مع بدايات النصف الثانى من القرن ال 19 ووصول الخديوي إسماعيل للحكم ثم وقوع الثورة العرابية، وحفر قناة السويس وبناء القاهرةالجديدة وتشييد العديد من القناطر وحفر المزيد من الترع وبداية الإصلاحات الدستورية والنيابية، حينها تآمر الغرب لإغراق مصر بالديون للتحكم فى سياستها وقدرتها الاقتصادية وحينما وجدت أوروبا أن ثورة الزعيم أحمد عرابى يمكن أن تنقذ مصر من قبضتهم وتنقل مصر بشكل حقيقى للتطور والتقدم. وتشير المعلومات إلى أن الغرب لجأ مرة أخرى إلى التدخل العسكري المباشر وتحالفت فرنسا مع بريطانيا لهزيمة جيش "عرابى" واحتلال مصر بالكامل فى عام 1882 تحت مسمي "الاحتلال البريطاني لمصر". فيما قامت انجلترا مرة أخرى على تصفية التراكم الرأسمالى، التنموى وتفكيك القاعدة الإنتاجية المصرية والاستيلاء عليها وعلى قناة السويس وسلب ثروات مصر ونقلها إلى انجلترا وأوروبا لمنع أى تراكم رأسمالى جديد. تقرير التنمية الصادر عن البنك الدولى فى عام 1990، كشف كيف أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ترك مصر مدينة للخارج ب 1.7 مليار دولار في أواخر السبعينيات، وصولا إلي نحو 2.5 مليار دولار في عام 73. وبعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية "كامب ديفيد"، تضاعفت ديون مصر الخارجية أكثر من 8 أضعاف، ليصل اجمالي الدين الخارجى عام 1980 إلى 21 مليار دولار تقريبا، وفي عهد الرئيس السابق "حسني مبارك" وصلت ديون مصر الخارجية إلي 49.9 مليار دولار. أرجعت المصادر هذه الديون لسياسات نظام الرئيس المخلوع، والأنظمة العسكرية البائدة التي إستخدمت الإقتراض من الخارج كمُسكن لمشاكل مصر الإقتصادية دون تقديم حل جذري لها ويتحمل المواطن المصري عبء هذه الديون دون أن يكون له يد في قرار الإقتراض ولا تحديد اولويات انفاق القروض، فضلا عن أن أنه لا يخفي على أحد أن فتره حكم المخلوع "مبارك" شابها الكثير من الفساد في كل القطاعات والمؤسسات، الأمر الذي يجعل من وجود فساد في إداريه عملية الاقتراض في حد ذاتها أو في تنفيذ مشروعات بهذه الأموال أمر متوقع. الاغرب أن النموذج الاقتصادي السائد في البلاد استمر بعد الثورة في اللجوء للاستدانة سواء من الداخل أو الخارج كأول وأسهل وسيلة للتعامل مع مشاكل التخطيط الاقتصادي، والتي كان أخرها قرار الحكومة الاخير بالإقتراض من البنك الدولي نحو 4.8 مليار دولار، وذلك بدلا من تغيير المنظومة الاقتصادية ككل وجعلها أكثر عدالة، والبحث عن أليات بديلة لتمويل الانفاق الحكومي مثل الضرائب على الثروة حتي جعلت تلك الديون الإرادة المصرية رهينة للدول و للمؤسسات الدولية الدائنة.