اشتباكات دامية، وقطع طريق، وتبادل إطلاق نار، وغاز مسيل للدموع، هكذا شكَّل أهالى «الطابية» أفقر مناطق الإسكندرية المشاهد الأولى لثورة الجياع على جدران شركة «أبوقير». خرج المئات من سكان منطقة الطابية بالإسكندرية عن صمتهم من أجل لقمة العيش، والحصول على فرصة عمل يرونها حقاً لهم، بعد أن ضاقوا ذرعاً بالوعود الكاذبة بتعيينهم بشركة «أبوقير»، وتظاهروا وحاصروا الشركة ومنعوا العاملين فيها من الدخول. البداية كانت حينما حاصر المئات من سكان منطقة الطابية شركة «أبوقير للأسمدة»، وذلك احتجاجاً على عدم تنفيذ مطالبهم بالتعيين فى الشركة، لكن أدى تجاهل الشركة لمطالبهم إلى منعهم العاملين من الدخول، ثم الدخول فى اشتباكات مع الأمن. وقالت إدارة الشركة إن استمرار منع العاملين من الدخول، وخاصة وحدة التبريد، قد يتسبب فى انفجار مروِّع لا أحد يستطيع تحمُّل عواقبه. وفوجئ قيادات مديرية أمن الإسكندرية بأتوبيسات «أبوقير للأسمدة»، تستقر أمام مقر مديرية أمن الإسكندرية بسموحة، وذلك عقب غلق الطريق أمامها للوصول لمقر الشركة، مما دفع المئات من العاملين فيها إلى التوجه لمديرية الأمن لطلب الحماية. أرسلت مديرية أمن الإسكندرية العشرات من سيارات الأمن المركزى لمقر الشركة بالطابية لتأمينها، وبدأت فى محاولات تفرقة المحتجين. وتسبب تدخل الأمن المركزى فى تصعيد الموقف من قِبل المحتجين الذين قطعوا طريق رشيد، ودخلوا فى اشتباكات مع الشرطة. وكادت إحدى سيارات الأمن المركزى تنفجر عقب إلقاء زجاجة «مولوتوف» عليها من قِبل المحتجين، لكن سرعان ما تمكَّن رجال الحماية المدنية، بإشراف العميد عماد خير، من إخماد النيران التى نشبت فى السيارة. وحطَّم أهالى المنطقة مداخل النادى الخاص بعمال الشركة داخل المدينة السكنية الخاصة بالعاملين، فيما استخدمت قوات الأمن المركزى الغاز المسيل للدموع لتفرقة المحتجين، مما تسبب فى إصابة العشرات من أهالى المنطقة بحالات اختناق. وأصيب ضابط بإدارة الأمن المركزى بجروح فى الوجه، وتم نقله لمستشفى الشرطة لتلقى العلاج. كما تسببت الاشتباكات فى تحطيم حافلة تابعة لإحدى الشركات بالمنطقة، وذلك خلال مرورها أمام الشركة. وقال العميد شريف عبدالحميد، رئيس مباحث الإسكندرية، إن سبب نشوب الاشتباكات يعود لرغبة المئات من أهالى المنطقة بالعمل فى الشركة، حيث كان العشرات منهم يعملون بالشركة بشكل مؤقت ولم يتم تعيينهم وتم الاستغاء عنهم. وضبطت قوات الأمن 10 من المشاركين فى الاشتباكات بمحيط الشركة. وقال محمد السيد، أحد المشاركين فى الوقفة الاحتجاجية أمام مديرية أمن الإسكندرية: «إحنا مش عارفين نشتغل لازم الأمن يدخل عشان يحمينا». وقال إبراهيم سامى، أحد الأهالى، ل«الوطن»: إن «الشركة وعدتنا بالتعيين فقدمنا على وظائف وسلمنا أوراقنا ومؤهلاتنا وفى الآخر الشركة رجعت فى كلامها وما عينتش حد خالص، فجمعنا أنفسنا واعتصمنا أمامها فحضر الأمن المركزى وحاول تفريقنا ولكننا أصررنا على البقاء حتى تفى الشركة بوعدها لنا». وقالت أم إسلام، إحدى الأهالى: «وعدوا الشباب بالتعيين وبعدين ضحكوا عليهم وعينوا ناس تانية بمعرفتهم». وقال جودة السيد، أحد الأهالى: «تحملنا هذه الشركة بما يخرج منها من ملوثات وعوادم وروائح مقابل وعدهم لنا بالتعيين، وقدمنا فيها أكثر من مرة، آخر مرة كانت منذ 10 أيام، لكن مفيش فايدة، فجينا عملنا وقفة قدامها نطالب بالتعيين راحت الحكومة جت، وقعدت تضرب فينا غاز من الصبح، ومش عارفين نعمل إيه». من ناحية أخرى، أوضح محمد السيد، أحد العاملين بالشركة، أن عمال الوردية المسائية محاصرون داخل الشركة منذ الساعات الأولى من صباح أمس «الأربعاء»، وكلما حاولوا الخروج يلقى الأهالى على الشركة المولوتوف فيعودون ثانية للاختباء داخلها، مشيراً إلى أن عمال الوردية الصباحية الذين يسكنون مساكن الشركة منعوا من الدخول منذ صباح أمس بسبب حرب الشوارع القائمة أمام الشركة. وتابع: الشركة بها 4000 عامل، وليست فى حاجة إلى هذا الكمّ الهائل من الأهالى الراغبين فى التعيين، والآن أكثر من 2000 عامل محاصرون داخل الشركة منذ ليلة الثلاثاء، ولا أحد يقدر على الخروج. من جانبه، قال أيمن الليثى، مدير العلاقات العامة بالشركة، إن هذه ليست المرة الأولى التى يعتدى فيها الأهالى على العاملين، مشيراً إلى أن العمال غير قادرين على الشعور بالأمان داخل شركتهم. وأضاف: الشركة وعدت الأهالى بالتعيين، وتسلمت أوراقهم، وبالفعل قبلت 20 شخصاً، وجارٍ إنجاز أوراق تعيينهم، لكن باقى الشباب الآخرين ممن لا يحملون المؤهلات، الذين ليست الشركة فى حاجة إليهم يرغبون فى التعيين عنوة.