بروفايل| سانت بطرسبرج.. "العاصمة الأصلية"

مدينة الليالي البيضاء، التي لا يتجاوز عدد الأيام المشمسة فيها 62 يومًا في السنة، وجوها غائم معظم الوقت، وُجدت قبل 313 عامًا، وظلت على عرش نظيراتها من المدن، لمدة 215 عامًا، حتى قرر أولو الأمر وضعها في المرتبة الثانية، وقدّموا عليها أخرى منذ 98 عامًا.
"سانت بطرسبرج"، المدينة الروسية التي أسسها القيصر بطرس الأول عام 1703، ببناء قلعة ضخمة على نهر نيفا الكبير في الخليج الفلندي "بحر البلطيق" ثم اتسعت رغم وعورة المنطقة وكثرة المستنقعات، وسرعان ما تحولت إلى ميناء عسكري تجاري كبير، وساهمت في صنع الانتصار في حرب الشمال، التي استمرت أكثر من 20 عامًا آنذاك.
وفتحت المدينة آفاق اتصال واسع مع الحضارة الأوربية، وحملت هذا الاسم تخليدًا لمؤسسها القيصر بطرس أو بيوتر الأول، حتى أصبحت عام 1912 عاصمة للإمبراطورية الروسية.
رغم إطلاق أسماء عدة عليها مثل بتروجراد (1914-1924)، ولينينجراد (1924-1991)، ثم أخيرًا سانت بطرسبرج، إلا أنها أحد أكبر مراكز أوروبا الثقافية، إذ فتحت هذه المدينة آفاق اتصال واسع مع الحضارة الأوربية، وتعتبر مركزًا اقتصاديًا مهمًا، حيث إنها تضم أكثر من 700 مصنع إضافة إلى 20 ألف معمل، وتتميز بالصناعات الثقيلة.
كما استقطبت مصانع شركات السيارات الكبرى في العالم، وبلغ الناتج العام فيها 2138 تريليون روبل في عام 2011، وتضم بورصة للمال والنفط والأوراق المالية والبضائع إضافة إلى 42 بنكًا و400 شركة مالية.
تحول مقر العاصمة من مدينة السلطة، حيث جاء منها إلى الحكم الرئيس الروسي دميتري ميدفيدف السابق، والرئيس فلاديمير بوتن، حتى يطلق عليهم اصطلاحًا تسمية "مجموعة بطرسبرج السياسية"، إلى موسكو في 12 مارس 1918، وذكرت تقارير أرشيفية عنها أنها ازدادت أهميتها باعتبارها مركزًا ثقافيًا وعلميًا مهمًا بعد الإصلاحات التي قام بها القيصر بطرس الأكبر، والتي أدت إلى تحويل روسيا إلى دولة كبرى، إذ تأسست جامعة موسكو عام 1754، والتي ظلت تحمل اسم العالم الروسي الكبير ميخائيل لومونوسوف إلى الآن، وبعد قيام ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا، اتخذت حكومة "البلاشفة" عام 1918 قرارًا بنقل العاصمة من سانت بطرسبرج إلى موسكو، لتصبح عاصمة للاتحاد السوفيتي.
المدينتان تصدا للأعداء في حروبها، ولكن أُشير إلى أن موسكو تمتلك العديد من المميزات التي تجعل منها عاصمة نموذجية لدولة كبيرة مثل روسيا، حيث تعد من أكبر دول العالم من حيث المساحة والسكان، إذ تغطي ما نسبته 8/1 من مساحة الأرض في العالم ب"17.075.400" كيلومتر مربع، وتصنف كتاسع أكبر دولة من حيث عدد السكان بأكثر من 143 مليون نسمة.
تقع موسكو على نهر موسكفا في المنطقة الفيدرالية المركزية في المنطقة الأوروبية من روسيا، وتُعتبر مركزًا اقتصاديًا رئيسًا، وتحوي العديد من المؤسسات العلمية والتعليمية، والعديد من المرافق الرياضية، وتمتلك نظامًا معقدًا للنقل يشمل 4 مطارات دولية، و9 محطات للسكك الحديد، ونظام المترو الثاني الأكثر ازدحامًا في العالم (بعد طوكيو)، الذي يشتهر بهندسته المعمارية والأعمال الفنية، وتعد أكبر مدينة من حيث عدد السكان، ومركزًا للسياسة والاقتصاد والثقافة في روسيا.