في حواره مع "الوادي" يواصل حسن نافعة كشفه لمسارات السياسة المصرية وأخطاء شباب الثورة ورؤيته للفريق الرئاسي، ويكشف حقيقة الصفقات بين الإخوان والعسكري. ** كثيرون تحدثوا عن وجود صفقة منذ أيام الثورة بين الإخوان والمجلس العسكري كيف تري ذلك كمحلل سياسي؟ لا أظن ذلك فلست أنا ولا أي أحد يستطيع أن يقول أن هناك معلومات مؤكدة وحقيقية لوجود هذه الصفقة، لكن من واقع قراءة سياق الأحداث وتطورها منذ اندلاع الثورة حتى هذه اللحظة يمكن ان نستنج منها بأنها كانت هناك تفهمات معينة جرت بين المجلس الاعلى للقوات المسلحة التي ألت إليه السلطة وبين جماعة الاخوان المسلمين خاصة وليس التيار الاسلامي في العموم وهذا الأمر قد يكون لأن المجلس العسكري ليس لديه الخبرة السياسية الكافية كما أنه يدرك أن هناك تغييراً ثورياً قد حدث وأنه أصبح مسؤولا عن إدارة الدولة ولا يمتلك الخبرة السياسية لإدارتها، وبالتالى يحتاج إلى من يدعم قراراته سياسيا، كما تصور أن التعاون مع الإخوان المسلمين سوف يمكنه من إدارة الدولة في هدوء. ** كيف ترى هذا التصور، هل أخطأ المجلس العسكري أم أن الإخوان كانوا أذكى في استغلال الفرصة؟ أعتقد أن هذا تصور خاطيء جانب المجلس العسكري وكان على المجلس العسكرى بحكم مسئوليته عن ادارة الدولة ان يستغل الفرصة الفريدة التى اتيحت امامه الى الانتقال لنظام سياسي ديمقراطي كامل والاستفادة من طاقة الشباب التي فجرت الثورة والعمل على توحيد صفوف الشباب وتوحيد صفوف القوى السياسية باكملها وجمعها وتأسيس نظام ديمقراطي حديث يعبر عن كل الثورة ولكن الذى يبدو ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة أراد أقتسام السلطة بشكل او باخر مع جماعة الإخوان المسلمين وبالتالى ترك الطريق للإخوان المسلمين لتظهر قوتها الانتخابية من خلال البرلمان على أساس ان تخوض جماعة الاخوان المسلمين الانتخابات بمرشح منها أو على الاقل تساعد المرشح الذى سيختاره المجلس الاعلى للقوات المسلحة، هذا هو استنتاج وتحليل ليس معلومات ولكن حدثت خلافات حول المرشح التوافقي وطرحت بعض الاسماء في العديد من المراحل ولكن عندما قررت جماعة الإخوان المسلمين انها ستخوض الانتخابات الرئاسية سيكون له مرشح واحد فأختارت المهندس خيرت الشاطر ثم اختاروا د.محمد مرسى وانتهى الامر بفوزه فى الانتخابات هذا الامر لم يسعد المجلس العسكري وحاول ترشيح عمر سليمان ولكنه تم سحب أوراقه للأسباب التى نعرفها جميعا ودخل السباق الفريق أحمد شفيق المرشح المدعوم ضمناً من المجلس العسكري، في تلك الأثناء أقدم المجلس العسكري على الاعلان الدستورى المكمل الذى أراد من خلاله قطع الطريق على مرسي للانتقاص من صلاحياته في حالة وصوله للسلطة وفى هذا الفصل من الصراع على الحكم حسم فى صالح د. محمد مرسى. لكن وفقاً لتحليلي الشخصى أستنتج ان هناك تفهمات فى البداية على أساس ترك السلطة التشريعية للإخوان والتيار الاسلامى وأحتفاظ المجلس الاعلى للقوات المسلحة بالموقع الرئاسي أو على الاقل ان يكون من الموقع الرئاسى قريبا من المؤسسة العسكرية أو مرضى عنه من المؤسسة العسكرية هذه الصيغة او الطريقة لم تنجح ولم يتم التفاهم عليها بالكامل ولم تصل الى طريقها النهائي وبالتالى حدث ما حدث ونحن الان في مقدمة مفترق الطرق، تم حل مجلس الشعب ود. مرسي أصبح رئيساً للجمهورية يجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ومطلوب الآن أن نكتب الدستور وهذا فصل أخر يؤدى الى صراعات كثيرة ** كيف تري هذا الصراع وخطورته علي الحياة السياسية ومستقبل العمل الديموقراطي؟ من الواضح أن هذا الصراع سيحدث عبر عدة سيناريوهات فالسيناريو الأول : أن تستمر الجمعية التأسيسية بشكلها الحالى في كتابة الدستور ويستفتى عليه الشعب ثم تجرى الانتخابات بدون أية مشكلات، أما السيناريو الثانى فيتمثل فى صدور قرار من المحكمة الادارية مرة أخرى بحل الجمعية التأسيسية وفي هذه الحالة سيتولى د. محمد مرسي بنفسه تشكيل الجمعية التأسيسة الجديدة، وهو قد قال أنه لم يفعل هذا الا بعد التشاور مع القوى السياسية المختلفة ويتعين على الجمعية التاسيسة الجديدة أن تكتب الدستور ويطرح الدستور إلى الاستفتاء وبعدها بشهرين ستجرى الانتخابات التشريعية الجديدة ولا ندرى ما إذا كانت هذه الانتخابات التشريعية ستتضمن الانتخابات مجلسي الشعب والشورى أو ستكتفى بمجلس الشعب فقط ولكن في جميع الأحوال بهذه الانتخابات تكون المؤسسات المصرية قد اكتملت، وسيكون لدينا دستور ورئيس جمهورية ومجلس شعب وسلطة برلمانية تمارس السلطة التشريعية وسيبدأ العمل بالنظام بتشكيلته الجديدة وفي هذه اللحظة فقط ستبدأ عجلة النظام الجديد في الدوران أما الآن فنحن مازلنا في مرحلة انتقالية لم تكتمل بعد و لا نعرف بالظبط الي أين تقودنا ومتى ستكتمل بشكلها النهائي. **هل أخطأنا عندما لم نسمع لمطالب الشباب والقوي المدنية التي نادت بوضع الدستور أولا ؟! أنا من الذين نادوا بكتابة الدستور قبل الانتخابات التشريعية وإجراء الاستفتاء ومن ضمن المقالات التى كتبتها مقال بعنوان "لماذا سأصوت بلا على الاستفتاء" وكتبت ضد اجراء التعديلات الدستورية في ظل التعديلات الدستورية علي الدستور 71 وكتبت ضد الاعلان الدستوري وللاسف الشديد ان المجلس العسكري وجماعة الاخوان المسلمين والتيار الاسلامي كلهم حشدوا الناس في اتجاه الانتخابات البرلمانية أولا وهذا ما اوصلنا الي ما نحن فيه ويبين لنا أننا سلكنا الطريق الغير صحيح مائة في المائة وكل الشركاء يسلمون ويؤمنون ان هذا الطريق كان خطأ فقد ادخالنا في متاهات كثيرة فكانت مقالاتي تطرح تصورات لادارة المرحلة الانتقالية بعد تنحي الرئيس مباشرة وكنت من انصار وجود مجلس رئاسي وبرلمان مؤقت وحكومة مستقلة ودستور يكتب اولا ثم تجرى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية ولكن لا يجب ان نبكي كثيرا علي اللبن المسكوب كما يقال وعلينا ان ننظر إلى المستقبل ، أما الآن فعلينا أن نولي اهتمامنا الكبير الى كتابة الدستور سواء من جانب الجمعية التأسيسة للدستور او من جانب جمعية اخرى أكثر توازناً ولكن ما يهمنا في الأمر أن يكون هناك دستور يرضى عنه الشعب بالكامل بكل فصائله السياسية بمعنى أن يكون دستور توافقي ينظم قواعد اللعبة السياسية تتوافق عليه جميع الأطراف و يجب على القوي السياسة أن تستعد من الآن للانتخابات التشريعية القادمة، لأن البرلمان القادم سيكون عليه عبء ودور مهم حيث أنه سيلعب دورا بالغ الأهمية. ** هل أدار مرسى ظهره لاتفاقاته مع القوى السياسية بعد فوزه بالرئاسة؟ بالنسبة لقضية الشباب والشيوخ يمكننا أن نقول: أن الشباب لعب دوراً مهماً جداً ومميزاً في الثورة ولكن الشباب انقسم على نفسه ولو أن الشباب توحد بعد الثورة لاستطاع تغيير أشياء كثيرة، فلا يجب أن نلوم محمد مرسى وحده أو جماعة الاخوان المسلمين والتيار الاسلامى فكل التيارات السياسية لعبت دوراً في تفرقة الشباب وتجزئة الشباب وشق صفوفهم ولكن لحسن الحظ أيضا أن جماعة الأخوان المسلمين غلبت بقوة التنظيم سواء في الجماعة والحزب الذي خرج من رحم الجماعة، الوطني الآن الذي يدخل العمل السياسي هذه المرحلة عليه أن يفكر أولا فى مصر قبل أن يفكر فى حزبه السياسي أو الجماعة التى ينتمى إليها فمصر تحتاج إلى التكاتف حول مصالح الوطن العامة وتضافر جهود كل القوى لتأسيس نظام برلمانى هذه هي القضية الاولى والاساسية أن أي فريق يخرب هذا الهدف من أجل الحصول على مكاسب تخصة شخصيا أو تخص جماعته يعتبر هذا الفعل إضرار بمصلحة الوطن. كما ألتزم الدكتور محمد مرسى أمامنا فى مؤتمر تشكيل الجهة الوطنية أنه عندما يصبح رئيساً لمصر سيتخذ خطوات معينه من بينها أن تتحول مؤسسة الرئاسة إلى مؤسسة كبيرة يشارك فيها كل القوى السياسية، وان يعيد تشكيل الجمعية التأسيسية وسيفسح مكانا للشباب وللمرأة والأقباط . ويعين ممثلا للأقباط والشباب والمرأة كنواب لرئيس الجمهورية، وهذه الإجراءات لم تتخذ بعد، وهناك فريق رئاسي ولكن لا يرقى إلى الطموح الذي كنا نتمناه أو كنا نتصوره، كان هناك أيضا وعد بتشكيل الجمعية التأسيسية بشكل أكثر توازناً ولم يتم هذا حتى هذه اللحظة وهناك وعود أخرى كثيرة تعهد بها ولم ينفذ منها شيء. ** هل تستطيع الحكومة الجديدة برئاسة "قنديل" تنفيذ مشروعات تساعد في بناء المؤسسات المصرية التي أصابها العطب خلال السنوات الثلاثين الماضية؟ أعترضنا على هذا التشكيل ليس لأننا ضد الدكتور هشام قنديل ولكنه لم يكون له دور بارز فقد كان وزير الري فى حكومة الجنزوى ولم نرى أي تميز واضح، كنا نريد حكومة قوية جداً فكان من الطبيعى أن تتسم الحكومة التي يتم تعيينها من قبل أول رئيس مننتخب وبعد ثورة مثل ثورة يناير المجيدة بالقوة. ورغم كل هذا نتلمس العذر للدكتور محمد مرسى لان الصراع بينه وبين المجلس العسكرى كان قوياً وعلى الرغم أنه حسم هذا الصراع مع المجلس العسكري بعد تشكيل الحكومة فكنا نظن أن تكون الحكومه مختلفة كثيرا . فالقضية ليست قضية أشخاص وأنما قضية صلاحيات والقواعد الاساسية التي يبنى على أساسها النظام السياسي. كما أقول لكم أننا في مرحلة الاعداد ونحن في مرحلة التأسيس لنظام يحل محل النظام السابق ولا نريد أن تكون هناك أي ثغرة تعيدنا إلى نظام الاستبداد ولذلك نحتاج إلى رجال أقوياء ومخلصين ورجال يقدمون مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية ومصالح أحزابهم وجماعتهم السياسية ونحن أمامنا عده شهور حاسمة. في تاريخ مصر و مصيرها، أم أن تنطوي مصر علي نفسها وتعيد انتاج نظام يختلف كثيرا عن النظام السابق، النظام الحالي يستطيع أن يستفيد بكل الخبرات القائمة وطاقات الشباب من جديد. ** المعارضة الحالية كيف تراها وماذا تتوقع لها ؟ الخريطة السياسية والحزبية لمصر التي نراها اليوم ليست هي الخريطة الأمثل وليست الخريطة النهائية لذلك أتوقع انشاء أحزاب جديدة يكون لها دور اكثر قدرة وفاعلية، وبالتالي سنري شكلا مختلفاً للخريطة، أنا لست سعيداً بالقوى السياسية التي تنغلق علي نفسها وأتساءل: هي معارضة لمن؟ نحن أمام قوي سياسية في مرحلة التشكل كما أن هناك أحزاب قديمة تآكلت و لم يعد لها أي دور حقيقي و هناك احزاب جديدة نشأت بعد الثورة ولكن لم تختبر اختبار حقيقي وبالتالي ستشهد الخريطة الساسية تغيرات كثيرة في الفترة القادمة وسيمر بعض الوقت قبل أن تتبلور ملامح هذه الخريطة النهائية التي آمل أن تكون فيها أحزاب المعارضة حقيقية وتعارض وتعبر عن نفسها وتعبر عن مصر الثورة .