فى أجواء خيم عليها الحزن والألم، وأصوات البكاء شيع أهالى الإسكندرية، وعشرات من مصابى الثورة جثمان صابرين محمود على آخر شهداء ثورة 25 يناير أمس الأول، من مسجد الرحمة بكرموز إلى مقابر الأسرة فى العامود. وقال «عمرو» شقيق صابرين خلال الجنازة «حسبى الله ونعم الوكيل فى كل مسئول قعد على الكرسى بعد الثورة، وأهمل حق الشهداء والمصابين، وتاجر بدمائهم علشان منصب أو كرسى فى البرلمان، ويترك مصابى الثورة يموتوا فى المستشفيات من الإهمال». وأضاف «شقيقتى كانت تبلغ من العمر 39 سنة، وكانت مطلقة، وتعول طفلين ولد يبلغ من العمر 13 سنة، وبنت عمرها 9 سنوات، وكانت تعمل فى سنترال لتتمكن من الإنفاق عليهما، وفى يوم جمعة الغضب 2011 كانت تزورنا فى منزلنا فى محطة مصر، وفى طريق عودتها إلى شقتها، أطلقت أعيرة نارية على الميكروباص الذى كانت تستقله فأصيبت بطلق نارى فى العمود الفقرى، ومن يومها بدأت رحلة العذاب مع المرض، وإهمال المسئولين، وكانت تحتاج منذ اليوم الأول للسفر والعلاج فى الخارج، ولكن لم نتمكن طوال هذه المدة من الحصول على جواب السفر الخاص بها فمكثت أسبوعاً فى المستشفى الميرى، وبعد أن ساءت حالتها نقلت إلى مستشفى قصر العينى فى القاهرة، وأجرت 8 عمليات وكانت العملية الأخيرة منذ 10 أيام، ودخلت بعدها فى غيبوبة كاملة انتهت بوفاتها». وقال «الحكومة منحتنا منذ شهر جواب علاج لها فى الخارج مدته أسبوع واحد فقط، وهو ما لم يكن يكفى لإجراء عمليات خطيرة، وبعدها علاج طبيعى، ما جعلنا نحاول مفاوضة الحكومة لمنحنا جواباً جديداً بمدة أطول تكفى لمراحل علاجها بالكامل، ولكن قبل أن نحصل على هذا الجواب رحلت هى عن الحياة، والأطباء أخبرونى أن سبب وفاتها إصابتها بميكروب فى الدم عقب إجراء العملية، وهو ما يؤكد الإهمال الشديد فى معاملة مصابى الثورة، وأن الأمر لا يقتصر فقط على الإهمال فى توفير العلاج، وإنما حتى العلاج المتوافر ملوث يؤدى للوفاة». وأضاف «صابرين منذ أن أصيبت لم تقو على الحركة، وتركت وظيفتها لأنها فقدت القدرة على العمل، وتركت حتى أطفالها الصغار عندنا فى المنزل بالإسكندرية، ولازمت السرير فى المستشفى بالقاهرة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة لتصبح آخر شهداء الإسكندرية فى ثورة يناير، وسط تجاهل تام من الأنظمة المتعاقبة بعد الثورة الذين لا يملكون سوى المتاجرة بدماء شهداء ومصابى الثورة». من جانبه قال محمد عبدالعزيز، المتحدث باسم مصابى الثورة بالإسكندرية «ما حدث لصابرين هو نهاية طبيعية للإهمال الذى تتعامل به الحكومة مع مصابى الثورة، وهناك عدد من مصابى الثورة حالتهم صعبة، بينهم من هو مصاب بشلل رباعى، وبعمى كلى فى مستشفى قصر العينى الفرنساوى، ومعظم المصابين يحتاجون إلى إجراء عمليات فى الخارج من الممكن أن تساعدهم فى استعادة الحركة ثانية، أو استعادة جزئية للبصر، ولكن إجراءات السفر للخارج معقدة للغاية تحول بين المصابين وبين شفائهم، على الرغم من أن مصابى الثورة، وشهداءها هم من ضحوا من أجل الأنظمة التى جاءت بعد الثورة، إلا أن هذه الأنظمة لا تتذكرهم سوى فى لحظات الانتخابات لتتاجر بدمائهم، وهناك 5 مصابين فى الإسكندرية فى حالات حرجة لا يزالون يتلقون العلاج بنفس المستشفى الذى توفيت فيه صابرين».