يشهد حزب النور السلفي أكبر وأسرع عملية تفجير سياسي تشهده الساحة السياسية المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير عبر حدوث عدد من الإنقسامات المتتالية وظهور جبهات داخلية تتصارع على رئاسة الحزب الوليد الذي لم يكمل عامه الثاني عبر حدوث حالة من تضارب القرارات الداخلية ورغبة البعض في تفجير الحزب سياسيا حتى وصلنا للنفق المظلم وهو أن للحزب رئيسان وهيئتان عليتان وكلاهما يتصارع لإثبات شرعيته وقدرته على قيادة الحزب وهي بداية النهاية للحزب ودخوله نفق التجميد السياسي فكلاهما سيلجأ للجنة الأحزاب لإثبات أحقيته في الحزب ويتم تجميد الموقف ويدخلون في صراعات قضائية ويتلاشى الحزب من المشهد السياسي المصري وهي كارثة سياسية بكل المقاييس لأن حزب النور كان من الأحزاب الواعدة سياسيا ذات الثقل الجماهيري والبعد الديني وكان ينظر له على أنه الحصان الأسود القادم في الحياة السياسية المصرية بقوة وحصوله على المركز الثاني في الإنتخابات البرلمانية الماضية أكبر دليل على قوته وشعبيته ولكن لماذا حدث كل هذا ما الذي أدى لإنهيار الحزب وتفجيره من الداخل بهذه السرعة ولصالح من ونحاول معا أن نرصد أهم الأسباب التي فجرت الحزب الثاني في الشارع المصري : أزمة حزب النور الحقيقية والتي أدت لإنفجاره وتمزقه سياسيا هو الخلط بين الدعوة والسياسة فرجال الدين والدعاة خبراتهم السياسية والتنظيمية ليست قوية لتكوين حزب على أسس سياسية حقيقية من التنظيم والعمل المؤسسي الحقيقي فهم يعتمدون على دعاة مشهورين دينيا مجهولين سياسيا إقتحموا العمل السياسي من جانب الفتاوى والتصريحات المنفعلة المتوترة والتي أدت لتكوين صورة سلبية عن الحزب في الشارع السياسي المصري . واجه حزب النور حرب شرسة طاحنة بين جيل السياسيين من الشباب وبين قياداتهم من المشايخ وهو ما ظهر واضحا في الإنتخابات الرئاسية السابقة وتخلى الحزب عن دعم مرشح السلفيين الأشهر الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل وهو ما أدى إلى ظهور جيل من الشباب يعمل بالسياسة على أساس ديني لم يدخل عالم الصفقات السرية بين القوى السياسية وتداخلاتها المختلفة التي أثرت على الحزب وشبابه وجعلتهم يشعرون أن الحزب خرج عن مساره السياسي وتحول لمجرد حزب تابع لجماعة الإخوان المسلمين التي يختلف معها السلفيون سياسيا بشكل واضح وهي أزمة عصفت بطموحات الشباب في تأسيس حزب يكون الأول في مصر شعبيا وسياسيا. من أهم الأسباب التي ساهمت في زيادة حدة الإنقسامات داخل حزب النور الحرب الكلامية والإعلامية بين رموز الحزب وكلنا نعلم الحرب الشرسة التي تعرض لها تيار ياسر البرهامي وخروج عدد كبير من مشايخ الحزب ودعاته لشعورهم أن الحزب خرج عن مساره السياسي والهدف منه هو المشاركة في حكم مصر والعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية . حزب النور تنظيميا غير مكتمل في المحافظات المختلفة فهو يعتمد على مجموعة من مشاهير الدعاة في القاهرة والأسكندرية ولكن إختفاء تام داخل بقية المحافظات المصرية وغياب كامل للأنشطة الحزبية وعدم خلق جيل جديد من الكوادر الشابة السياسية والتنظيمية وهو ما أدى لخروج عدد كبير من الشباب من الحزب وتبقى للحزب فقط الأمانة العامة وصراعاتها التي مزقت الحزب وفجرته داخليا. لا يمكن لنا أن ننسى ما حدث لعدد من رموز الحزب وتورطهم في قضايا جنائية مثل البلكيمي وعلي ونيس ونواب البنزين وغيرهم وهو ما أثر على صورة الحزب سياسيا. هناك العديد من الأطراف السياسية داخل مصر سيكشف عنها قريبا ساهمت في تفجير حزب النور داخليا عبر تشجيع جهات على الإنقسام وتأجيج الصراع فيما بينهما وتحويل الصراع لساحات الإعلام فهناك أحزاب كبرى تريد خروج السلفيين نهائيا من المشهد السياسي المصري وهناك عامل مهم هو غياب الرؤية السياسية لإدارة الأحزاب وتعاملها مع المشكلات والقضايا الحزبية المختلفة. السؤال الأهم لماذا الأن يتم تفجير حزب النور وهل يختفى ويظل مجرد ذكريات سياسية ويختفى مشاهير دعاتة سياسيآ ويعودون للعمل الدعوى ويتحول أعضائة لتجربة حزب الأمة السلفى بقيادة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أم ماذا ؟