فور وفاة رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي تعالت الأصوات حول موقف دول المصب على طاولة التفاوض مع دول المنبع والتفسيرات المستقبلية لهذا التفاوض خاصة وان رئيس الوزراء الراحل كان زعيم حركة المعارضة لموقف دول المصب (مصر والسودان) وزعيم مشروع سد "النهضة الاثيوبي" الذي يعتبره البعض املا للدولة الافريقية مما دعم موقف "زيناوي" في مجابهة دول المصب الأمر الذي اعتبرته دول المصب خطراً محتم وتعدي صارخ لحقوقها في الحصول على نصيبها من نهر النيل والاصوات الافريقية التي تطالب بتعديل هذا النصيب. دكتور هانى رسلان رئيس تحرير ملف الاهرام الاستراتيجى ورئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية قال أنه بوفاة "زيناوي" ستكون لدى مصر بوادر أمل في إعادة هيكلة الموقف الافريقي خاصة في قضية النيل ومخصصات مصر والسودان. فمنذ أن وصل "زيناوي" للحكم منذ أكثر من 20 عام وضع سياسة لأثيوبيا تعتمد على الحكم الفيدرالي وهو يمنح الدولة الحكم الذاتي خاصة وإن أثيوبيا تتكون من عدة شعوب وطوائف وعدد من الاقليات، وهذا النظام يقوم على توازنات دقيقة وحرجة و"زيناوي" ضابط الايقاع وبوفاته سيخلق نوع من الارتباك وعدم التوازن والاستقرار حيث هناك شعوب مثل الأورومو وغالبيته الاسلامى وهو يمثل 40 % من سكان اثيوبيا وعدد من الاقليات والصوماليين وبالتالي سيغرق المستقبل رئيس الوزراء الجديد فى الترتيبات الداخلية وهذا يعكس بشكل واضح السياسة الخارجية المتبعة التي ستضعف بكل تأكيد كبناء السدود والمواقف من اتفاقية عنتيبى. واضاف "رسلان" أن على مصر مراقبة الوضع الداخلي لاثيوبيا مراقبة حكيمة لتقييم الوضع والعمل على اعادة السياسة الخارجية المتبعة للدولة المصرية وفق هذا الوضع الداخلي الاثويبى بشكل يسهم فى تحقيق الأهداف المصرية المنشودة خاصة وان الوقت اصبح متاحاً للادارة المصرية حيث ان بناء السدود سيبطئ بكل تأكيد اثر وفاة "زيناوي" وبالتالى موقف اثيوبيا سيصبح أقل اندفاعاً واكثر حرصا للمحافظة على سياسة اثيوبيا الداخلية والخارجية وهو ما يخدم المصالح المصرية بشأن ملف نهر النيل . فى حين قال الدكتور أحمد فوزي دياب كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة واستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير استراتيجيات المياه بغض النظر عن وفاة رئيس وزراء اثيوبيا "ملس زيناوي ومواقفه فأنه شخص يعتد به في عمليات المفاوضات لما يتمتع به من شخصية قوية وقدرة عالية من عمل اتفاقيات لجانب علاقاته الرفيعه وقدراته الشخصية مما تجعل الجميع يلتفون حوله مما يسهم بشكل فعال في تنفيذ مخططاته. وأضاف "دياب" ان موت "زيناوي" سيؤثر بالفعل على طاولة التفاوض بين دول المنبع والمصب وسيسهم بشكل ايجابي في دعم موقف دول المصب المتمثلة في مصر والسودان، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق الخطوات الايجابية من قبل الحكومة المصرية عن طريق تشكيل لجنة ووفد على درجة كبيرة من الكفاءة لتحقيق مطالب وأهداف مصر من موقف دول المنبع يسهم في ذلك الاحداث الاخيرة التي تشهدها الساحة المصرية من رئيس جديد وحكومة واجراءات مصر الرادعة التى شهدتها منطقة سيناء الامر الذى يسهم بشكل كبير فى دعم موقف مصر على طاولة التفاوض . واستبعد "دياب" أن يكون خليفة "زيناوي" بنفس درجة كفاءته لما يتمتع به رئيس الوزراء السابق من درجة عالية من الامكانيات التى تجعل منه ديكتاتوراً حيث ان "زيناوي" احدث انقلاباً حقيقياً في الحكم داخل اثيوبيا، مؤكداً أن خليفته سيكون على نفس النهج لكن ليس بنفس القدرة والكفاءة على تحقيق اهداف هذا النمط من الفكر القائم عليه "زيناوي". يذكر أن ملس زيناوي من مواليد 8 مايو 1955 وكان قد شغل منصب رئيس وزراء إثيوبيا منذ 22 أغسطس 1995 حتى وفاته في 20 أغسطس 2012 وكان شغل قبل ذلك منصب الرئيس من 28 مايو 1991 حتى 21 أغسطس 1995 حيث وصل الى الحكم بعد الاطاحة بالنظام الشيوعي في مطلع التسعينات من خلال الجبهة الديمقراطية الثورية لشعب أثيوبيا حيث كان عضوا بها وخلال فترة حكمه عمل على تقدم إثيوبيا اقتصاديا وفى السياسة الخارجية حتى توفي زيناوي مساء الاثنين 20 أغسطس الماضى .