في حوار خاص مع برنامج (قابل للنقاش) الذي بث على تلفزيون دبي يوم الخميس الماضي (20 سبتمبر)، اعتبر الدكتور محمد يوسف المقريف رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي، أن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي يوم الحادي عشر من سبتمبر 2012 لم يكن حادثاً عرضياً، بل كان عملاً مدبراً وتم التخطيط له بدرجة عالية من الاتقان، مع سبق الإصرار والترصد.. وأشار إلى أن أكثر من فريق ليبي يقوم بالتحقيق ورحب بكل من يود المشاركة في الكشف عن "ملابسات الجريمة خاصة من الأمريكيين". من ناحية أخرى أبدى المقريف تفهمه للإجراءات الأمريكية الحازمة لحماية موظفي السفارات والقنصليات ورداً على المخاوف من أن تكون حادثة القنصلية الامريكية في بنغازي مطية لتواجد عسكري أمريكي دائم في ليبيا لمطاردة الجماعات المسلحة المناهضة لها كشف المقريف عن تفهم الإدارة الأميركية للواقع الأمني والمشهد السياسي الليبي وقال إنه على قناعة بأن السلطات الأمريكية لن تقوم بأي شيء يمكن أن يضعف الحكومة الليبية أو يهدد مسار ثورتها، ويحول بينها وبين أن تصل إلى المحطة التي ينشدها الليبيون وهي إقامة دولة وطنية دستورية ديمقراطية مدنية. واستنكر رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي كذلك نشر المجلة الأسبوعية (شارلي ايبدو) الفرنسية الساخرة يوم الأربعاء الماضي رسوماً كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأكد أن الشعب الليبي يرفض أي إساءة للرسول الكريم وللدين الإسلامي، وأضاف أنه متأكد أن الضمير الانساني والمسيحي غير مرتاح لمثل هذه الأعمال المشينة والمقصودة, وتحسباً لأي ردة فعل عنيفة قد تتسبب فيها هذه الرسوم قال رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي، إنه تم اتخاذ ترتيبات مشددة لمنع تكرار ما حدث في القنصلية الامريكية في بنغازي، مؤكداً أن الشعب الليبي على درجة عالية من الوعي ولن يسمح بتكرار مثل هذه الحوادث. واعتبر المقريف حادث الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي علامة فارقة في المرحلة الحالية التي تعيشها ليبيا فبعد أن كانت فلول القذافي تشكل الخطر الأكبر على الأمن الليبي، أصبح الخطر متأتياً من مجموعات متشددة أكد أنها تمثل استثناء من حالة الصحوة الاسلامية، ووصفه عناصرها بالغلاة والمتشددين والمتطرفين، الذين يفسرون الإسلام بطريقة لا تقبلها الغالبية الساحقة من المسلمين، المقريف قال إنه على اتصال مع عدد من الجماعات الاسلامية ويتحاور معها من أجل جسر هوة الاختلاف في التفسيرات والمفاهيم. وقال رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي إن بعض العناصر الاسلامية المتشددة دخلت إلى ليبيا عبر الأراضي الجزائرية لكن بدون علم أو موافقة أو تأييد من الحكومة الجزائرية, كما كشف عن تعاون بين ليبيا وجيرانها على المستوى الأمني من أجل ملاحقة العناصر المطلوبة. حمل محمد المقريف المجلس الوطني الانتقالي والحكومة المتخلية مسؤولية الهشاشة الأمنية التي كانت حادثة السفارة الأميركية احدى نتائجها، وأكد أن أدائهم كان يشوبه الكثير من القصور خاصة في تعاطيهم مع عدد من الملفات الأمنية، بدأ بموضوع بناء المؤسسات الأمنية وانتشار السلاح وبناء القوات المسلحة الليبية وتطهير القضاء والمصالحة الوطنية، وقال إن تلك الفترة شهدت نوعا من الإهمال والتراخي في التعامل والتعاطي وهو ما أوجد ثغرات مكنت بعض العناصر المتشددة وفلول النظام القديم من استغلالها. واعتبر دكتور محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي، جلب عبد الله السنوسي رئيس المخابرات السابق في النظام الليبي، والبغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد القذافي، انتصاراً للثورة الليبية في تعقب فلول النظام القديم، ورفض وضع عملية التسليم في إطار الصفقة، وشدد على أنها جاءت في إطار التعاون بين الشعوب بدليل أن اليد الليبية ممدودة للتعاون مع السودان ومع مصر ولم يتم تسليم أحد بالمقابل، وهي صورة من صور ليبيا الجديدة المتعاونة مع أشقائها، وأضاف أن عملية التسليم تعتبر حافزاً لمزيد من التعاون في مشاريع تنموية ومشاريع تعود بالنفع على ليبيا وبقية الشعوب. وكشف المقريف أن التحقيقات الجارية أظهرت مسؤولية السنوسي عن اختفاء المعارض والحقوقي الليبي منصور الكيخيا أثناء وجوده في القاهرة عام ثلاثة وتسعين وقامت القاهرة بالتعتيم على ظروف اختفاءه، وعن جريمة سقوط طائرة الركاب الليبية في ديسمبر عام 1992 وذهب ضحيتها أكثر من 170 راكباً ليبياً وكانت في طريقها من بنغازي إلى طرابلس، السنوسي كان أيضاً بحسب دكتور المقريف وراء عمليات اعتقال وتعذيب حدثت في منتصف السبعينات أثناء المظاهرات الطلابية وبعد عملية باب العزيزية التي قادها فدائيو الجبهة عام 1984 وانتفاضة اكتوبر 1993 في بني وليد وكان وراء أكبر الجرائم التي وقعت في ليبيا في سجن أبو سليم التي أعدم فيها 1200 معتقلاً اسلامياً في ساعات. وأكد رئيس المؤتمر الوطني العام، أن السنوسي كان العقل المدبر لعملية طائرة (يو تي أي) الفرنسية التي استهدفته شخصياً آنذاك وكان وراء عملية اغتيال علي بوزيد في لندن، المقريف أفصح أنه لم يقابل السنوسي، ولا يتصور أنه سيفعل، وليس لديه أية رسالة أو كلمات يمكن أن يقولها له، أو جديرة أن تقال له كإنسان، فهو يراه كوحش، وُقد من شر. وتوقع المقريف مراعاة المصريين، الذين وصفهم بالثوار، لحقّ الجوار وقال إنه ينتظر منهم تعاوناً لتسليم المتهمين والمطلوبين من أعوان القذافي خاصة أن النائب العام الليبي طالب بتسليمهم وعلى رأسهم المنسق العام السابق للعلاقات المصرية الليبية أحمد قذاف الدم، كما أكد المساعي الحثيقة لجلب الساعدي القذافي من النيجر وبقية أفراد أسرة القذافي من الجزائر، وفيما يتعلق بقضية سيف الاسلام القذافي، عزا رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي عدم تسليم ثوار الزنتان له للقضاء الليبي إلى استكمال التحقيقات والترتيبات بشأن المكان المناسب لهذه المحاكمة، وأكد حرص الجميع على المباشرة في المحاكمة لينزل به القصاص العادل الذي يستحقه. ونفى رئيس المؤتمر الوطني وجود أزمة سياسية تمر بها ليبيا، ورأى أنه من الطبيعي أن يوجد اجتهاد وتنوع في المواقف والاختيارات السياسية، وأشاد بتمكن المؤتمر من الانعقاد رغم وجود اصطفافات سياسية، مؤكداً أن الانتخابات التي قادت لانتخاب المؤتمر أو رئيس المؤتمر أو رئيس الحكومة اتسمت بدرجة عالية من الشفافية، ورفض تصريحات محمود جبريل رئيس تحالف القوى الوطنية التي أكد فيها أن ما يحدث في قاعة المؤتمر الوطني هو صراع سياسي لا علاقة له بمصلحة الشعب الليبي، ولم يجد مبرراً لإعلانه مقاطعة حكومة أبو شاقور، وقال:" أنا أشهد أن ما يجري داخل المؤتمر يدل على تجاوز حتى الخطوط الحزبية، وأن الخلافات بدأت تذوب وتفقد حدتها، والكل مجتمع تحت مظلة الوحدة الوطنية". وأضاف أنه لا يعتقد أن الليبيين يشاركون جبريل في هذا الرأي الذي يصر عليه وبهذه الطريقة، ووصف المقريف تصريحات محمود جبريل حول التهديدات التي تلقاها أعضاء المؤتمر لثنيهم عن اختيار التحالف، بالكلام غير المسؤول وغير الدقيق ونفى تماماً أن يكون هناك من دعا إلى إجراء تحقيق في هذه الاتهامات التي أكد أنها لم تأت إلا على لسان رئيس تحالف القوى الوطنية محمود جبريل الحكومة الجديدة ستلقى تأييداً كبيراً، وقال المقريف إن مصطفى أبو شاقور سيطرح برنامجه على المؤتمر للنقاش وعلى أساسه سيقوم المؤتمر بمحاسبته وبمساءلته وبمراقبة أدائه، كما أثنى على البرنامج الذي سيطرحه رئيس الحكومة الجديد، وتوقع أنه سيلقى التفافاً وتأييداً من مختلف الأحزاب والقوى السياسية والوطنية. وحول الثورة السورية ومدى تشابهها أو اختلافها مع الثورة الليبية، قال محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني عام في ليبيا إن إرادة الشعب السوري ستنتصر كما انتصرت إرادة الشعب الليبي وسينضم إلى قافلة الربيع العربي.