صرح الحزب الاشتراكي المصري أن قرارات "مرسي" الأخيرة بشل المجلس العسكرى، وتقليص سلطاته، ونقل معظمها إلى رئيس الجمهورية، تأتى كضربة قوية لنفوذ العسكر، فى إطار الصراع المشتعل بينهما منذ أواخر فبراير الماضي، ومكسبا هاماً يُتوج محاولات الإخوان لابتلاع و"أخونة"الدولة بمختلف أجهزتها. وأضاف الحزب في بيان له بأنه في الوقت الذي يناقش فيه البعض تلك القرارات إنطلاقا مما إذا كانت تقع في سلطات رئيس الجمهورية والقانون والدستور أم لا, فإن المرجعية الشرعية الوحيدة التي يجب القياس عليها هي مرجعية الشرعية الثورية لثورة 25 يناير، ومدى علاقة أى خطوات سياسية بتحقيق أو تقريب مطالب تلك الثورة,إذن فإن تقييم تلك القرارات يجب أن يتم بالنظر إلى سياقها السياسى، وإلى أهدافها القريبة والبعيدة، وعلاقة تلك القرارات بتحقيق مطالب الثورة وتنفيذ أهدافها. وأوضح "الحزب الاشتراكي المصري" وجهة نظره التى ترى أن كلا من جماعة "الإخوان" و"المجلس العسكرى" طرفان للثورة المضادة، ومدافعان شرسان عن مصالح رجال الأعمال والاحتكاريين ولصوص المال العام، الذين مثلهم نظام مبارك، وفى سياق صراعهما ضد الثورة, تعاونا كثيرا فى مواجهتها، واختلفا أحياناً على نصيب كل منهما من النفوذ، فى إطار سعى كل طرف إلى الاستحواذ على قسم أكبر من سلطة الدولة. واشار الحزب الى انه بعدما قنع الإخوان لفترة بالسلطة التشريعية، التى ظفروا بها بمساعدة العسكر، سعوا للمشاركة فى السلطة التنفيذية منذ أواخر فبراير الماضى، على استحياء فى البداية (مجرد المشاركة الثانوية فى الوزارة)، ثم بجرأة بعد ذلك بالصدام على حيازة منصب رئيس الجمهورية. واستخدم لمجلس العسكرى كل أدواته فى الصدام من أجل حل مجلس الشعب وإصدار الإعلان الدستورى المكمل، الذى يضمن له كل السلطات والصلاحيات أيا كان الرئيس، مع التهديد المبطن بإنجاح مرشح العسكر "أحمد شفيق". و نوه الاشتراكى المصرى الى ان هذا الوضع الذى كان يهدد بإعادة الإخوان إلى المربع صفر، بخسارة جُلَّ المكاسب التى حازوها فى سعيهم للسيطرة على الدولة (خسارة مجلس الشعب، والخسارة المتوقعة وقتها لمجلس الشورى، والجمعية التأسيسية)، نزل الإخوان للشارع واعتصموا فى التحرير، مهددين بشبح الحرب الأهلية فى حال حرمانهم من كل تلك المكاسب. وقال الحزب ان الولاياتالمتحدة تدخلت بشدة لفرض "مرسى" رئيساً للدولة، بعد أن تحصلت منه، ومن جماعة الأخوان، على ضمانات صريحة بالالتزام باتفاقيات الصلح مع "إسرائيل"، وبحماية المصالح الأمريكية فى المنطقة. وتواصلت الجولات المكوكية الأمريكية لوزيرة الخارجية "كلينتون"، ثم وزيرالدفاع "بانيتا"، والتى شهدت لقاء كل منهما بالطرفين ومحاولات الوساطة، وتسربت أخبار عن التوصل لاتفاق يتضمن التراجع عن حل"مجلس الشورى"و"الجمعية التأسيسية"، وإقرار استكمال "مرسى" لمدته الرئاسية كاملة، فى مقابل الحفاظ على"الإعلان الدستورى المكمل" وصلاحيات "المجلس العسكرى"، حتى جاءت القرارات الأخيرة بعزل رموز المجلس العسكرى القيادية (وزيرالدفاع ورئيس الأركان وقادة الأسلحة البحرية والجوية والدفاع الجوى) والدفع بقيادات موالية للإخوان إلى الموقع الأول بالمؤسسة العسكرية.. فهل تؤدى تلك القرارات إلى الإطاحة ب"سلطة العسكر" كما طالب الثوار وتحقق أحد مطالب الثورة ولو جزئيا؟!. وهل تحسم تلك القرارات المعركة لصالح الإخوان نهائيا. واستطرد الحزب قائلا في الحقيقة أن هذه المعركة لا تدور كلها على أرضية تجاهل مطالب الثورة الرئيسية بعدالة اجتماعية وحد أدنى وأقصى للأجور وضرائب تصاعدية وديمقراطية حقيقية وحسب، ولكن أيضا على أرضية الهجوم الكاسح على مكتسبات الثورة الديمقراطية، وتجريم النضال الإضرابى لجماهير تفتقد كافة أسباب الحياة الإنسانية، ومحاولة تقنين سنة كاملة بدون إضرابات، ومنع الاحتجاجات التى تسد الطرقات ولو بالقوة,أما بالنسبة ل"العسكر"، الذين يسعون للحفاظ على امتيازاتهم السياسية ومكافآتهم المادية ومكانتهم الاجتماعية، وتحصينهم من الملاحقة القضائية وبالذات فيما يخص الكسب غير المشروع، وعدم محاكمتهم فى أى حال إلا أمام القضاء العسكرى، تراعى القرارات كل تلك المطالب. فالقادة المعزولين يعينون فى مناصب تتيح لكل منهم مرتبات تقدر بالملايين شهريا (رؤساء ل"هيئة قناة السويس"و"الهيئة العربية للتصنيع"و"وزارة دولة للإنتاج الحربى")، كما تتضمن التعيينات والأوسمة الممنوحة للقادة المعزولين، بداهةً، إسباغ الحماية عليهم من الملاحقة المستقبلية، فضلاً عن التعهدات (غير المعلنة) بالطبع. واعتبر الحزب انه قد يكون من المبكر الادعاء بأن ذلك يعتبر الكلمة الأخيرة فى صراع "الإخوان" و"العسكر"، الذى قد يشهد جولات أخرى ربما يكون بعضها عنيفا، وخصوصا وأن تغلغل العسكريين فى مختلف مؤسسات الدولة وهيمنتهم على العديد من الأجهزة والمناصب الحساسة، يجعل فى يدهم أدوات هامة فى الصراع ومصالح يخشى عليها أيضا. واكد الحزب على أن جميع السلطات تقريباً، قد تجمعت الآن فى يد "جماعة الأخوان"والرئيس الذى ينتمى إليها: البرلمان (الذى يعلنون أنه لم يحل، ويبشِّرون بقرب عودته!)، و"مجلس الشورى"، و"الجمعية التأسيسية للدستور (التى تمضى فى عملها، غير مبالية بكل الاعتراضات الموجهة إليها!)، والحكومة، والإعلام (الذى يديره وزير من أعضائها)، والصحافة (التى سيطرت عليها الجماعة بتغيير كل رؤساء تحرير الصحف الرسمية)، ثم الرئاسة (التى حاز الرئيس بعد إعلانه الدستورى الأخير، من خلالها، سلطات انفرادية غير مسبوقة، على رأسها التحكم فى "الجمعية التأسيسة" والدستور الجديد)، وأخيرا قيادة الجيش بعد التعديلات الأخيرة، فضلاً عن مواقع "المحافظين" التى قدم حزب "الحرية والعدالة"، كما نُشر فى الأيام الأخيرة، قائمة بمرشحيه لتولى مناصبها، ومؤسستى"الأزهر" "والقضاء"، التى تستعى الجماعة للانقضاض عليهما.إلخ. واعتبرالاشتراكى المصرى هذا التوحش المكشوف في سعى "جماعة الإخوان" لالتهام "الدولة المصرية التاريخية، وأخونتها، وبثمن فادح هو ذبح الثورة، وقهر الشعب، والعصف بالحريات (تقديم الصحفيين للمحاكمات، إغلاق الصحف والفضائيات، مطاردة نشطاء الإنترنت...إلخ)، أى تطويق الدولة وحصارها وإحكام القبضة الفولاذية للجماعة عليها، إنما يوجب على كل القوى والأحزاب اليسارية والديمقراطية، والحركات الاحتجاجية، والنقابات الجديدة والمستقلة، وجماعات المجتمع المدنى، وغيرها، الالتقاء حول برنامج عملى واضح ومحدد لإنقاذ الثورة، وللزود عن مدنية الدولة، ولحماية الحريات العامة والخاصة وهدف"العدالة الاجتماعية"، من تَغَوُّل جماعة "الأخوان"، وإهدارها الكامل لكل مزاعم"المشاركة لا المغالبة" التى طالما تشدقت بها!. وشدد الحزب على ان توفر الحركة الاحتجاجية الشعبية، والإضرابات العمالية الحالية (التى بلغ عددها خلال شهر يوليو الماضى حوالى 495 احتجاجا) الفرصة المواتية للالتحام بجماهير الشعب وللنضال فى صفوفها من أجل تحقيق أهدافها، كما يُشَكِّلُ استمرار معاناة الجماهير من الفقر والغلاء، وعجز حكم الأخوان البيِّن عن طرح حلول حقيقية لها. وحذر الاشتراكي المصرى من أن تدهور جميع المرافق وانقطاع الكهرباء وغيرها، مناخا مناسبا للالتحام للجماهير عبر خدمتها والتفانى فى الدفاع عن مصالحها، وربط نضالاتها الحياتية حول تلك القضايا بالنضال ضد محاولات "أخونة الدولة"، وصياغة دستور لا يلبى إلا مطامع الجماعة، وبما يدمر مستقبل البلاد، ويهدد فى العمق حياة عشرات الملايين من أبناء الشعب، ويطيح بآمالهم ومصالحهم.