بجسد أنهكه المرض والحاجة وقهر السنوات، تجلس مديحة سعداوى محمد، صاحبة الخمسين عاماً، داخل غرفتها المطلة على الشارع من خلال شباك وضعت عليه بعض أسياخ الحديد لمنع دخول اللصوص، فى منطقة أبوالنمرس بالجيزة، تبيع لجيرانها بعض احتياجاتهم من البقالة والجبن والبيض البلدى، تقول: «زوجى مريض منذ سنوات يخرج فى الصباح حاملاً بعض علب المناديل على كتفه يبيعها للناس فى إشارات المرور، وقررت أساعده على مصاعب الحياة، خصوصاً أن لدينا 4 أبناء ثلاث بنات وولد، وزوجى لم يكن لديه عمل سابق». قرض «ال2000 جنيه» يغيّر مسارها وأضافت «مديحة» أنها حصلت على قرض من جمعية الأورمان بقيمة 2000 جنيه، استطاعت من خلاله أن تبدأ مشروعها، حيث تشترى بعض احتياجات جيرانها من البقالة لبيعها لهم، بالإضافة إلى أنها تذهب كل يوم خميس للقرى المجاورة لشراء البيض البلدى والجبن من الفلاحين وبيعها مرة أخرى مقابل هامش ربح تستعين به على استكمال حياتها: «حصلت على القرض وكنت أسدد كل شهر 200 جنيه، وبعد الانتهاء من التسديد كلمونى مرة ثانية وأعطونى قرضاً جديداً بقيمة 4000 جنيه، وبعد ما سددت نصف المبلغ، أخبرونى أن باقى المبلغ سيكون عبارة عن مكافأة لى، بسبب التزامى بسداد الأقساط فى الميعاد المحدد، هذا القرض فرق فى حياتى أنا وأسرتى كتير جداً، وساعدنى على استكمال مشروعى». وتابعت «مديحة»: «استطعت أن أزوج اثنين من بناتى، لكن البنت الكبيرة، 25 عاماً، جاءت لتعيش معى هنا بعد أن توفى زوجها، وترك لها بنتين أكبرهما 3 سنوات لتزيد المعاناة مرة أخرى بقدوم ابنتى وأطفالها». وأوضحت أنها حالياً لم تعد تستطيع الحركة بسبب حالتها الصحية الخطيرة نتيجة إصابتها بالغضروف: «الأسبوع الجاى هروح المستشفى لإجراء عملية الغضروف على أمل إن ربنا يشفينى وأستطيع مساعدة زوجى المريض فى أن أزوج بنتى الطالبة بالصف الثالث الإعدادى، وابنى البالغ من العمر 18 عاماً، واتطمن عليهم، بس والله أن خايفة جداً، لكن ربنا رحمته أكبر من أى شىء». وأكدت على أنها تلزم بتسديد أقساط القرض فى الميعاد، لأنها تخاف من السجن: «لو هموت من الجوع كنت بحوّش من أجل تسديد الأقساط، أصل انا بخاف من السجن، وزوجى مريض، وبناتى صغيرين»، وأوضحت أنها تنتظر أن تتصل بها الجمعية خلال الفترة المقبلة لمنحها قرضاً آخر، خصوصاً أن حالتها المادية لم تعد تطاق بسبب ظروفها الصحية الصعبة، ووفاة زوج ابنتها الذى ترك لها طفلتين تكفلت هى بهما. أول سائقة ميكروباص فى ميدان رمسيس