أكد الدكتور محمد محسوب وزير الشؤون القانونية السابق ونائب رئيس حزب الوسط، أن الدولة المصرية قصرت في استرداد أموال مصر المنهوبة، ولم يتم استرداد أي من أموال حتى الآن، وأن ال 20 مليون جنيه المستردة من الداخل هي عبارة عن تسويات من خلال مصالحات مع بعض المستثمرين حول الأراضي، والأموال التي تم الكشف عنها في الخارج لم تتجاوز 10 مليارات جنيه. وقال محسوب، أمام لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى، إن ملف استرداد الأموال المنهوبة كان على رأس الأسباب التي أدت إلى استقالته من الوزارة مشيرا إلى أنه تقدم بملف إلى رئاسة، لأن هذا الملف كان جزءا من تكليفه، ولكن لم يبت فيه، موضحا أن المشكلة في استرداد الأموال "تكمن في أننا نسير خلف مجموعة من الأوهام، منها الظن إن أموال الفساد ناشئة عن جرائم وهذا غير صحيح، لأن الأموال الناشئة عن فساد غالبا ما تنشأ عن أفعال صحيحة قانونا وليست مجرمة، وهي مشكلة كبرى". وأضاف محسوب أن لجنة استرداد الأموال سارت خلف الوهم في الربط بين الأموال والجرائم، كما أن هناك مشكلة وهي أن "الجميع يحسب إن الدول التي لديها أموال الفساد في الخارج والداخل لديها الرغبة في إرجاعها، وهذا غير صحيح لأن جزءا من المحافظ المالية في تلك الدول تعتمد على تلك الأموال لذلك لن تسارع بردها". وشدد محسوب على أن ما تم كشفه من أموال منهوبة في الخارج "بلغ مليونا وثلاثة من عشرة مليون دولار، أي لا يتجاوز 11 مليون جنيه، وهي أموال متفرقة في بعض الدول ولم تكتشف بناء على مطالبات مصر إنما هي أموال جمدت وكانت في بداية الحركة للتخفي، مثل بعض الأموال القليلة التي سقطت من لص وهو يجري بالأموال المسروقة"، موضحا أن مصر قدمت طلبات ل 122 دولة لتجميد أموال 19 شخصية من النظام السابق. وأوضح محسوب إن الدول التي لديها الأموال المهربة لن تساهم بالكشف عن الأموال التي لديها ولا ردها وأن اتفاقية مساعدة دول الربيع العربي لرد الأموال لم توقع عليها دول الشمال ولا دول الخليج العربي، لأن ذلك يؤثر على المؤسسات الاقتصادية المالية الكبرى في هذه الدول وهذا يوضح مدى حجم تلك الأموال. وأشار محسوب إلى إن تجارب استرداد الأموال السابقة في العالم أكدت أن الدول تعتمد على قدراتها السياسية والعسكرية كما حدث مع إيران وأموالها في إنجلترا في اتفاق الجزائر، أما تجربة الفلبين فلم تسترد من أموالها سوى 20 % فقط من الأموال المهربة دفعت نصفها عمولات، وعندما أرادت عمل 3 أنفاق لربط الجزر بها لم تجد الأموال اللازمة، وقامت "أميلد مرقس" أحد رموز الفساد وزوجة الرئيس السابق هناك بالتبرع بتلك الأموال للدولة. وشدد محسوب أنه لم يسترد أي أموال في الداخل، وأن ما تم هو تسويات مع مستثمرين حول استرداد بعض الأراضي، كاشفا أن مكافحة الفساد لا تسمح باسترداد الأموال من الفاسدين أو الذين تولوا سلطة رسمية أو غير رسمية في الدولة، وهؤلاء يجوز التصالح معهم، بل يجوز التصالح مع المستثمرين شرط رد كل الأموال، مشيرا إلى أن التصالح مع رموز الفساد يؤثر على مستقبل الجهاز الإداري في مصر ويزيد من الفساد في الدولة المصرية في المقابل التصالح مع رجال الأعمال لا يؤثر سلبا على الاستثمارات. أكد المرسى حجازى وزير المالية أنه تم فتح حسابين بالبنك المركزى لاستقبال الأموال المستردة من رموز النظام السابق، وفقا لنتائج تحقيقات الأموال العامة وأضاف خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية "تم إخطار البنك المركزى بذلك على أن يتعامل على وزير المالية مباشرة مع هذا الحساب". وقال حجازي "تم إخطار البنوك المعنية بتنفيذ الأحكام الصادرة ضد أحمد عز برد 12 مليارا و27 مليون جنيه من سوزان مبارك قرينة الرئيس السابق، وتم الحصول عليه من بنك "سوسيته جنرال". وقال إن الحساب الثانى هو الذى يستقبل المبالغ المتنازل عنها لصالح الدولة، ووصلت إلى 69 مليون جنيه وتودع فيه المبالغ التى يقوم بها رموز النظام السابق بالتنازل عنها بعد حفظ التحقيقات فى بعض قضايا رموز النظام السابق. واكد وزير المالية أن الواقع يشير إلى ما تم تحصيلة من الأموال المهربة لم يتجاوز 100 مليون جنيه بسبب عدم وجود أرصدة للمحكوم عليهم حيث لم يتمكن البنك المركزى من الحجز عليها. وهذه المبالغ يتم استثمارها لصالح الدولة، وأموال الصحف القومية التى كانت تقدم كهدايا للنظام السابق عادت إلى وزارة المالية. وقال المستشار يحيى جلال مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع، إنه لا يتصور أن الأموال المهربة خرجت فى غيبة الأجهزة الرقابية والمصرفية، "ولا نزايد لو قلنا إن هذه الأجهزة تستطيع إثبات طريقة خروج أي مليم من مصر خلال ال 20 سنة الماضية". وأضاف جلال أنه "لا توجد سياسة واضحة للدولة أو الحكومة لاسترداد الأموال، سواء الداخلية أو الخارجية، والمسألة تحتاج إلى سياسة واضحة وجهة متخصصة لإدارة هذه المسألة". وكشف عن أن جهاز الكسب غير المشروع أودع فى الخزانة العامة للدولة 103 ملايين جنيه نقدية، لافتا إلى أن هناك متهمين تنازلوا عن قطعة أرض للجهاز بصفته لنقلها للخزانة العامة قيمتها 80 مليون جنيه. وأوضح جلال أن اللجنة المشكلة لاسترداد الأموال بقرار من المجلس العسكرى، تختص فقط باسترداد أموال عائلة مبارك، وهى اللجنة السارية حتى الآن، مؤكدا أن المجلس العسكرى لم يتخذ أي إجراء جدى أو حقيقى لرسم خطة واضحة لاسترداد الأموال سواء داخليا أو خارجيا. وتابع أن هناك صعوبات ومعوقات تواجه عمل اللجنة، بخاصة اختلاف طرق المساعدة القانونية بين الدول ومدى توافر معلومات عن الأموال ومكان وجودها، وقال "إلى الآن لم تتعاون معنا أي دولة من دول العالم بأي معلومات عن الأموال المهربة، رغم علمنا الأكيد بمعرفة هذه الدول بالأموال المهربة من رموز النظام السابق لديها". ولفت إلى أن سويسرا لم تكشف إلا عن 700 مليون دولار مهربة، خاصة بعلاء وجمال مبارك، وهما اعترفا برقم الحساب الخاص بهما فى تحقيقات الجهاز، وبه 350 مليون دولار. ولفت إلى أنه صدر حكم قضائى من محكمة سويسرية برفض مد مصر بأي معلومات عن كيفية وصول الأموال إليها والحكم استند على أن الدولة المصرية فاشلة قضائيا وسياسيا ومؤسساتها فى قلق، وليس بها قضاء مستقل وبه اضطرابات. وقال جلال إن تهريب الأموال أصبح تخصص تقوم به شركات متخصصة فى التهريب، وأتخيل أن الأموال المهربة من مصر عادت بصورة أخرى بأسماء أخرى، ويتم استثمارها بأسماء أشخاص لا صلة لهم برموز النظام السابق.