اتخذت الحرب على الإرهاب صورتها الخاصة كحرب استباقية كما رسمتها الولاياتالمتحدة، وبالتالي فالحرب الاستباقية كما يشخصها ساسة البيت الأبيض وجنرالات البنتاجون قد تخلصت من كافة الحدود والمعايير التي تحكم استخدام القوة والتي يفرضها ميثاق الأممالمتحدة، وبذلك يمكن استخدام القوة بلا حدود وفي وجه أية دولة ودون الحاجة للحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي، وليس من الضرورة أن يسبق التدخل العسكري هجوم مسلح منسوب لأية دولة، لان الأنشطة الإرهابية المحتملة والتي تمنع وقوعها هذه الأعمال العسكرية (كما يقول أصحابها) يمكن أن تُبنى دائمًا على افتراضات وتقييمات قادتها – أي الأمريكان والغرب. الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم لسياسية جامعة القاهرة، حاول رصد نتائج تفجيرات مركز التجارة العالمي على المنطقة، وما خلفته هذه الأحداث من آثار سلبية أضرت بمصالح الشعوب العربية والإسلامية، حيث أكد أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أثرت تاثيرًا كبيرًا على الاقتصاد الأمريكي، حيث كانت الحرب التي أعلنتها الإدارة الامريكي على "الإرهاب" مكلفة جدًا، وبالتالي أثرت على اقتصاد العالم، وبالرغم من كل ذلك فإنها لم تنجح في القضاء على الإرهاب. بل اعتبر الدكتور محمد حسين أن هذه الحرب خلقت جيلاً جديدًا من الإرهابيين في المنطقة العربية. ومن المعروف أن خُطة الحرب التي أعدها تحالف قاده الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا كانت تهدف في جزء منها إلى تقسيم منطقة الشرق الأوسط، فيما عُرف ب "الشرق الأوسط الجديد". وحسب الدكتور محمد حسين فإن هذا المخطط لم يفلح، مفسرًا ذلك بأن الولاياتالمتحدة خلقت عداءات لها بجميع الدول العربية والإسلامية، بدلاً من خلق التحالفات التي من شأنها ظان تعمل على تنفيذ المخطط المزعوم. ودلل حسين على ذلك بمظاهرات بعض القوى السياسية أمس أمام السفارة الأمريكيةبالقاهرة، احتجاجًاعلى عرض فيلم مسئ للنبي (صلّ الله عليه وسلم) بأمريكا، من انتاج أقباط المهجر المصريين. معتبرًا أن التوجه للسفارة الأمريكية يعتبر علامة على كره للإدارة الأمريكية بالشارع المصري، والعربي. وقال حسين أن الفيلم أُنتج بمباركة أمريكية، وهو سلسلة من بعض الأعمال المسيئة للإسلام ضمن خُطة، كانت رسوم الدنمارك، ثم بفرنسا جزء منها، وأخيرًا فيلم "محاكمة نبي الإسلام". والحرب ضد الإرهاب غير تقليدية، فلا وجود لإقليم متنازع عليه ولا احتمال لعقد محادثات سلام، وكما ذكر الباحث أحمد عبده الشرعبي فإن التقدم في هذه الحرب يقاس بغياب الهجمات المسلحة والنجاح باستخدام الإجراءات المضادة بما فيها الاعتقال والاستجواب وتجميد الأموال، ويرى أرباب هذه الحرب أن بقاء الأعمال العدائية مرهون باستمرار المخاوف من أن القاعدة ومن على نهجها لا يزالون يتمتمون بقدرة على توجيه ضرباتهم، وغياب الهجمات لفترة طويلة قد لا يدل على الأمان لأن القاعدة تدير خلايا نائمة. وبالتالي فهذه الحرب قد لا تنتهي إلا عندما يقرر الأمريكان وحلفاؤهم ولكن على قاعدة غير معروفة. الدكتور عمر الحسن رئيس مركز دراسات الخليج الإستراتيجية، تحدث للوادي عن نتائج أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكيف أثرت هذه الأحداث على المنطقة العربية بأثرها، حيث أكد "الحسن" أن نتائج هذه الأحداث كانت كارثية على الأمة العربية بشكل خاص وعلى الأمة الإسلامية بشكل عام. وأوضح الحسن أن أثار هذه الأحداث مازالت تنعكس على العرب، خاصة بعد اتهام حوالي 19 شخصًا من أجناس عربية مختلفة، مما أدى إلى اتهام المنطقة العربية بالكامل، ووص الحد إلى وصف الشرق الاوسط ب "منبع الإرهاب". وأشار الحسن إلى ان العرب والمسلمين يتعرضون لعملية اضطهاد دولي، خاصة من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية، مما استدعى الولاياتالمتحدة إلى فرض رقابة على الجمعيات الأهلية والحقوقية، دولية ومحلية. وزاد الأمر سوءًا عندما فرض مجلس الأمن تقارير دورية عن نشاط هذه الجمعيات والمؤسسات في مكافحتها للإرهاب. أما تأثير هذه الأحداث على دول الخليج، فقد أردف الحسن خلال تحليله بقوله أن أحداث سبتمبر جعلت دول الخليج تعتمد في أمنها على الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي هذا اعتبر الحسن أنه لابد من وقفة حازمة تهدد الدول المسيئة للإسلام ونبيه، من قِبل منظمة التعاون الإسلامي، معتبرًا ذلك حق أصيل لأي شعب ينادي بقيم حضارية. أكد الدكتور سمير العركي الباحث في شئون الحركات الجهادية أن الحرب على الإرهاب التي شنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية فشل في مهامها التي قامت من أجلها، مشيرًا إلى أن معارك أفغانستان لم تنجح في تصفية قائد حركة طالبان أسامة بن لادن، بل قُتل بعد سنوات بعملية نوعية، كما أنها لم تنجح في القضاء على الحركة نفسها"، بل نجد أن طالبان مازلت متواجدة على أرض أفغانستان. وعن أهم أسباب فشل هذه الحرب أوضح العركي ل "الواي" أن الحرب على الإرهاب لم تكن حربًا عادلة بالأساس، حيث عاقبت دول بإحتلالها مثل "العراق" و"أفغانستان" نتيجة أخطاء فردية، ارتكبتها جماعات خرجت عن أعراف مجتمعاتها السلمية. وكان اختلال الموازين لدى الولاياتالمتحدة من أهم أسباب فشل هذه الحرب، وكما يرى الدكتور العركي أن غض أمريكا الطرف عن ممارسات إسرائيل الإرهابية، وفي المقابل إعلان رفضها لممارسات مشابهة من جماعات إسلامية، يظهر مدى ازدواجية المعايير والكيل بمكياليين التي أظهرت ما يسمى ب "الحرب على الإرهاب" بأنه حرب على فئة بعينها وليس على سلوك القتل والإرهاب. وأرجع العركي أيضًا فشل هذه الحرب إلى لجوء الإدارة الأمريكية إلى الحل العسكري في مواجهة العداء العربي لها في الشارع العربي والإسلامي، معتبرًا هذه السياسة خطأ فادح وقعت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية في حربها على مدار العقدين الماضيين. "محاكمة نبي الإسلام" .. فيلم أثار الجدل منذ الإعلان عن عرضه بالولاياتالمتحدة بالتزامن مع الذكرى الحادية عشرة، لأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، استبعد العركي أن يكون للفيلم علاقة بذكرى تفجيرات مركز التجارة العالمي نيويورك. وأكد العركي أن أقباط المهجر يهدفوا من هذا الفيلم ضرب الجبهة الداخلية لمصر، وإحداث فتنة بين المسلمين والمسيحيين، بعد صعود الإسلاميين لسدة الحكم، وخاصة بعد انتخاب مرسي، ومؤشرات نجاحه في إدارة الأزمة المصرية حتى الآن. إذًا فالحرب على الإرهاب، سوق لم يجني منه العرب سوى الحطام، بالإضافة إلى جيل جعل كره الولاياتالمتحدة أحيانًا يفوق حبه لوطنه، فاتجه للإضرار بمصالح بلاده في سبيل إلحاق أذى ولو قليل بثوب أمريكا المهلهل. والمنطقة العربية الآن وهي بصدد تحول جديد، يأخذ فيه الشعوب بدفة القيادة، يُنتظر من جيل قادم أن يزيل مصطلح "الإرهاب" من فوق جبين الشرق الأوسط.