هشام سليم فنان جاد، ولد كممثل وعاش نجوميته منذ الطفولة ليشب على حب الفن، وينهل من روافده المختلفة من السينما للمسرح للدراما التليفزيونية. ورغم تاريخه الفنى الذى تجاوز الأربعين عاما ومكانته كواحد من أهم نجوم الدراما التليفزيونية، فإنه غاب عن شاشة السينما لأكثر من خمس سنوات، وانسحب من سباق الدراما التليفزيونية لعامين، ناهيك عن هجره لخشبة المسرح منذ سنوات طويلة، وهو ما يجعلنا نتساءل عن غياب هشام سليم غير المبرر، خاصة مع كم الإنتاج التليفزيونى الكبير وعودة السينما المصرية لساحة التنوع والاختلاف التى جذبت النجوم الكبار مرة أخرى، وهو ما نناقشه مع هشام سليم فى حواره الجرىء مع «الوطن». * بماذا تفسر وقوفك خارج المشهد الدرامى لعامين متتاليين؟ - ليس علىّ أن أجتهد فى إيجاد تفسيرات لهذا الأمر، لأن دورى يتمثل فى العمل لا فى البحث، ولكن هذا دور الصحافة التى يجب أن تمارس البحث والتحليل وتكشف الأخطاء لا فى الفن فقط ولكن فى كافة المجالات. * وهل ترى أن لجوء نجوم السينما للدراما التليفزيونية بهذه الكثافة أمر طبيعى؟ - ربما يكون السبب هو حصول العديد منهم على ملايين الجنيهات نظير قيامهم ببطولة عمل درامى واحد، فبعضهم يحصل على 30 مليون جنيه فى حين لم أحصل على مدار 40 سنة، هى سنوات مشوارى الفنى، على واحد من عشرة من هذه المبالغ، وقد نجد إجابة لابتعادى عن خريطة الدراما التليفزيونية خلال العامين السابقين، خاصة أن التليفزيون المصرى يقول إنه لا توجد أموال فى ميزانيته لمسلسل أقدمه أو يقدمه غيرى، وفى الوقت نفسه تجده يدفع 30 مليون جنيه أجرا لفنان واحد! * البعض يرى أن الدراما تمر بأزمة فهل تفاوت نظرة التليفزيون المصرى للأعمال الدرامية اعتمادا على النجوم يعتبر أحد أسباب هذه الأزمة؟ - التليفزيون المصرى وشركات الإنتاج اتفقت على أن يخربوا الأعمال الفنية عن طريق الاستعانة بممثلين لا يصلحون لتجسيد الأدوار، وهو ما ينتهى بنا إلى ترديد مقولات مثل أن الدراما السورية أفضل من المصرية، رغم أن هذا تقييم خاطئ، وللأسف معظم الأموال التى تسهم فى تدمير الدراما المصرية وتسىء إليها أموال خليجية يمنحونها لبعض جهات الإنتاج للإضرار بالدراما المصرية بأيدى أبنائها، فنحن فى حاجة إلى صناعة دراما حقيقية بإنتاج جيد وسيناريوهات مجهزة ومكتوبة قبل التصوير وممثلين حقيقيين، وبهذا وحده ستتوفر مقومات العمل الناجح، ونعمل على تصحيح صورة الدراما المصرية وإعادتها إلى مسارها الصحيح، والمؤسف فى الأمر أن تراجع الدراما المصرية يأتى بسبب تنفيذ الأعمال بمجرد موافقة النجم على ملخص قصة وثلاث حلقات، ثم تستكمل الحلقات واختيار الفنانين أثناء التصوير فكيف تكون هذه الأعمال جيدة؟! * وهل تعتقد أن تكرار نوعيات مثل مسلسلات السيرة الذاتية جزء من أزمة الدراما؟ - أنا شخصيا لا أفضل تجسيد أى من شخصيات مسلسلات السيرة الذاتية، خاصة لو لم توافق عائلة الشخص موضوع المسلسل، فجميعنا نتابع ونعلم تمام العلم أنه لا يوجد عمل بين مسلسلات السيرة الذاتية نفذ إلا وتلته «فضيحة» للقائمين عليه، والغريب أنهم ما زالوا مصرين على تنفيذ هذه الأعمال، وإن دل ذلك على شىء فهو يدل على أنه لا توجد كرامة لأحد، وليس من المهم تجريح أشخاص أو عائلات، ولكن المهم هو الضجة المصاحبة للعمل، وما قد يحققه من توزيع بغض النظر عن أهميته، ومدى تأثيره على الحياة الشخصية. * وكيف ترى حال السينما المصرية بعد الثورة؟ - على الرغم من أننى بعيد عن السينما منذ أكثر من خمس سنوات، ولكن السينما المصرية الآن فى حالة يرثى لها، ولا أعتقد أنها قد تستلهم روح الثورة، أو تعبر عنها فى الوقت الحالى، لأن السينما محتكرة من بعض المنتجين الذين استفادوا منها وأساءوا إليها، وهو ما نتج عنه بعض عمليات غسيل الأموال تحت غطاء السينما المصرية، فهناك كثير من الأعمال أنتجت بهذه الطريقة من الباطن وبشكل معلن، وبالتالى لا يوجد اجتهاد فى خروج أعمال جيدة للنور، والغريب أننا نشاهد كل عامين فيلما ثم نسمع ضجة بعد الإعلان عن حصول هذا الفيلم على جائزة من مهرجان لا نعرف هويته ولا أهميته، وتقوم الصحافة بالتهليل لمثل هذه الأفلام، وهو مؤشر خطير يكشف حالة التردى التى تعيشها السينما المصرية. * ولكن ألا ترى أن إصدار حكم عام بتراجع السينما المصرية يعتبر حكما ظالما لبعض صناع السينما ونجومها الجادين؟ - القاعدة هنا تؤكد على تراجع السينما المصرية فنيا، ولكن بالطبع هناك استثناءات لا يمكن إغفالها، وهناك أعمال جيدة ولكنها قليلة، وأنا شخصيا معجب بأسماء من بين نجوم السينما الشباب مثل أحمد مكى الذى أعتبره واحدا من الممثلين المهمين فى المرحلة المقبلة، وسيكون له شأن كبير لأنه مجتهد ويسعى للاختلاف ولكن ما يعيبه هو استعانته بمفردات من اللغة الإنجليزية فى معظم أعماله، وهو ما يجب أن يكف عنه حتى لا يؤثر فى الشباب، ويساهم فى إبعادهم عن لغتنا العربية. * كثير من الأفلام دخلت المحاكم وأثيرت بشأنها استجوابات فى البرلمان، ولكن أليس غريبا أن يبادر برلمان الثورة بمصادرة الأفكار ومطالبته مثلا بمنع فيلم «الشيخة موزة» قبل كتابة مشاهده كما حدث مؤخرا؟ - أنا ضد أى تدخل فى حرية الإبداع أو فرض وصاية بأى شكل من الأشكال على المبدعين، وإذا كان العمل الفنى يثير قضية خلافية فهناك العديد من الأساليب والطرق لمناقشة الأفكار التى تحملها الأعمال الفنية، ولكن الرفض أو المنع يعنى أننا ما زلنا نعيش فى عهد النظام السابق، ولا وجود للديمقراطية التى نطالب بها، فجميعنا يعى أننا نعانى منذ ستين عاما من سطوة المنع دون نقاش أو إعمال للعقل والتفكير الذى قد يصل بصاحبه لنتيجة مخالفة للنتائج القهرية التى تقيد الفن المصرى.