يحقق التحرش الجماعى لمنظميه مآرب كثيرة، ليس أهمها أن المتحرش يفوز بمتعة سرقة اللحم والعرض، وليس أقلها أنه يثير الرعب فى نفوس بريئة ستفكر 100 مرة قبل أن تكرر فعلتها وتنزل مرة أخرى إلى الميدان الموبوء بالثورة والإخوان، يحقق التحرش هنا مبدأ قانونيا جديدا، مفاده: «الردع للضحية وليس للجانى»، ليتحقق معنى «سيادة القانون» الذى عمل الرئيس مرسى على تأكيده منذ نعومة أظافر «المرشد». وفى هذه المناسبة الحميدة، والحديث عن التحرش الذى ملأ الأرض دون أن يصل إليه أو يثير انتباهه، أجد نفسى أحن إليه، أشتاق لرؤيته، فقد غاب عنا كثيرا، أغنى له «يا سارق من عينى النوم إن نمت دقيقة تصحينى وبقالى كام ليلة ويوم سحنتك مش مفارقة عينى».. وحشتنى طلته (أضف هاء واحذف التاء وأعد تدوير الكلمة).. وحشتنى روعته (أضف نونا وأعد تدوير الكلمة).. وحشنى حزمه (استبدل القاف بالميم).. وحشنى مرسى (استبدل الشين والدال بالسين والياء). أعتقد أن الإخوان هم الأدرى بشعاب التحرش، والأكثر معاناة منه، فما لاقوه فى السجون على مدار سنوات يجعلهم يفرون من مجرد ذكر الوقائع، ويهربون من إعادة تمثيل المشهد ولو مع غيرهم، لذا كان واجبا عليهم أن يتصدوا للهجمات المنظمة من قبل المتحرشين -على فرض أنهم ليسوا إخوانا- الذين وجدوا فى التحرير ضالتهم، فهنالك فى قلب الميدان شباب وفتيات وحدث سياسى قد يتطور فى لحظة فتتلاحم الأجسام وتتفرع الأيادى لتطول وتستبيح كل ما تجده فى طريقها، ورغم ذلك صمت الإخوان «جماعة وحزبا وحكومة ورئاسة» عن أضعف الإيمان ولم يغيروا المنكر بأيديهم ولا بألسنتهم، أما القلوب فالله أعلم بها. من يدعون على الإخوان تنظيم حفلات التحرش الجماعى لهم منطقهم فى ادعائهم، فكل نظريات التحليل تخدم هذا الادعاء، بدءا من نظرية المؤامرة الشهيرة، وصولا إلى نظرية «ابحث عن المستفيد»، كلها تسير فى اتجاه منطقى واحد هو: «الإخوان بيعوضوا حرمانهم العاطفى الذى أخفوه لسنوات خلف ستار الورع الدينى وبالمرة يرهبوا البنات من نزول التحرير ويأكدوا انطباع أن اللى فى الميدان بلطجية». كنت أتصور أن شخصا فى حجم الرئيس أو نائبه -اللى مش نائبه- أو متحدثه أو رئيس حكومته أو أى كادر إخوانى يتحرك لمنع الجريمة التى ترتكب فى حق كل سيدة وفتاة مصرية، بتشريع فورى أو قانون أو حتى تعليمات شفهية حتى لا يفقد النظام «رجولته ونخوته» فى نظرنا، بعد أن فقد إحساسه وإنسانيته وشرعيته، لكنها -أى الرجولة والنخوة- مطالب عزيزة إلى جوار الدماء التى تسيل فى الشوارع دون ثمن. ولأن الأيام دول، فسيأتى يوم على الإخوان «جماعة وحزبا وحكومة ورئاسة وشُعبا» سيجدون نساءهم فى الشوارع يبحثن عن حقوق رجالهم الذين سيعودون حتما إلى السجون، فهم «من السجن وإليه يعودون» ووقتها التحرش هيبقى للركب.. وكل اللى ليه تار هيخلص بيه.