بالتزامن مع الانتخابات النيابية.. «حماة الوطن» يدشن برنامجًا لإدارة الحملات الانتخابية    طلاب الصفين الأول والثاني الثانوي بالمنيا يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    "التميز في النشر العلمي الدولي" ورش عمل بجامعة حلوان    «التضامن» تقر قيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الخميس (جملة)    بعد الزيادة الكبيرة في عيار 21.. سعر الذهب اليوم الخميس 22 مايو 2025 بمنتصف التعاملات    السيسي يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة «شل» العالمية    الجريدة الرسمية تنشر 9 قرارات جديدة لرئيس الوزراء في عدد اليوم الخميس 22 مايو 2025    رئيس اتحاد الغرف البلغارية: يوجد فرص استثمارية بين مصر وبلغاريا في الزراعة والطاقة والمواصلات    الحكومة تستعرض تفاصيل مشروع القطار الكهربائي السريع.. 2000 كم و60 محطة لنقلة حضارية في النقل الأخضر    الجامعة العربية: فقدان التنوع البيولوجى تهديد مباشر لرفاهية الإنسان وأمن المجتمعات    بعد حادث واشنطن.. صحيفة عبرية توجه اتهامات ل «الموساد» (ما القصة؟)    مؤيد لفلسطين وتبرع لحملة بايدن.. من هو مطلق النار على موظفي سفارة إسرائيل ب واشنطن؟    حيش الاحتلال ينذر سكان 14 حيا في شمال غزة بالإخلاء تمهيدا لتوسيع عملياته العسكرية    عاجل- وزير الخارجية الإيطالي: إسرائيل تنتهك القانون الإنساني وندعم المقترح المصري لإعمار غزة دون تهجير    وزير الخارجية يلتقي مع المفوض الأوروبي للصحة    وزير الأوقاف يُدين استهداف وفد دبلوماسى دولى بنيران قوات الاحتلال فى جنين    معاريف: إطلاق النار بواشنطن ثاني فشل ل الموساد خلال عام    إمام عاشور يغادر المستشفى.. وفحص طبي جديد في مران الأهلي    564 ألفا و592 طالبا يؤدون امتحانات النقل بالفيوم.. صور    البدء في تصحيح أوراق امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بمطروح    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    القبض على 19 متهمًا بحوزتهم مخدر «الآيس» في بورسعيد    عامل ينهي حياة زوجته ب«عصا خشبية» بسبب خلافات أسرية بسوهاج    تعدى على الملكية الفكرية.. سقوط مدير مطبعة غير مرخصة في السلام    ارتكبوا 4 جرائم مشابهة.. القبض على لصوص المساكن في الحي الراقي    تعرف على حالة الطقس اليوم الخميس 22-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    الكشف اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الأحد.. وزير الثقافة يدشن تطبيق "ذاكرة المدينة" الخاص بجهاز التنسيق الحضاري    الليلة.. قصور الثقافة تقيم معرض تجربة شخصية بالعريش ضمن مشروع المعارض الطوافة    الأوقاف تشارك في ورش عمل لتصحيح السلوكيات والممارسات الصحية خلال عيد الأضحى    وزير الصحة يُهنئ رئيس هيئة «الاعتماد والرقابة» لحصوله على جائزة الطبيب العربي ل2025    المستشفيات الجامعية تنظم الاحتفالية السنوية لنظافة الأيدي احتفالا باليوم العالمي    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    الزمالك في مواجهة نارية ضد الترجي بنصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية لليد    جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات اليوم    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الاتفاق في الدوري السعودي    بطولة أحمد داش.. الفيلم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر السينما    نصف نهائي بطولة أفريقيا لليد.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك والترجي    سعر الدولار اليوم الخميس 22 مايو 2025 في البنك المركزي    تقرير رسمى: تحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ بداية العام وحتى الآن    دوري أبطال إفريقيا.. بيراميدز يشارك في حفل "كاف" للكشف عن الشكل الجديد لكأس الأبطال    الحكومة تعلن تعديل قانون التعليم في مصر| 12 سنة إلزامية    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    الزمالك يُكثف استعداداته لمواجهة بتروجت في دوري نايل    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    الاسم زوج..والفعل «مستعار»    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بروفايل| نزار قباني.. العروبي
نشر في الوطن يوم 20 - 03 - 2016

قديس الكلمات، لم يرى فرقًا بين شاعريته وإنسانيته، الشعر هو انقلاب بالكلمات ينشده إنسان غاضب، يرى أن الشاعر يجب أن يبقى دائما متربصا كثعلب في غابة وإلا تحول إلى حيوان أليف لا يفعل شيئًا، فالكتابة فعل تغيير ولا كتابة لا تؤمن بالتغيير، فصار شاعرًا غاضبًا لا يأبه بغير أحاسيسه وضميره وصار "نزار قباني".
في 21 مارس 1923، وُلِد طفلًا لا يطيق أن يرى الأشياء ثابتة أمامه، يُجري تجاربه على نفسه أولًا، مرة أشعل النار في ثيابه فقط ليكتشف معنى الاحتراق، وأخرى رمى نفسه من الطابق الثالث في بيت أسرته في دمشق لاكتشاف الإحساس بالسقوط، وثالثة قصّص طربوش أبيه الأحمر لأنه ملل من شكله الأسطواني، ورابعة كسر ظهر السلحفاة الصغيرة التي كانت تتنقل في المنزل، فلم يقتلها بقدر ما كان يريد أن يقتل السر.
لم يكن شاعرًا متواضعًا في أحلامه، أرد أن يكون شاعرًا باتساع الوطن العربي من المحيط للخليج، كانت طموحاته على حجم العالم العربي، حتى أصبح شاعر هذا الوطن الكبير، بروافد كثيرة لا يجوز حصره في إحداها فقط، منها الرافد الكلاسيكي الذي يحمل إلى شعر نزار معجمًا كاملًا أصيلًا من الكلمات العربية الصافية والأنغام الموسيقية القوية الغزيرة، والرافد الرومانسي بعذوبته ورقته وعشقه للحياة بكل أفراحها وأحزانها، والثالث الواقعي الذي يلتفت إلى مشاكل المجتمع ويعبر عنها بلغة عصرية ناضجة، وتلتقي هذه الروافد جميعا في مزيج شعري شديد الحيوية والجمال والتأثير، حسبما وصف روافده الكاتب رجاء النقاش.
"العروبة"، لا يتنحى ذكرها عن أحاديثه وشعره، لم يكن نصيرًا للنساء فقط، فكان في الأصل مُدافعا عن العربية وأصولها، مشكلته مع العالم العربي أن الكُتاب يستنشقون ثاني أكسيد الكربون ولا يمكن لأدب أن يعيش في ذلك المناخ، ولا يمكن لقصيدة أن تتنفس خارج الحرية، وذكر كلمة الأديب يوسف إدريس "كل الكمية المعطاة من الحرية في الوطن العربي، لا تكفي كاتبا واحدا".
"يا وطني الحزين.. حوّلتَني بلحظةٍ.. من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين.. لشاعرٍ يكتبُ بالسكين"، أبياته من قصيدة هوامش على دفتر النكسة، عبرت عن شاعر من أكثر الشعراء تعبيرًا عن الأزمات السياسية التي يمر بها العرب، ومهاجمًا للأوضاع العربية المتخلفة من عصور العثمانيين والمماليك والاستعمار الغربي، فلم يعرف العرب شاعرًا معاصرًا ينتقدهم بعنف ويكويهم بالحديد الساخن الملتهب مثل قباني، فقصائده هي أكثر القصائد المعاصرة، كمًا وكيفًا، في هجاء الخمول والتفكك والميل إلى الترف والاسترخاء وتدهور فضيلة الشجاعة في الإنسان العربي المعاصر، ما أدى إلى توالي الهزائم على هذا الإنسان وتراكم أزماته ومآزقه وقدرة أعدائه على سحقه في أي صراع، كما قال رجاء النقاش.
نصف كتبه ممنوعة في هذا الوطن "الفوسيفسائي" الذي يسمونه العالم العربي، كما قال يومًا، ولم يخش زوار الفجر، الموجودين في كل العصور، أن يدافعون عن هيكلتهم الخاصة، لكنه الشاعر المؤمن بما يقول ظل شاهرًا سيفه في وجه كل مَن يحاول أن يقطع أصابع الكلمة العربية، مؤمنًا أن عبر التاريخ هناك صراع بين السلطة والكلمة وأنها عداوة أدبية، لأن السلطان يعجبه صوته ويعتبر نفسه المطرب الأول ولا يريد أن يسمع إلا صوته وكلامه، والشاعر رجل سلطة بحكم قدرته على الوصول إلى الجماهير، وتمرد على ما كتبه بنفسه "وكيف نكتب والأقفال في فمنا؟.. وكل ثانية يأتيك سفاح".
"ما قيمةُ الشعب الذي ليس له لسان؟"، فرغم منعه من دخول بعض البلاد العربية لقصائده السياسية اللاذعة، ظل شاعرًا لم يحترف الشتيمة، هو يختلف مع نظام أو حاكم، وأن السياسة حديقة عامة تُطرح فيها الأسئلة ويُجاب عنها، فلم يخش يومًا من اقتراب "أسوار السلطان الصماء"، وينعي العروبة التي رأها مثل أرملة، ويتساءل "أليس في كتب التاريخ أفراح؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.