هل انتقاد رئيس الدولة هو انتقاص من رمز وهيبة الدولة والوطن؟! سؤال يُطرح بشدة الآن وبأقلام رؤساء تحرير صحف قومية، وبالطبع صحف إخوانية، هذا السؤال هو تمهيد لما سيحدث من تكميم أفواه للبرامج التى تنتقد الرئيس والزج بأصحابها فى السجون بتهمة ازدراء الرئيس، هذا السؤال هو تعبيد لطريق الديكتاتورية التى تجعل من الحاكم نصف إله، الحاكم من حقه بالطبع مثله مثل أى مواطن مصرى ألا يسب أو يقذف ولكن ليس كل انتقاد مهما كان عنيفاً وحاداً يعتبر شتيمة، فعندما يوصف أداء الرئيس بالفشل أو توصف تصريحاته المتناقضة بالخداع والمراوغة أو يوصف تعديه على القضاة والقضاء بأنه عدوان غاشم.. إلى آخر هذه الكلمات التى تعتبر توصيفات للأمر الواقع وليست شتيمة أو سباً علنياً، وهنا فى مصر تبلغ الحساسية الرئاسية أقصى مداها مع وسيلة التعبير الكاريكاتيرية وذلك لعدة أسباب منها قوة تأثير هذا الأسلوب وأيضاً افتقاد روح الدعابة والمرح والكوميديا عند تنظيمات السمع والطاعة، وصلتنى رسالة من د.يحيى طراف، أستاذ جراحة عظام الأطفال، تعليقاً على ما كتبه الأستاذ عبدالناصر سلامة عن هيبة الرئيس، الرسالة تقول: «رئيس الدولة هو رمز لهيبتها، والانتقاص من شخصه، سواء بالتصريح أو التلميح، هو انتقاص من هيبة الدولة، وسواء كان ذلك من خلال برامج تليفزيونية أو غيرها فالنتيجة واحدة»، هذه كلمات عبدالناصر سلامة، رئيس تحرير الأهرام، التى بدأ بها مقاله بالصفحة الأولى بأهرام 13 يناير. رئيس الدولة ليس رمزاً لهيبة الدولة ولا لأى شىء فيها، إنما هو موظف عام بدرجة رئيس أسند إليه الشعب هذه الوظيفة لفترة محددة يعود بعدها من حيث جاء، ولا يجب إسباغ القداسة عليه أو تحصينه بالمنصب من النقد، فهذا هو رأس الفساد وركيزته. اليوم هو رمز الدولة، وغداً هو الدولة، وهكذا يستدير حول الديكتاتورية من جديد فما أشبه ليلتها عندئذ بالبارحة. رمز الدولة هو علمها الذى يحلق فى سمائها، والذى نصت دساتير الدول على صيانته واحترامه وعدم ازدرائه. وفى الولاياتالمتحدة يحمى القانون هذا الرمز ويصون كرامته، ويحدد طريقة لائقة للتخلص من الأعلام البالية. والسلام الوطنى كذلك هو رمز للدولة، يقف لدى سماعه المواطنون وتخشع عند عزفه الأصوات، ويوم أساء جمهور فريق الدولة المنافسة الأدب خلال عزف السلام الوطنى الفرنسى قبل بدء مباراة لكرة القدم بينهما، غادر الرئيس الفرنسى الملعب. أما الرئيس فنقده مباح لا غبار عليه، ولا يجب الخلط بينه وبين الدولة، ولا بين انتقاد قراراته وبين الانتقاص منه، الرئيس إذا أخطأ أو جانبه الصواب أو مال ميلاً، فلا جناح على أحد أن يقوّم اعوجاجه بلسانه، أوليس هو الذى طلب فى المقام الأول أن يقوّم الناس اعوجاجه بسيوفهم، فإذا ما استبدلوا بالسيف اللسان فليس له أن يغضب ولا لشيعته. إنى لأعجب للذين يرددون مقولة أن الرئيس هو رمز الدولة أو هيبتها وهناك رئيس قابع فى السجن، فهل تحاكم الرموز وتسجن، أم أن مرسى له وضع خاص؟!!