أمهل أحمد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف السوري المعارض، النظام السوري حتى الأحد المقبل للإفراج عن النساء المعتقلات لديه وإلا سيسحب مبادرته للحوار معه، وذلك في الوقت الذي شهدت معارك ريف دمشق تصعيدا لافتا، إثر الكلام عن استعداد المقاتلين المعارضين للهجوم على العاصمة دمشق. ورغم ردود الفعل العديدة المؤيدة لهذه المبادرة، قال الخطيب، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية BBC الناطقة باللغة العربية، إن "هذه الأمور ليست إلى يوم الدين. إطلاق سراح النساء يجب أن يتم حتى يوم الأحد المقبل". وأضاف: "إذا تأكدت أن ثمة امرأة واحدة في السجن في سوريا ليوم الأحد، سأعتبر أن هذه المبادرة رفضها النظام، وهو يقفز ويرقص على جراح شعبنا وآلامه وتعذيب النساء". وكان الخطيب أعلن في 20 يناير استعداده المشروط "للجلوس مباشرة مع ممثلين للنظام" خارج سوريا من أجل إنهاء الأزمة في بلاده. وتوجه، الاثنين، إلى النظام السوري لإبداء موقف واضح من مبادرته، داعيا إلى انتداب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع للتحاور معه. ووُوجه الخطيب بانتقادات لاذعة داخل الائتلاف، لا سيما من المجلس الوطني السوري أحد أبرز مكونات المعارضة، الذي رفض أي تفاوض مع النظام ووصف قرارات الخطيب ب"المنفردة". وتمنى الخطيب لو يعقل النظام ولو مرة واحدة ويشعر أن هناك ضرورة لإنهاء معاناة الناس ويرحل، مضيفا أن "الثورة ستستمر، ولكن سنُبقي مجالا للتفاوض السياسي على رحيله". وبعد الترحيب الأمريكي والروسي والإيراني، وترحيب الجامعة العربية بمبادرة الخطيب، رحب الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي بها. وقال الإبراهيمي إنها "مبادرة شخصية مواتية للشيخ أحمد معاذ الخطيب، رغم ردود فعل مختلفة لأعضاء آخرين في الائتلاف". وأضاف الإبراهيمي، في مقابلة مع صحيفة "لاكروا" في عددها الصادر اليوم، أنها "عنصر إيجابي كما اعتبرتها المجموعة الدولية والبلدان الغربية وكذلك روسيا وإيران، إلا أن هذا ليس كافيا لعملية تنفيذ مشروع حل سياسي". وتتجه القمة الإسلامية المنعقدة في القاهرة إلى تأييد مبادرة الخطيب، حيث جاء في مشروع قرار أعده وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي للقمة الإسلامية بشأن سوريا دعوة إلى "حوار جاد بين الائتلاف الوطني للثورة السورية وقوى المعارضة وبين ممثلي الحكومة السورية الملتزمين بالتحول السياسي في سوريا، الذين لم يتورطوا بشكل مباشر في أي شكل من أشكال القمع، من أجل فتح المجال لعملية انتقالية تمكن الشعب السوري من تحقيق تطلعاته في الإصلاح الديمقراطي والتغيير". وحذر المفوض الأعلى للأمم المتحدة للاجئين، أنتونيو جوتيريس، في طوكيو، من أن عدد السوريين الهاربين من بلدهم بسبب المعارك سيصل إلى نحو مليون بحلول يونيو المقبل، مقدرا قيمة المساعدة الضرورية لجميع هؤلاء اللاجئين بمليار دولار. وقال إن الوضع الإنساني في سوريا هو "أسوأ كارثة يتعين علينا مواجهتها في الوقت الراهن"، معربا عن خشيته من تفاقم الوضع بسبب استمرار المواجهات بين القوات الموالية للنظام ومقاتلي المعارضة. وفي تلك الأثناء، أعلن الممثل الجديد للمعارضة السورية في الولاياتالمتحدة أن المعارضة تطمح إلى الحصول على مقعد سوريا في الأممالمتحدة، وستفتح ممثليتين في واشنطن ونيويوك. وأكد نجيب غضبيان، ممثل التحالف الوطني السوري في الولاياتالمتحدة، أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد فقد شرعيته ولذلك فإن "هدفنا هو تولي مقعده في الأممالمتحدة"، مُقِرًّا مع ذلك بأن الأمر يتعلق ب"معركة سياسية وقانونية طويلة". وأضاف الأمريكي السوري أستاذ العلوم السياسية في جامعة أركنساس جنوبالولاياتالمتحدة: "نفهم أن الأمر يتعلق بعملية طويلة ومعقدة، لكننا نريد أن نبدأ من الآن"، موضحا أن المعارضة السورية التي تملك مكاتب في سبع دول، بينها بريطانيا وفرنسا وقطر وتركيا، ستفتح مكتبي تمثيل في واشنطن الأسبوع المقبل ثم في نيويوك، في بادرة تدعمها الولاياتالمتحدة. وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية: "نجري محادثات مع الائتلاف الوطني السوري المعارض لفتح مكتب في واشنطن، وندعم أيضا فتح مكتب في نيويورك". وميدانيا، شهدت مناطق في ريف دمشق، أمس، تصعيدا في المعارك والقصف هو الأعنف منذ أشهر بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في وقت دعا فيه المجلس الوطني المعارض السوريين إلى دعم الجيش الحر في "معركة تحرير" دمشق. وتزامنت العمليات العسكرية في الريف مع معارك متجددة وعنيفة وقصف في بعض أحياء دمشقالجنوبية وفي شرقها. وقال مصدر أمني سوري إن "الجيش يشن هجوما شاملا" في ريف دمشق، حيث توجد معاقل كثيرة لمقاتلي المعارضة يستخدمونها كقاعدة خلفية في هجماتهم على العاصمة. وأوضح أن الجيش علم، مساء الثلاثاء، بأن مسلحي المعارضة يُحَضِّرُون لهجوم في منطقة دمشق فبادر إلى مهاجمتهم، موضحا أن "كل مداخل دمشق مقفلة". وأكد رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "مناطق في الريف تعرضت لقصف هو الأعنف منذ أشهر، تَرَافَقَ مع معارك ضارية". وأصدر المجلس العسكري الثوري، التابع للجيش السوري الحر في دمشق، بيانا طلب فيه من سكان العاصمة "عدم الخروج والتجول في الشوارع والأحياء إلا للأمور الضرورية، خاصة في المناطق التى تحصل فيها اشتباكات"، معلنا "المناطق الجنوبية مناطق حرب بمعنى الكلمة حتى إشعار آخر". وتنقلت الاشتباكات منذ الصباح بين حي القدم (جنوب) وأطراف حيي جوبر والقابون (شرق)، وتخللها قصف طال أيضا أحياء العسالي واليرموك والتضامن والحجر الأسود (جنوب). وأفاد المرصد وقوع خسائر في الأرواح بلغت نحو 50 قتيلا بين القوات النظامية والمعارضين المسلحين والمدنيين في دمشق وريفها. وأعلن المجلس الوطني المعارض أن "الثوار وأبطال الجيش السوري الحر يقومون بهجوم على مواقع استراتيجية في عاصمتنا الخالدة دمشق، وفي معرة النعمان قرب وادي الضيف الاستراتيجي، وفي مواقع أخرى في كل أنحاء سوريا". وأضاف المجلس في بيان له: "يحقق أبطالنا انتصارات هامة سيكون لها أثرها الحاسم على مسيرة الثورة السورية"، معتبرا أن "هذه التطورات الميدانية تؤكد أن الثورة ما تزال الطريق الأقصر لتحقيق النصر الكامل وإسقاط النظام المجرم". وطلب من جميع مؤسسات المجلس والائتلاف الوطني وجميع أبناء الشعب السوري التحرك لدعم ثوار دمشق وكتائب جيشها الحر بكل ما يملكون من طاقات وعلى كل الأصعدة، كما طلب من جميع السوريين "الوقوف صفا واحدا خلف جيشنا الحر، وتجنب الجدل السياسي المفرق للصفوف، وتكريس كل الجهد لدعم معركة تحرير دمشق بوصفها أولوية وطنية مطلقة". ويأتي هذا البيان بعد جدل داخل المعارضة، أثاره إعلان رئيس الائتلاف استعداده للتحاور مع النظام من أجل رحيله وإنهاء الأزمة. وفي محافظة أدلب (شمال غرب)، وقعت اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب المعارضة في محيط معسكري وادي الضيف والحامدية، اللذين يحاول مسلحو المعارضة السيطرة عليهما منذ أكتوبر، ترافقت مع قصف من القوات النظامية على مدينة معرة النعمان القريبة، التي تمكن المعارضون بعد الاستيلاء عليها من إعاقة إمدادات قوات النظام نحو حلب (شمال). وتواصلت الاشتباكات، أمس، في حي الشيخ سعيد جنوب مدينة حلب، الذي تحاول القوات النظامية استعادة السيطرة عليه من المقاتلين المعارضين الذين دخلوه قبل أيام، كما سجلت معارك لليوم الثالث على التوالي في محيط ثكنة المهلب للقوات النظامية في حي السبيل غرب المدينة. وأفاد المرصد حصول اشتباكات بين "أرتال للقوات النظامية متجهة نحو مدينة السفيرة (جنود غرب حلب) ومقاتلين من جبهة النصرة وعدة كتائب أخرى، من أجل منع القوات النظامية من التقدم"، علما بأن مقاتلي المعارضة يطوقون معامل الدفاع في السفيرة منذ أشهر. وسقط 19 قتيلا بين عناصر الأمن السوريين في تفجيرين انتحاريين متزامنين، استهدفا مركزين أمنيين في مدينة تدمر وسط سوريا، كما قُتل في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا أمس 122 شخصا، بحسب المرصد، الذي يقول إنه يعتمد للحصول على معلوماته على شبكة من المندوبين والمصادر الطبية في كافة أنحاء سوريا.