ضربة قاضية وجهها الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية إلى الكبيرين "طنطاوي" و"عنان" بقرار مباغت لهما يقضي باحالتهما إلى التقاعد والطرد من خدمة العسكر بعد سنوات من التسلط والسلطة داخل المؤسسة العسكرية في مصر، مراقبون قالوا أن القرار بداية النهاية للعسكر في الشارع ومؤشر لعودة العسكر إلى الثكنات، فيما قال "أخرون" أن ساعة الصفرقد بدأت من جانب مرسي والاخوان لأخوانة الدولة رسميا بعد إقالة المشير وعنان. هنا يعلق القيادي اليساري أحمد بهاء الدين شعبان، وكيل مؤسسي حزب الإشتراكي المصري علي إقالة لمشير وعنا ويضيف شعبان قائلا "اليوم سقطت دولة الشاويش والكاب ولم يبق أمامنا إلا الدراويش وحكم الاخوان". وطالب "شعبان" قوى الدولة الحديثة أن تنبذ خلافاتها وتتجمع في جبهة مشتركة، جبهة واحدة لقوى اليسار الاجتماعي والقوى الليبرالية المعاصرة وتقيما جسرا من التواصل والتنسيق في قضايا الحريات العامة والخاصة لتحرير مصر من طغيان الدولة الدينية واستكمال مبادئ الثورة وأهدافها الستة الرئيسية "الحرية، المواطنة، المساواة، الكرامة الانسانية، العدالة الاجتماعية، تكافؤ الفرص". فيما يري اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الاسبق أنه منذ نهايات النصف الأول من القرن الماضي والجيش المصري يرتمي في أحضان الضباط الأحرار ويستعين من ناحية أخري باللواء محمد نجيب من خارج التنظيم حتي لا يتعرضوا لمقاومة ومحاولات للإنشقاق داخل صفوف قوات الجيش التي لا تعرفهم، ولا تنتمي لهم، أو تدين لهم بالولاء، وبات اسم وشعبية وإنتماء معظم ضباط الجيش ل"نجيب" هو الواجهة التي قدموها ليصلوا من خلالها إلى السلطة. وحينئذ يضيف "علام" إن تعمد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أن يطيح بكل أذرع القوة التي لا تنتمي للتنظيم وله شخصياً في أفرع وأسلحة القوات الملسلحة ليضمن السيطرة الكاملة عليها، وهو ما تحقق بتعيين الرائد عبدالحكيم عامر، قائداً عاماً للقوات المسلحة، وإنتشار الصف الثاني والثالث من الضباط الأحرار في قيادات الجيش حينئذ، قبل أن ينجح عبدالناصر ب"كاريزمته" المعروفة، والصلاحيات التي منحها للجيش في فرض الانتماء على كل أفراده، ليدين الجيش من منتصف الخمسينيات وحتى بداية السبعينيات ل"عبدالناصر" بالطاعة والولاء . وبوصول "أنور السادات" إلى سدة الحكم بحسب "علام" قام بجمع القوات المسلحة المهزومة لإستعادة كرامتها والقتال من أجل استرجاع سيناء ولم تكن تنتمي سوى النصر، والبحث عن إزالة آثار هزيمة يونيو 67، وهو ما استفاد منه "السادات" وحقق من خلاله نصر أكتوبر، لتتحول القوات المسلحة إلى الإنتماء ببطل الحرب وقتها، ومستعيد الكرامة للعسكرية المصرية، ولكن بعد رحيل السادات ووصول الرئيس السابق "حسني مبارك" المنتمي للقوات الجوية إلي الحكم، كان لابد من وجود رجل في حجم وقيمة المشير عبدالحليم ابو غزالة بكل شعبيته وقوته علي رأس الجيش. وهو ما ساعد "مبارك" على الإستقرار في الحكم، حيث كان الجيش يدين بولائه ل"أبو غزالة"، بينما يدين ابو غزالة نفسه بالإنتماء لمبارك، فاطمئنت معادلة الرئاسة، خاصة مع إنتماء "مبارك" في الاساس للمؤسسة العسكرية. ومع نهاية الثمانينيات وتحديداً عام 89 عندما قرر المخلوع "مبارك" خلع أبوغزالة، بأوامر مباشرة من القيادة الأمريكية علي حد قوله، حينها اختلت المعادلة، فكان المعادل الأمريكي المطروح وقتئذ، هو إنهاء اسطورة الإنتماء للافراد داخل القوات المسلحة، وهو ما بدا صادماً في أول خطواته بتعيين اللواء يوسف صبري أبو طالب قائداً عاماً للقوات المسلحة ووزيراً للدفاع بعد خروجه من الخدمة وتوليه منصب محافظ القاهرة . ثم إصدار قوانين الخدمة الجديدة، التي بدأ الضباط في الخروج إلى المعاش على اثرها في رتبة العقيد والعميد، وفي بداية الاربعينيات من العمر. وأشار اللواء جمال مظلوم، الخبير الإستراتيجي إلي أن المشير محمد حسين طنطاوي تولي وزارة الدفاع بعد مشوار عسكري مثير للجدل، بدءا من ثغرة الدفرسوار في حرب أكتوبر 73، ثم وجوده ملحقاً عسكرياً في باكستان إبان الدعم المصري السعودي الأمريكي للقوات الأفغانية ضد القوات الروسية، ثم توليه قيادة الحرس الجمهوري، وعلاقته المميزة بعائلة الرئيس. وأضاف "مظلوم" أن طنطاوي المنتمي للرئيس وقتها حرص على تقليص صلاحيات القوات المسلحة والمزايا الممنوحة لأفرادها، ومع إهتمام الدولة بالشرطة لمواجهة موجة الإرهاب التي ضربت البلاد في أواخر التسعينيات، وتحول القوات المسلحة لعبء اقتصادي في ظل ظروف أزمة إقتصادية طاحنة ومع تنحي "مبارك" وخلعه من الحكم وتولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة "طنطاوي" إدارة البلاد، حاول المشير دفع العجلة إلى الوراء، وإستعادة ولاء وإنتماء الضباط لذاته من خلال العديد من المزايا العينية والمادية، والعمل الدؤوب للشئون المعنوية وهو ما نجح فقط في إبعاد الجيش عن الثورة وكراهيته لها، لكن لم ينجح ابداً في ضمان الولاء للمشير حسب تأكيدات اللواء محمد قدري سعيد، مستشار الشؤون العسكرية والتكنولوجية فى مركز الأهرام، الذي أضاف أن هذه بالضبط ما استفاد منه الرئيس المنتخب محمد مرسي مؤخرا، حيث نجح بالإتفاق مع بعض عناصر المجلس العسكري ذاته في إحالة طنطاوي ورئيس أركانه المخلص سامي عنان إلى التقاعد، ليسمعا الأمر الرئاسي ويعلماه من التلفازحيث قام "مرسي" بالاتفاق مع مدير المخابرات العسكرية اللواء عبدالفتاح السيسي والفريق مهاب قائد القوات البحرية الذي قدم إستقالته قبل أشهر للمجلس إعتراضاً على طريقة إدارته للبلاد. ومن جانبه طالب تامر القاضي، عضو ائتلاف شباب الثورة الرئيس" مرسي" بسرعة إصداره قراراً جمهورياً بإعادة محاكمة كل من حوكم أمام القضاء العسكري للقضاء المدني، والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين من شباب الثورة، مؤكدا أن هؤلاء جميعا أولي بالخروج الآمن من قيادات "العسكري" وعلي الاخص طنطاوي وعنان .