حالة الغضب العارمة التي تجتاح الشارع المصري طبيعية ومفهومة، فالمصريون لا يقبلون أي مساس بالرموز الدينية، المخزي في الأمر هو الموقف الرسمي للرئيس الإخواني المؤمن محمد مرسي، حافظ القرآن ومقيم الصلاة التي تكلف الدولة الملايين!، وفي أول اختبار حقيقي له كرئيس أو كمسلم، رفع شعار الإسلام هو الحل طيلة حياته، لم نجد إسلاما ولم نجد حلا!! بكل تأكيد هذا الفيلم المنحط يجري استغلاله أمريكيا في حرب انتخابية بين الحزبين الجمهوري ومرشحه رومني والديمقراطي ومرشحه أوباما، فالقائمين على صناعة هذا الفيلم في الأصل محسبوين على اللوبي الصهيوني، واللوبي الصهيوني في أمريكا له العديد من منظمات الضغط التي ترتبط بأعضاء في الكونجرس مثل منظمة إيباك وغيرها، وشبكات مصالح معقدة وتجارة سلاح، ومؤسسات اقتصادية كبرى، ووسائل إعلام متعددة، كل هذه التركيبة المتشابكة تلعب دورا بالغ الأهمية في تحديد هوية أي رئيس أمريكي، وما جرى في قصة هذا الفيلم كان هدفه بالأساس أن يتم وضع الوطن العربي والعالم الإسلامي في خانة رد الفعل العنيفة المطلوبة، ويتم شحن الناخب الأمريكي بخطاب عنيف ومتعصب أيضا ضد العرب والمسلميين، ولذلك راقب ما جرى في مصر تحديدا، سمحت قوات الشرطة للمتظاهرين باعتلاء أسوار السفارة وإنزال العلم الأمريكي ورفع علم تنظيم القاعدة الأسود دون أي تدخل من قبلها! .. ثم بعد أن تم المراد للأمريكان بدأت قوات الأمن في الصدام!! وجاء الموقف الرسمي المصري متطابقا مع مواقف مبارك في هذه الحالات، على طريقة جمل إنشائية من قبل الرئيس مرسي في خطابه ببروكسل عن أن من يسيئ إلى رسولنا نعاديه، ولا نعلم لماذا يبقى سفيرنا في دولة الأعداء إلى الآن؟!!، ثم كانت الفضيحة حين نشر حساب إخوان ويب على تويتر، رفض الإخوان لما يجري أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة على لسان خيرت الشاطر، فرد عليه حساب السفارة الأمريكية بالقاهرة بالشكر لكن بالتوبيخ على دعوة التظاهر المقررة الجمعة لنصرة الرسول، بالنص "شكرا، وبالمناسبة هل ألقيتم نظرة على ما كتبه موقعكم باللغة العربية عن الأمر؟ ونتمنى أن تعرفوا أننا نقرأه أيضا" .. وقد كان فقد تحولت الدعوة من مليونية في التحرير من قبل جماعة الإخوان إلى وقفات أمام المساجد!! .. لو أن لمصر رئيسا حقيقيا وليس مجرد تابع للأمريكان، "يبصم" على القرارات والإملاءات الأمريكية، لكان الموقف مختلفا، فمرسي الذي طمأن رئيس وزرائه هشام قنديل الإسرائيليين باستمرار اتفاقية الكويز، والذي يسير على خطى المخلوع في سياسة القروض ورفع الدعم، ويتصالح مع رجال أعمال الحزب الوطني المنحل، ويأخذهم معه في رحلته للصين، لا يقدر أن يتخذ موقفا يعبر عن قيمة مصر ودورها، فالطبيعي جدا أن يبلغ الإدارة الأمريكية احتجاجا رسميا مصريا، ويستدعي السفير المصري من واشنطن كأول رد فعل، ويقرر الاستغناء عن المعونة الأمريكية التافهة وحل هيئاتها، أما أن يكلف محاميين مصريين برفع قضية في القضاء الأمريكي ضد مخرج الفيلم ومنتجه، فهذا تصرف يمكن أن يقوم به أي مواطن مصري في أمريكا ولا يحتاج الأمر إلى رئيس دولة!! اعتبر أنصار مرسي ترضيه على الصحابة في إيران فتحا إسلاميا عظيما!، ولم يكن الأمر سوى طاعة للأمريكان الذين يريدون استمرار توتر العلاقة بين السنة والشيعة في المنطقة، واستمرار توتر العلاقة بين مصر وإيران خصوصا، واستبدال الصراع العربي الصهيوني، بصراع سني شيعي في الشرق الأوسط!! .. لكن مرسي الفاتح العظيم في إيران، وأمام الإهانة الأمريكية لم يكن سوى راكع كما ركع مبارك من قبل، وبئس المصير!! أساء الفيلم إلى الرسول الكريم (ص)، وأساء مرسي إلى مقام الرئاسة المصرية، وأساء إلى شعار الإسلام هو الحل الذي رفعه طول عمره، فحين وضع في الاختبار، طبق شعار مبارك بالحرف، إرضاء أمريكا هو الحل!!