محمد مرسى العياط.. أنت الآن بين يدى ربك، فانظر ماذا أنت فاعل؟ لا تتهمنى بالكفر، فلست ممن يضعون أنفسهم فى منزلة الرب، كما فعل السفهاء من قومك الذين وضعوك موضع الأنبياء والقديسين والخلفاء الراشدين، ونصبوك إلهاً عليهم.. أرانى فقط أحذرك وأنذرك وأجذب انتباهك إلى يوم «يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ» عداك أنت لن تفر أمام الله من مسئوليتك كراعٍ أمام رعية. يظلمك أهلك وعشيرتك وجماعتك، حينما يضعون اسمك فى جملة مفيدة مع سيدنا عمر بن الخطاب، جميعهم يظلمونك حقاً، فليس فى عصرنا هذا من يرقى للقب الفاروق، ولست أنت تحديداً من يليق باللقب، طالما أنك لم تجِب نداء «وامرساااااااه» الذى أطلقه القاصى والدانى دون مجيب. أنت الآن بين يدَى من دعوته ليلاً فى ظلمات سجنك ومن فرَّج كربتك وأخرجك من الظلمات إلى النور، وجعلك على رأس وقلب كل المصريين، سلطة وسطوة.. أنت الآن قاب قوسين أو أدنى من جنة تستكمل فيها نعيمك الذى أسبغته عليك، أو نار تأكل الجسد كما أكلت نار جماعتك الوطن، أجِب على ربك ولكتب لنفسك نهاية وأياك والكذب. يسمعك ربك فى خطاباتك، فى حواراتك، فى همساتك، يسمعك ويراك، يعلم السرَّ والغيب، والقصد والنية، تدوِّن ملائكته كل شاردة وواردة ويكتظ كتابك ليس بأعمالك ونواياك فحسب، بل بدعاء مكلومة على شهيدها «حسبى الله ونعم الوكيل» -وهن كثيرات- وصرخة جائع «على أكثرهم» بحثاً عن لقمة «إلهى تجوَّعه جوعنا»، وآهة مريض -وكم من مرضى فى هذا البلد- لا تسكن جسد مسئول.. كلها تدوَّن فى كتابك وإلى جوارها «ماذا فعلت يداك تجاه هؤلاء؟». تقف أمام ربك وتبرر: قلتُ وقلتُ وقلتُ؟.. فترد ملائكته عنه: أين الفعل إذن؟ تعنفك الملائكة: أمسلم أنت؟.. المسلم هو من يفعل قبل أن يقول، المسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده، أترى نتاج لسانك؛ قتالاً فى الشوارع وقتلى فى البيوت، وموتى على الرصيف، يواسيك قومك بأنك مختلف تصلى وتصوم وتذكر الله كثيراً، وأنك لست إعادة لنظام فاسد كانت يد الله هى العليا فى إسقاطه، فنرد عليك: تصلى لنفسك وتصوم لربك وتذكره بلسانك لكن قلبك وفعلك عنه مشغولان، النوايا يا ولد العياط وحدها لا تصنع المعجزات، والفارق فى الناتج، ونتاجك لا يقل سوءاً عن سابقك، إن لم يزِده أتباعك ب«اللغو» فى الدين، والافتئات على الإسلام بما ليس فيه، بحيث أصبح إعلان «الكفر» -والعياذ بالله- على مرأى ومسمع الجميع وأولهم أنت، والتبرؤ من إسلام «العريان وعبدالله بدر وخالد الجندى وأبوإسلام ومحمود شعبان وغيرهم كثيرين» مدعاة تفاخر وتباهٍ.. زدت على سابقك بأن «الكذب» أصبح فعلاً رسمياً، وقلب الحقائق أصبح من شيم «الكبار»، وغلبت «المصلحة» معانى «الولاء والانتماء». منكسراً يفكر فى حديث الملائكة، أترى أننى فعلاً مسئول عن المرتد فى عهدى، عن الجائع فى شارعى، عن المريض فى كنفى، عن السباب اللعان باسمى، عن الخوف والشك فى كل النفوس؟.. لماذا يسألنى الله وملائكته عن هؤلاء؟ أليس كل شىء بقدر؟ أليسوا مكلفين عقلاء يحاسبهم المولى عز وجل؟.. تفكير عميق قطعته تنهيدة من مرسى: سامحك الله يا من قلت «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته».