وقف فى عربة المترو، ممسكا بالحلقة البلاستيكية المدلاة، يتأرجح يمينا ويسارا مع حركة المترو، يشرد بذهنه فى موافقة لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب، أول أمس، على إلغاء القانون رقم 5 لسنة 2002 الذى ألغى تحويل مدينة بورسعيد إلى منطقة حرة. سرح تفكير قاسم عليوة، 64عاما، كاتب وأديب، فى اجتماع حزب التجمع الذى جاء له خصيصا من بورسعيد للقاهرة، ليشارك الحزب فى اتخاذ قرار المشاركة فى الانتخابات أو مقاطعتها، ثم يسير تفكيره باتجاه إلغاء المنطقة الحرة، يقول "بعد حادثة أبو العربى 1999، الحكومة والرئاسة عاقبت كل بورسعيد، وكان من قراراتها إلغاء المنطقة الحرة". بعين خبيرة ودارسة، رصد عليوة التغييرات الاجتماعية التى حدثت للمجتمع البورسعيدى في أثناء المنطقة الحرة، وكان من نتاجها تغير التركيبة السكانية، وأصبحت بورسعيد منطقة استقطاب حضرى من سكان وادى النيل والصحارى طلبا للرزق والاستجمام، تغيرت الثقافة الموجودة داخل المدينة بعد أن كانت ثقافتها تناطح الثقافات الأجنبية، ولم يسلم الزى الشعبى المعتاد للمرأة من التغيير والتحول من البرقع إلى النقاب والخمار، وظهرت الكثير من الشرائح الجديدة فى المجتمع. يزيد عليوة أن بورسعيد "كانت المدينة الوحيدة فى العالم التى مازالت تحتفظ بعمارات سكنية مأهولة بالسكان ذات طراز معمارى من القرن التاسع عشر حتى الآن، ونتيجة الانفتاح تم تجريفها وتدميرها لصالح الكبار". ومما رصد عليوة من تغيرات لهذه المدينة بعد إلغاء المدينة الحرة منذ 1999، "سيطرة الجماعات الإسلامية، وانتشار النقاب والخمار، وكثرة العشوائيات التى غيرت الوجه الاجتماعى للمدينة، وتغيرت سلوكيات أبنائها، واللجوء للتهريب، الذي وجدت الجماعات الإسلامية مبررا دينيا له". يتابع "توترت العلاقات بين التجار والقوة السياسية، وكان أعضاء الوطنى يغازلون جمهور التجار، وظهرت قيم جديدة غير سوية، الثراء السريع، تغليب النشاط التجارى على غيره من الخدمات الملاحية والسفن، تدرج اختفاء لفئة شهيرة من الصيادين والسياحة، وأصبح التجار الفئات الأكثر نفوذا". لم يكن عليوة مع عودة المنطقة الحرة، لكن اضطر لتغير رأيه بعد انتشار البطالة بشكل مفزع فى المدينة، لكن بشروط "التوجه الاستثمارى، الخدمات الملاحية والتصنيع، والاستفادة من مشروع قناة السويس وشرق بورسعيد". البدرى فرغلى، عضو مجلس الشعب عن بورسعيد، أوضح أن إلغاء المدينة الحرة مطلب شعبى للأهالى، يقول "نريد إعادة النظر فى القرارات الاقتصادية منذ أيام مبارك، لأنه حوّل مصر إلى مدينة حرة، وأصبحت ممتلئة بالسلعة الصينية". يرى فرغلى أن تحول بورسعيد لمدينة حرة هو الأمل الوحيد للنهوض بالاقتصاد الوطنى، مطالبا بحزمة من القرارات السياسية الاقتصادية التى تتمثل فى: إلغاء نظام الاستيراد، حظر استيراد الأقمشة والمنسوجات، السماح بها فى بورسعيد فقط، يؤكد "للدولة الحق فى اتخاذ القرارات لحماية الاقتصاد الوطنى". يتابع "الأزمة أن السلع المستوردة أصبحت تجتاح السوق المصرية مدعومة من الدول الأجنبية، ما أدى إلى إغلاق مصانعنا، الصين أصبحت على سلالم منازلنا بالسلع المستوردة رخيصة الثمن، وهو مايمثل خطرا كبيرا على مصر".