عيد تحرير سيناء، جهود إقامة التنمية العمرانية لأهالي أرض الفيروز ومدن القناة    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه (فيديو)    اليوم، الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة مازيمبي    تجديد حبس شاب قتل والده في الخليفة    تفاصيل الحالة المرورية صباح اليوم الخميس 25 أبريل    القاهرة الإخبارية: بعض المدارس انضمت لاحتجاجات الجامعات بأمريكا ضد عدوان إسرائيل على غزة    إعلام فلسطيني: شهيد في غارة لجيش الاحتلال غرب رفح الفلسطينية    مستشار سابق بالخارجية الأمريكية: هناك موافقة أمريكية على دخول القوات الإسرائيلية لرفح    «الجمهورية»: الرئيس السيسي عبر بسيناء عبورا جديدا    اعرف أسعار الذهب اليوم 25 أبريل وتوقعات السعر الأيام المقبلة    «الأهرام»: سيناء تستعد لتصبح واحدة من أكبر قلاع التنمية في مصر    ضرب نار في أسعار الفراخ والبيض اليوم 25 أبريل.. شوف بكام    وول ستريت جورنال: من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريكية؟    حزب الله يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية مختلفة    ارتفاع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 25 إبريل 2024    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر سيتي وبرايتون اليوم    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    اضبط ساعتك.. موعد بدء التوقيت الصيفي في مصر 2024| وطريقة تغيير الوقت    الشرطة الأمريكية تعتقل عددًا من الطلاب المؤيدين لفلسطين بجامعة كاليفورنيا.. فيديو    أحمد جمال سعيد حديث السوشيال ميديا بعد انفصاله عن سارة قمر    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    "شياطين الغبار".. فيديو متداول يُثير الفزع في المدينة المنورة    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    تطور مثير في جريمة الطفلة جانيت بمدينة نصر والطب الشرعي كلمة السر    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    «الاستثمار» تبحث مع 20 شركة صينية إنشاء «مدينة نسيجية»    بالصور.. نجوم الفن يشاركون في تكريم «القومي للمسرح» للراحل أشرف عبد الغفور    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    أول تعليق من رئيس نادي المنصورة بعد الصعود لدوري المحترفين    تدريب 27 ممرضة على الاحتياطات القياسية لمكافحة العدوى بصحة بني سويف    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    يسرا اللوزي تكشف كواليس تصوير مسلسل "صلة رحم"|فيديو    مدحت العدل يكشف نصيحة جماهير ريال المدريد بإسبانيا للإعلامي إبراهيم عيسى ونجله    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    عالقين ومصابين.. محافظ شمال سيناء: إعادة 3 آلاف إلى غزة قريبا    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    تجربة بكين .. تعبئة السوق بالسيارات الكهربائية الرخيصة وإنهاء الاستيراد    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 02 - 04 - 2016

الهجمة على الحريات فى ازدياد، فإلى جانب ما تتعرض له منظمات حقوق الإنسان من تضييق تأتى المطالبة بالتضييق على وسائل التواصل الاجتماعى، خاصة «فيس بوك»، عبر تضمين مواد تقيد حرية التعبير على الإنترنت ضمن قانون تنظيم الإعلام. شخصياً أحاول تجنب «فيس بوك»، وأرى ما فيه من مشكلات، لكنى لست خصماً له ولا أرى المنع والتقييد حلاً للمشكلات التى يثيرها.
مقاومة «فيس بوك» وإخوته من وسائل التواصل الاجتماعى مآلها الفشل مثلها مثل كل محاولات تقييد تقدم العلم والتكنولوجيا، فهذا هو الدرس الأهم منذ قاوم عمال النسيج الإنجليز استعمال الأنوال الميكانيكية فى المصانع، مروراً بمقاومة السقايين لمد شبكات المياه فى القاهرة، انتهاءً بمقاومة سائقى الأجرة ل«أوبر وكريم» وأشباههما، فكل هذه ليست سوى محاولات يائسة قد تؤدى إلى إبطاء مسيرة التقدم لكنها أبداً لا توقفها.
«فيس بوك» مثله مثل المطبعة؛ فكلاهما أشاع تداول المواد المكتوبة وسهل انتقال الأفكار من مؤلفيها إلى نطاق أوسع من القرّاء. النسّاخون والورّاقون قاوموا المطبعة خوفاً على أرزاقهم، تماماً كما يفعل بعض الصحفيين والكتاب اليوم، وقاومها أيضاً أصحاب السلطة الدنيوية والدينية خوفاً على سلطانهم وحرصاً على احتكارهم المعرفة والرأى دون عموم الناس. القضية، إذن، كانت وما زالت قضية مصالح اقتصادية وأخرى سياسية حتى لو سماها البعض قضية أمن قومى، كما لو كانت حماية الأمن القومى امتيازاً خاصاً بهم مع أن كل صلتهم بالأمن القومى لا تزيد عن صلاتهم بضباط الأمن، أما الأمن القومى نفسه فهو أكبر وأهم كثيراً من أن يترك فى أيدى سدنة الأمن، ولنتذكر أن هذا البلد كاد يضيع منا عدة مرات خلال الستين عاماً الماضية، وهى السنوات التى احتكر فيها الأمنيون إدارة شئون البلاد، ولا أظن أننا نسينا ما حدث لنا فى عام 1967 من هزيمة ما زال العالم العربى كله يدفع ثمنها إلى اليوم، ولا ما حدث لنا فى يناير 2011 وما تلاه من سنوات عجاف كاد فيها البلد أن ينجرف إلى مصير أفغانى-باكستانى، حتى استقرت أخيراً على سيناريو «شبه جزائرى» هو بالتأكيد أفضل من غيره، لكنه أبعد من أن يكون مصيراً نهائياً يستحق الاحتفال كمحطة نهائية ومصير أخير.
أعود إلى «فيس بوك» والمطالبين بتقييده لأكرر الإقرار بالمشكلات التى تثيرها تلك المنصة العجيبة التى تتيح لعموم الناس الفرصة لتبادل الآراء والأفكار. نوعان من الناس استفادوا من «فيس بوك»: عموم الناس الذين أتتهم الفرصة لأول مرة للتعبير المكتوب عما يعن لهم، وبعض خواص الناس المحرومين بسبب قيود السياسة وفساد مؤسسات النشر والصحافة والتعبير عن الوصول بأصواتهم إلى جمهور أوسع، وبين الفريقين يقف فريق ثالث له من العوام أفكارهم وطرائق تعبيرهم، فيما له من الكثير من المتابعين والمحبين مما يجعله يبدو كما لو كان من الخواص وأهل النخبة المشهورين.
العوام من الناس -بحكم التعريف- هم محدودو المعرفة والاطلاع، وأصحاب قدرة محدودة على التعبير، خاصة التعبير المكتوب، وليس لنا أن نتوقع منهم أكثر مما نراه بالفعل من ترهات وقبح لفظى نلاحظه فى تعليقاتهم المنشورة على الفيس بوك والإنترنت. فى الظروف العادية لمجتمع طبيعى لا يجب لمثل هذه التعليقات أن تثير مشكلة لأن أحداً من المعنيين بالأمر لا يجب أن يأخذها بجدية إلا كمؤشرات شديدة العمومية على المزاج السائد بين الناس.
فى الفضاء الافتراضى وعلى الفيس بوك تجد أيضاً جماعات من المثقفين عالى الثقافة والذكاء حتى لو اختلفت معهم فى الأفكار والاختيارات السياسية. أتاح الإنترنت لهؤلاء فرصة لنشر أفكار لا تجد منابر للتعبير عنها خارج الفضاء الافتراضى. ما تقدمه هذه التيارات فيه إغناء للفكر والسياسة فى بلادنا، وبدلاً من أن ينزعج البعض لوجود هؤلاء على الإنترنت عليه أن ينزعج لأن مؤسسات الثقافة والسياسة فى بلادنا لا تفسح لهم مساحة مناسبة يعبرون فيها عن أنفسهم، فتحولوا من صوت إضافى يمكنه إثراء الحوار العام، إلى جماعات أقلوية شبه سرية، تعانى التهميش، وتزعم البطولة. جماعات الخواص من هذا النوع الموجود فى الفضاء الافتراضى لا يجب أن تخيف أحداً، فالمقلق ليس هو وجودهم هناك، ولكن المقلق فعلاً هو حصر وجودهم فى حدود الإنترنت والفيس بوك، وليس حيثما يجب أن يكونوا فى مؤسسات معترف بها لها منابرها وشرعيتها، أما أن يسعى البعض للتضييق عليهم حتى على الإنترنت فهذا هو الخطأ بعينه.
التحدى الأكبر الموجود على الفيس بوك والإنترنت هو الفريق الثالث الذى يقف بين الفريقين السابقين، وهو فريق يفكر ويعبر بنفس الطريقة التى يفكر ويعبر بها العوام من الناس، لكن لديه من دقة الملاحظة وخفة الظل وحلاوة التعبير وحدة اللفظ ما أهّله لتزعم العوام، حتى إن بعض زعماء العوام المنتشرين على الإنترنت بات لهم من الشعبية والأتباع والتأثير أكثر مما لمؤسسات ورموز النخب المعترف بها، حتى كاد هؤلاء ينجحون فى طرح أنفسهم كنخب بديلة لها من الجدارة والمصداقية ما يزيد على النخب الرسمية وشبه الرسمية.
الفيس بوك موجود ومسموح به فى أغلب بلاد الدنيا. هذه حقيقة لن تتغير إن اخترنا الالتحاق بالعدد الصغير من الدول التى تفرض القيود عليه. المشكلة الحقيقية ليست فيما نراه على الفيس بوك ولكن فيما يجرى خارجه. فعندما تعجز مؤسسات الثقافة والسياسة المعترف بها فى إنتاج خطاب راقٍ وذى مصداقية يتحول الفيس بوك وأمثاله إلى عفاريت تثير الفزع، وعندما يتهرب البعض من إصلاح المؤسسات الرسمية وخطابها، فيبشرنا بتقييد الفيس بوك والإنترنت بدلاً من معالجة أصل الداء الموجود فى المؤسسات المعطوبة وخطابها غير المقنع، فإننا نكون كمن لم يتعلم أى شىء من خبرة الستين عاماً الماضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.