ودعت دار الأوبرا المصرية عام 2012 واستقبلت العام الجديد وسط أجواء يسودها التفاؤل بمستقبل أفضل للثقافة والفنون في مصر، انعكست من خلال حفل أوركسترا القاهرة السيمفوني الذي أقيم على المسرح الكبير بقيادة المايسترو أحمد الصعيدي ومشاركة السوبرانو الرومانية نيكوليتا رادو مع كورال اكابيلا، وأخرجه الدكتور عبد الله سعد بحضور أكثر من 1200 مشاهد مصري وعربي وأجنبي. خرج الاحتفال الذي أشرفت عليه الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيسة الأوبرا في شكل مبتكر وغير تقليدي وعبرت فقرات الحفل عن معان وقيم إنسانية واجتماعية سامية تجسد روح التعاون وأهمية العمل، كان منها مقطوعة البولكا الفرنسية ل"شتراوس" التي كتبها تخليدا واحتراما لمهنة الحداد التي كانت مصدرا لإلهامه، وكان ذلك في النصف الثاني من القرن ال19 وارتدى قائد الأوركسترا زي الحداد لإيجاد حالة من الواقعية في الأداء، افتتاحية الفروسية الخفيفة ل"فرانز فون سوبيه" التي كتبها متأثرًا بأحداث الحرب العالمية الأولى وتأكيدًا على أهمية ومحورية الجيش إلى جانب مؤلفات يوهان شترواوس الابن (المارش الفارسي - تحت الرعد والبرق - مارش من أوبريت "البارون الغجري" - بولكا الصيد). وقدم الأوركسترا صورة موسيقية مميزة للموسيقار العالمي هانز كريستيان لمباى بعنوان سكك حديد كوبنهاجن التي عبرت عن عمال القطارات والسكك الحديدية، وتمثل هذه المقطوعة روح الاحتفال في الدانمارك خلال المناسبات الهامة خاصة المرتبطة بالعمل ليظهر عازفو الأوركسترا السيمفوني وهم يرتدون ملابس عمال القطارات. وصرحت الدكتورة إيناس عبد الدايم بأن الفن سيظل القوة الناعمة والمؤثرة في المجتمع يجسد ويعبر عن حالاته وعناصره لأنه الأكثر تأثيرا في نفوس البشر، وهي الرسالة التي حاول الأوركسترا السيمفوني المصري أن يوجهها للعالم من خلال احتفالية العام الجديد التي تضمنت أكثر من 21 مقطوعة موسيقية من كل دول العالم قدم معظمها منذ أكثر من 150 عامًا ولا زالت تجسد انكسارات وانتصارات الشعوب وتلك القيم والمبادئ الهامة هو ما تصبو إليه الأوبرا لترسيخه من خلال فنونها الجادة. وأشاد عدد من جمهور الجاليات الأجنبية التي حضرت الحفل بالمستوى الفني الراقي للأوركسترا السيمفوني المصري، مؤكدين أن مصر ستظل لها الريادة في الثقافة والفن ما دامت تضم تلك النخبة من الفنانين الموهوبين والمتميزين الذين تحتضنهم دار الأوبرا المصرية. يذكر أن دار الأوبرا المصرية تزينت من الداخل والخارج بأشجار الكريسماس والزهور المختلفة الألوان وانبعثت من جنباتها أنغام الموسيقى الهادئة التي أضفت جوًا من التفاؤل والأمل.