انتاب القلق أوساط المعارضة المصرية بعد اغتيال القائد اليسارى التونسى شكرى بلعيد، وربط هؤلاء القلقون ما بين الفتاوى التى نُسبت إلى السلفية الجهادية التونسية، والتى حرّضت على قتل الشهيد التونسى، وبين فتوى الشيخ محمود شعبان، التى أكد فيها على وجوب قتل قادة الإنقاذ، وتجسّد ذلك جلياً فيما قاله الشيخ مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم: «إن حادث اغتيال المعارض التونسى شكرى بلعيد فى تونس، سيكون بداية موجة من الاغتيالات فى دول الربيع العربى، ومن شأنه نشر الفوضى والدخول فى نفق الحرب الأهلية فى تلك الدول». والحقيقة أننا سبقنا تونس فى الحرب الأهلية أو الاغتيالات الفردية، وأعتقد أن المصريين مفهومهم للحرب الأهلية (النموذج اللبنانى) جعلهم لا يدركون أنهم يعيشون نموذج أمريكا اللاتينية فى الحرب الفئوية النوعية التى تحدث نتيجة إفراز تحوُّل الدولة من الدولة «الرخوة إلى الدولة الفاشلة».. وها نحن نمر بكل مراحل ذلك من سقوط للدولة والمجتمع، وإليكم بعض الأرقام الدالة: منذ أبريل 2011 وحتى ديسمبر 2012 تم قطع خطوط السكك الحديد (219) مرة، وقُطعت الطرق البرية (1102) مرة، وكذلك تجددت الإشارة إلى قطع أوصال العاصمة (16) حاجزاً أسمنتياً فى كل من وسط البلد ومصر الجديدة وغيرها من الأماكن، وفى ذات الفترة حدثت (14) حرباً صغيرة فى منطقة جنوب الصعيد بين قبائل وقرى وأعراق، أدت إلى مقتل وجرح (116)، وفى المنيا حدثت حرب صغيرة بين أبناء قرية (أطسا) بالمنيا، وقتل وجرح (11) وتم تقسيم القرية بين أطسا البلد وأطسا المحطة تحت سمع وبصر المحافظ وقيادات حزب النور والحرية والعدالة، ثم إلى قيام ميليشيات أبوإسماعيل بكل ما تعرف، ولن ننسى ما حدث فى سيناء منذ 29/7/2011 وحتى الآن، إعلان السلفية الجهادية والانفصال بسيناء كإمارة إسلامية، واعتداء هؤلاء الإرهابيين على كمائن الشرطة والقوات المسلحة (91) عملية أدت إلى مقتل وجرح (211) من الجنود والضباط، منهم (مقتل 16، وجرح 7) قتلوا غدراً أثناء طعام الإفطار أو صلاة المغرب مساء الأحد 15/8/2011 عند معبر كرم أبوسالم، وإذ اتخذنا من الاغتيالات المرتبطة بفتاوى السلفيين الجهاديين على غرار ما حدث مع شكرى بلعيد، فهناك فتوى أدت إلى اغتيال الشيخ خلف المنيعى وولده (شيخ مشايخ قبيلة السواركة). وإذا انتقلنا إلى بورسعيد، هناك مقتل (74) فى المباراة الشهيرة، 4 فبراير 2012، ثم (59) بعد إحالة (21) متهماً إلى مفتى الديار يوم 26 يناير، ثم فى نفس الأسبوع مقتل (10) بالسويس، وواحد بالإسماعيلية. ومنذ أحداث «محمد محمود» الأخيرة ثم «الاتحادية»، وصولاً إلى جمعة الخلاص وما بعدها قتل (13) قتيلاً، بالإضافة إلى آلاف الجرحى. لذلك فنحن أمام قطيعة معرفية مع الماضى فى المسميات، وبعيداً عن المسميات فإننا أمام الانتقال من مرحلة الدولة الهشة الرخوة إلى الدولة الفاشلة التى لا تتحكم فى حدودها (1114) قضية سلاح مهرّبة من الحدود إلى داخل الوطن، دولة ليس بها أمان (مصر الدولة الرابعة فى انعدام الأمان على مستوى العالم)، دولة ليس بها احترام للقضاء، ومصر خير نموذج على ذلك. هل ننتظر الحرب الأهلية وزمن الاغتيالات أم نحن بينها بالفعل ولكم من طراز مصرى؟