حبلت الأيام سنين.. ولدت الأيام دهور. دامت الأيام لمين؟ .. وحدوا المولى الغفور. 77 عاما قضاها الشيخ إمام عيسى حيا بيننا، قبل أن يرحل بجسده، تاركا لنا ألحانه وصوته حيا بيننا أيضا، نرصد منها في هذا الملف سنوات الأحداث والمحطات الفارقة.. في حياته وحياتنا، منذ ولد لأسرة فقيرة الحال، وفقد بصره تحدى إعاقته، حتى أصبح له شأن عظيم، فلقبه جمهوره بفنان الشعب وشيخ الأغنية السياسية، بل و"جيفارا" العرب أيضا. 1918 العام الذي شهد ميلاد إمام، فى قرية أبو النمرس بالجيزة. لم يدرك وقتها أن القدر لن يمهله إلا عاما واحدا للتمتع بنظره، قبل فقده، لتصبح التسلية الجديدة لأطفال قريته "عمل المقالب فيه"، فيركض الطفل الصغير لأمه شاكياً، فتبكي لمعايرة الأطفال لولدها بالعمى. دخل الكتاب وتحدى إعاقته وكان يمتاز بذاكرة قوية، فبدأ بحفظ القرآن الكريم وترتيله، تنفيذاً لرغبة الأب الذى لطالما حلم أن يرى ابنه شيخا كبيرا. 1925 في هذا العام بدأ إمام رحلته مع التعليم، في الجمعية الشرعية السنية بقريته. تفوق بها وتبين لشيوخه مدى جمال صوته، فنصحوا والده أن يأخده إلى القاهرة ليتعلم هناك. وصل إمام القاهرة فوجدها أكبر من قريته بكثير، تعرف فيها على أشياء لم يكن يعرفها من قبل، أيقن أن عماه لن يمنعه من أن يكون مقرئا مشهورا، مثل الشيخ محمد رفعت، الذى أحبه وظل يستمع إليه حتى بعد التحاقه بالجمعية السنية فى القاهرة. وهو الحب الذى سبب لإمام كثير من المشاكل، لدرجة طرده من الجمعية بسبب استماعه للراديو، الذى كان يعتبر من البدع في حينها. وكان طرده من الجمعية مبررا لطرده من البيت أيضا، حيث أصر والده على عدم عودة إمام إلى قريته مجددا عقابا له، وقد كان. 1934 جامع الفكهاني فى الغورية بمصر القديمة، كان العنوان الجديد للشيخ إمام، يبيت فيه بعد طرده من الجمعية. يقضي يومه صباحاً فى الجامع الأزهر ومساءً فى الفكهاني. وفي إحدى المرات، أيقظه عدد من أبناء قريته أثناء نومه في المسجد، فتركه ليسكن معهم في حارة حوش قدم، والتى عرف إمام أن اسمها يعني "قدم الخير" باللغة التركية. شق إمام طريقه، حتى وجد عملا له كمقرئ للقرآن فى "الدكاكين" ومنشدا فى الأفراح، وانضم لبطانة الشيخ عبد السميع البيومي المقرىء، فجاب معه عدد كبير من الموالد. 1945 وتحقق حلم إمام فى هذا العام، ليس كمقرىء، وإنما باعتماده مغنيا في الإذاعة المصرية، بعد تعلمه الموسيقى على يد الشيخ الحريري، فبدأت مرحلة جديدة فى حياته، بتعرفه على الشيخ زكريا أحمد، وصار ملقنا له، وتعلم عزف العود، فأصبح يؤلف كلمات ويلحنها. ورغم تحقيق إمام لحلمه فى العمل بالإذاعة، إلا أنه تركها فيما بعد، لأنها شعر أنها لا تعبر عنه. 1962 "الشاعر السجين" أحمد فؤاد نجم، عرفه الشيخ لأول مرة في هذا العام، ليبدأ تبلور أشهر ثنائي في الغناء السياسي، فعملا معا فى التليفزيون، من خلال برنامج "مع أشعار نجم وألحان إمام". وكما نالا حظهما من الشهرة معا، واجها أيضا عذاب الاعتقال معا، فلم يتوقف إنتاجهما الإبداعي حتى خلف قضبان المعتقل. 1967 صدمة نكسة يونيو، تحولت إلى كلمات وألحان "تجلد الذات" حينا، كما الحال في أغنية "الحمد لله خبطنا تحت باطاطنا، يا ما احلى رجعة ظباطنا من خط النار"، وتزرع الأمل والصمود في أحيان، كما شدا من عزم مصر في أغنيات من نوعية "يا مصر قومي وشدى الحيل، كل اللي تتمنيه عندي". 1969 وفي هذا العام، بدأت سلسلة اعتقالات متكررة في حياة إمام ونجم، مرة بتهمة تعاطي الحشيش، ومرة أخرى بعدها بشهور، حكم عليه فيها بالسجن المؤبد، حتى توسط الزعيم الفلسطينى نايف حواتمة لدى الرئيس جمال عبد الناصر، للإفراج عن الشيخ إمام، لكن عبد الناصر رفض وبشدة "متتعبش نفسك دول بالذات مش هيطلعوا من المعتقل طول ما أنا عايش). 1971 ورحل عبد الناصر، فأفرج السادات عن المعتقلين، بمن فيهم إمام ونجم، قبل أن يعودا للمعتقل مجددا، بعد أن وجهها سهام نقدهما الغنائي للسادات بعد رحيل عبد الناصر، ولم يفرج عنهما إلا احتفالا بنصر أكتوبر . 1976 مع بداية مرحلة الانفتاح الاقتصادي، وضع الرئيس الراحل أنور السادات، أسسا اقتصادية جديدة تدعم المستثمر على حساب المستهلك، وكبار الملاك على حساب الفقراء، وهو ما استقبله نجم وإمام بأغنيات تسخر من التوجه الاقتصادي الجديد، وتحرض العمال والفلاحين والطلاب ضده، دفاعا عن حقهم فى عدالة اجتماعية، فاعتقل الثنائي مجددا، لكن سرعان ما أفرج عنهما هذه المرة بعد أن قضيا عاما فى المعتقل. 1979 وفي العام الذي شهد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، شهدت مصر احتجاجات طلابية كثيفة، اعتراضا على معاهدة كامب ديفيد، على أنغام الثنائي إمام ونجم "رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني"، فاعتقل إمام ونجم مع عدد كبير من الطلبة، قبل أن يحصلوا على البراءة في وقت لاحق. 1981 آخر مرات اعتقال الشيخ إمام، كانت فى هذا العام، حيث أفرج عنه بعد اغتيال الرئيس السادات مباشرة، ولم يعتقل خلال عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ربما لأن زمن الغناء السياسي في مصر بدأ يجهز للرحيل. 1985 ومع تحول إمام لأيقونة نضال، بدأ يسافر من بلد إلى أخر للمشاركة فى حفلات طلابية وعمالية فى عدد من الدول، منها الجزائر وتونس ولبنان وحتى فرنسا. وقد شهد هذا العام أول رحلة لإمام خارج مصر، حيث تلقى دعوة من وزارة الثقافة الفرنسية لإحياء حفل هناك، وتبعتها جولة فى دول الاتحاد الأوربى، ومجموعة من الدول العربية منها الجزائر ولبنان، وتونس التي ترك الشيخ إمام عوده فيها كهدية لجمعية محبى الشيخ إمام التى تأسست هناك. 1995 مع انحسار الأضواء عن الشيخ إمام تدريجيا، وانشغال أصدقاءه عنه، بقى إمام وحيدا فى شقته الصغيرة بحارة سيدى يحيى بالغورية، حتى فارق الحياة في السابع من يونيو عام 1995. لينعيه العشرات من أصدقائه، في جريدة الأهرام، بتاريخ 9 يونيو 1995، بصيغة تتوافق مع ما قدمه من شجن في أغانيه التي كتبها أحمد فؤاد نجم. البقاء لله القوى الوطنية المصرية تنعي إلى الشعب المصري والأمة العربية فنان الشعب الشيخ إمام عيسى وتقام ليلة المأتم، اليوم الجمعة، من الثامنة وحتى العاشرة بمسجد عمر مكرم. ..... وأنا اللى فى هواكى سبقت المعاد يا سلمى.. ياعشق البنات والولاد وطلعت اسمك فى كل البلاد وكبّرت فيها الأمل في اللى جى ومين اللى شايل ومين اللى طايل ومين اللى يثبت فى وقت الهوايل ومين فينا ميت ومين فينا حى؟ أخبار متعلقة: عم أمين أحد جيران الشيخ إمام: كان من ريحة أبويا وكانت طلباته أوامر حازم والشيخ إمام.. وكل يوم في حبك تزيد "الأغنيات"