لم يعد المشهد كما كان من شُرفة المواطن البورسعيدى صلاح الدين شحاتة، الرجل الستينى الذى اعتاد أن يسمع أصوات العصافير ونفير السيارات، لم يعد يسمع منذ الأمس سوى أصوات ارتطام الطوب والرصاص وانكسار الزجاج، فضلاً عن روائح الغاز المسيل للدموع. «فيه مجموعة من الشباب بتحاول تقتحم قسم العرب من محيط الثلاثينى المحيط بالقسم، وبيحاولوا يدخلوه من الشوارع الجانبية كمان» هكذا كان المشهد الأخير قبل أن تصل كميات الغاز إلى حد غير محتمل، جعله لا يقوى على متابعة الأحداث، بسبب الرائحة والضباب الكثيف، الرجل الذى قضى حياته فى العمل بمحافظة بورسعيد لم يكن ككثيرين فقدوا الأمل من بعد الحكم: «لسه فيه طعن واستئناف، وحكم النهارده ممكن يكون هدى شوية الجماعة بتوع الأهلى، وآهم بيحتفلوا ومبسوطين، لكن هنا كلهم زعلانين، الحكم جزئى مش للكل، وال72 متهم، فيه منهم 21 مدنى بس اللى اتحكم عليهم». يهتف الرجل الذى لا يكف عن متابعة التليفزيون بين وقت وآخر: «والله البورسعيدية مظلومين يا عالم، الموضوع كله على بعضه مؤامرة، واللى دبرها لسه حر محدش وصل له، عاوزين نعرف المدبر، والغلطان يتحاسب والبرىء يفرجوا عنه». حين يتأمل الرجل الذى يثق أن من بين المحكومين أبرياء يقول: «يا ريت اللى اتحكم عليهم بالإعدام، يعترفوا على الروس الكبيرة اللى مدبرة، دول خلاص رقابيهم رايحة حبل المشنقة، مين اللى اختار بورسعيد عشان تكون مسرح الجريمة، ومين اللى حول فريق كسبان تلاتة صفر لفريق الناس تهاجمه». أعادت أحداث اقتحام السجن أحداث الثورة الأولى إلى أذهان الرجل، الذى لم يشهد عنفاً ومحاولات اقتحام للقسم منذ عام 2011 إلا فى أعقاب الحكم، لكنه ما زال يعلق الأمل على السلمية رغم كل شىء: «ربنا يستر ويهدى سر البلد الغلبانة، بورسعيد مظلومة طول عمرها، أتمنى يكون فيه عقلاء من الشباب وأن تعود اللجان الشعبية كما كانت أيام الثورة، واللى بيحبوا بورسعيد ينزلوا يهدوا الشباب المكلومين والمصدومين من الحكم ويفهموهم إن القضاء هو وسيلة الحصول على الحكم، والتعبير بصورة سلمية هيعمل تعاطف أكتر من شعب مصر كله».