رغم كونها مهنة قديمة تشتهر بها العائلات ميسورة الحال بالمجتمع المصري، وأن نسبة العاملين فيها لا يستهان بها، إذ يتجاوز عددهم ال 10 آلاف في أنحاء الجمهورية، إلا أنها غابت عن المشرع المصري أثناء وضعه لقانون العمل وعلى مراحل تعديلاته، ولكن منذ ما يقرب من 6 أشهر تمكنت 21 سيدة من إدراج وصفهن الوظيفي ك"عاملة بالمنزل" في بطاقاتهن الشخصية الصادرة من إدارة الأحوال الشخصية التابعة لوزارة الداخلية. القانون لا يحمي العاملات في المنزل، ولم يذكرهن قانون العمل حتى في مادته رقم 12 لعام 2003 التي حددت فئات العمالة غير المنتظمة، بحسب ما قاله كمال عباس، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمنسق العام لمركز الخدمات النقابية والعمالية، موضحًا أن ذلك نبع من الثقافة المصرية التي تسلبهم حقوقهم وتقلل من شأن تلك المهنة ولا تعتبرهم فئة يمكن الاعتراف بها وتكتفي بكونهم مواطنين عاديين، ومن ثم لا توجد مكاتب مرخصة لتوظيف العاملات. وأكد "عباس" في تصريح ل"الوطن"، على ضرورة أن يتم تدارك تلك الأزمة في قانون العمل الجديد الذي تعده وزارة القوى العاملة لعرضه على البرلمان في الفترة المقبلة حتى يكون بمثابة "مظلة" للعاملات في المنزل، مشيرًا إلى أن المجلس القومي يسعى إلى إدراك الفئة في القانون.غياب الوضع القانوني للعاملات بالمنزل، دفع المحامي عبدالمنعم منصور، قبل 5 أعوام إلى إعداد دراسة موسعة ليجد أنهن غير مدرجات بالمادة 12 من قانون العمل المحددة لحقوق العاملين، كما أن قانون التأمينات الاجتماعية لم يذكرهن، فضلا عن أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لا يمتلك عدد واضح لهن، فضلا عن أن مصر ليست عضوا في منظمة العمل الدولية التي أقرت بحقوق العاملات في المنزل بقرارها 101 لعام 2011. وقال "منصور" إنه قام في 2012 بإنشاء أول نقابة للعاملات بالمنزل بصحبة عدد منهن ومساعدة جمعية النشاط النسائي، وأسس مكاتب لها في 5 محافظات هي "القاهرة والإسكندرية وقنا وأسوان والمنوفية"، بهدف حصولهن على حقوقهن وعدد ساعات عمل وإجازات محددة فضلًا عن التأمين الصحي، وتحديد المهنة إذا كانت ستقتصر على نظافة المنزل أو الطبخ أو تربية الأطفال، مضيفًا أن النقابة تتولى عقد ورش تدريبية ومحو أمية بمشاركة منظمات المجتمع المدني للعضوات بها واللاتي بلغ عددهن 3250 عاملة، مشيرًا إلى أنه واجه مشكلة بعدم رغبة العاملات في الإفصاح عن هويتهن في بادئ الأمر. واستطرد "منصور" أن مكاتب التخديم والسماسرة لا يقدمون أي حماية للعاملة، وينتهي دوره بعد أن تحصل العاملة على فرصة عمل ويحصل على مقابل مادي من الطرفين، مشيرًا إلى أهمية وجود عقد عمل موثق بشكل رسمي بين العاملة وصاحب العمل يتضمن جميع شروط العمل التعاقدية العادلة بما لا يخالف القوانين والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر. فيما رأت زينب خير، مديرة الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن دور النقابة غير فعال، ما جعلها تولي اهتمامًا أكبر بتلك الفئة ضمن برامج عمل الجمعية، لكونه قطاع مستثنى من القوانين، بهدف تحسين وضعهم فيه وخاصة قانون العمل والتأمينات الاجتماعية والنقابات، وإنشاء علاقة بينهم وبين الدولة. وتابعت "خير" أنها خاضت رحلة كفاح على مدى 5 أعوام من أجل تسجيل العاملات في المنزل ضمن النقابة العامة للخدمات الإدارية، بناءً على خطاب موجه من التأمينات الذي خلق كيانًا للمهنة، والذي تم من خلال التعاون مع إدارة التدريب بوزارة القوى العاملة الذي مكنهم منذ 6 أشهر من التأمين على 100 عاملة، ثم الحصول منها على 410 شهادات موثقة بختم النسر لقياس المهارة للعاملات طبقًا لقرار وزاري صدر في هذه الأثناء، وهو ما ساعد في استخراج 21 بطاقة شخصية مدون فيها مهنة "عاملة بالمنزل" حتى الآن ضمن 500 شخص مستهدف، بجانب الحصول على تصاريح مزاولة الحرفة. وأشارت إلى أن جهود الجمعية لم تتوقف عند هذا الحد، بل ساعدت العاملات بالمنزل في تنظيم ورش تدريبية لمجالات المهن الخمس بها من "جليسة طفل، ورعاية مسن، ومعاون منزلي" ومنحهم أدلة منهجية مطبوعة في هذا الشأن، فضلا عن الاستشارات القانونية والأحوال المنزلية، مؤكدة أن هذه الفئة أصبحت في بؤرة اهتمام عددا من الجهات على رأسها المجلس القومي للمرأة، والقومي للطفولة والأمومة، و4 وزارات بينهم القوى العاملة. وأضافت أن الوزارات في مصر هم أشبه ب"الجزر المنعزلة"، وأن إدارة التدريب في القوى العاملة فقط هي التي لديها علم بالعاملات في المنزل والشهادات الممنوحة لهن. وردا على ذلك، قال هيثم سعدالدين المتحدث باسم وزارة القوى العاملة، إن المادة رقم 8 و12 لعام 2003 من قانون العمل غير مدرج بها العاملات في المنزل، وإنما أدرج فقط العمالة غير المنتظمة وهم "عمال الزراعة الموسميين والمقاولات والمحاجر والمناجم"، وبالتالي لا يخصنا الخادمات، على حد قوله. وأضاف، أن الدستور يمنع التفتيش على العمل داخل المنزل، ما يعني صعوبة زيارة المنازل للكشف على ظروف عمل الخادمات، مشددًا على أن الوزارة لا تمنح تراخيص لعمل مكاتب التخديم في مصر، مضيفًا أن الوزارة هي الجهة المنوطة بتطبيق قانون العمل ولا يوجد لديها علم باستخراج "بطاقة شخصية" تتضمن مهنة "الخدمة المنزلية"