادرون مع خيوط الصباح الأولى، دون استفسار عن وجهتهم، يسأل زائر المنطقة: «إيه يا ست العيال دى خارجة ورايحة على فين؟»، فترد والابتسامة لا تفارقها وتتناقض مع حالها البادى للعيان «ما تقلقش عليهم دول عفاريت، رايحين يفطروا من الزبالة وجايين على طول». مع دقات السابعة صباحاً، يتوجهون صوب المرتفع المتوج بالقمامة الذى يتحول مساءً إلى وكر لتجار ومتعاطى المخدرات..ووسط بقايا «عفش» أولاد الذوات، يجتمع أطفال «إسطبل عنتر»، كقطع فى متحف، صاروا قبلة المصورين الأجانب قبل المصريين، لذا اعتادوا الكاميرات، «قبل الثورة كان الأجانب بيجولنا كتير»، الجمعيات الخيرية تتذكرهم فى المناسبات، «بقالهم فترة مش معبرنّا»، تقولها بلغة «أهل البندر» رغم جلبابها الفلاحى المزركش، خلفهم كتل أسمنتية بعضها يمكن أن يطلق عليه «ناطحة سحاب»، لا يحلمون أن يسكنوا فى مثيلها يوماً؛ فغايتهم ألا يقرصهم الجوع. بينما ينبش الأطفال فى القمامة يندهش الزوار، فتفك إحدى السيدات اللغز «أنت مفكرهم بيلعبوا.. دول بيدوروا على فاكهة متكونش باظت.. من الآخر نازلين يفطروا».