أي والله مظلومة يامصر ومسكينة طول عمرك. مافيش بلد في الدنيا استحملت نكد زي ما استحملتي. ومافيش شرير إلا وطمع فيكي. ومافيش حرامي كبر وانتفخ. . إلا علي أرضك يا غلبانة. ولا حد حب يحكمك. إلا واتحققت بين يوم وليلة أحلامه. . واتمطع علي كرسي السلطان! نيل وأرض وشمس وخير. قامت عليها في غابر الزمان حضارة الأجداد. وكان مفروض. بالخير ده كله. وبالناس المصريين الطيبين. تكوني يامصر من أغني الدول. أغني حتي من دول البترول والخليج. . لكن ربنا بلاكي بحكامك. اللي يسكت علي الفساد. واللي يتسلط بالشر علي العباد. اللي عايز يبقي امبراطور كبير. ومش مهم أرواح الناس. ولا ميزانية البلاد. واللي يطلب لك الاحتلال رسمي. ويقول لوزير جهاديته بكل بجاحة. . يا عرابي.. أول ما تشوف مراكب الإنجليز داخلة علي اسكندرية. ترفع راية الاستسلام البيضا.. فاهم يا خرسيس؟! لكن الخرسيس عرابي لم يفهم. وهو الرجل العسكري. كيف يسلم بلده للمحتل دون مقاومة. فيقاوم ويخونوه. ويقبضوا عليه. ويحاكموه بتهمة الخيانة العظمي. ويحكموا عليه بالاعدام. ويخفف الحكم كتر خيرهم. إلي النفي خارج البلاد. علي أن يطلق عليه الرصاص إذا عاد! ولم يكن عرابي وحده هو الزعيم المصري. الذي حاولوا إلقاءه في بئر النسيان. لم يكن عرابي وحده هو الذي ذاق طعم الاهانة ومرارة الحبس والنفي. نفس الكأس شرب منها عمنا بيرم التونسي وسعد باشا زغلول. ومصطفي كامل ومحمد فريد. وكل زعيم مصري سولت له نفسه أن يحلم بالحرية لمصر! وكأن كل بلوة من البلاوي التي حكمت مصر. كارثة عادت بها إلي الوراء. فبعد أن خلقت أسرة محمد علي الاقطاع والاقطاعيين. جاءت الثورة باقطاعيين من صنف تاني. كل واحد منهم. وهم أكتر من الهم علي القلب. يمتلك الآن مزرعة وفيلا واسطبل للخيل. وحمامات سباحة ورجال حراسة. . الحكام الجدد رجال الأعمال والمال. ورؤساء مجالس الإدارات. وزراء ومسئولين كبار. عملوا لأنفسهم »مصر تانية«. غير مصر الزحمة والزبالة. التي تختنق برائحة مواطنيها الغلابة! مش هو ده الوطن. مش هي دي مصر! »مقال قديم نشر في جريدة »الأسرار« منذ 6 سنوات«