أوضح الدكتور معتز عبدالفتاح ، أستاذ العلوم السياسية ، أن ما يحدث بسيناء يدل على أننا أمام سيناريوهين كبيرين بشأن من وراء مقتل جنودنا في سيناء، ولكن يحسب أنهما تحكمهما نفس الفكرة ، بأن هناك طرف يمكن استنتاج من هو يريد أن يزج بمصر في مواجهة مع طرف آخر بأقل تكلفة من قبله ، عبر استدراجنا لاتخاذ قرارات عنيفة على نحو غير مدروس فتتحول المشكلة الحادة إلى أزمة أكثر حدة . وأضاف عبد الفتاح ، هل تتذكرون نظرية "وبسهم عربي" التي قالت بها فيرجينيا في فيلم "الناصر صلاح الدين" للإشارة إلى استثارة الجيش الانجليزي (الذي كان يسمونه جيش الصليب) ضد الجيش العربي – الإسلامي ليخرج عن الهدنة وتتجدد المعارك ، موضحاً بأن هذه القصة ليست جديدة؛ فمن يقرأ "فن الحرب" لصان تسو من أكثر من 2000 عاما، سيجد استشهاداً من قبيل إن الثعلب لا يستطيع أن يهزم الأسد أو النمر ولكنه يستطيع أن يجعلهما يدخلان في معركة لإنهاك قواهما. وقال ماكيافيلي: "يمكن للقيادة المتمكنة أن تدرس حسابات القوى، ولكن أحدا لا يعرف كيف يتحسب للخديعة والخيانة." وتابع عبدالفتاح ، قائلاً " لقد كان هذا ما أشار إليه " هنري كيسنجر " بعد تورط الولاياتالمتحدة في حربي أفغانستان والعراق في أعقاب أحداث سبتمبر بقوله: "وقعنا في الفخ وها نحن نحفر حفرتين وكلما استبد بنا الغضب أرسلنا المزيد من الجنود لنحفر أكثر، دون أن نفكر كيف سنخرج منهما وبأي تكلفة " . وطرح عبدالفتاح ، عدة تساؤلات " هل ما حدث على حدودنا جزء من مؤامرة إسرائيلية للوقيعة بين مصر وحماس والجهاد ، على أمل أن تثأر مصر لنفسها وتحتل القطاع مثلا وبهذا تتخلص إسرائيل من عبئه بالعودة إلى وضع ما قبل 5 يونيو 1967؟ أم هل ما حدث على حدودنا جزء من مؤامرة تكفيرية قاعدية (نسبة إلى تنظيم القاعدة) تهدف إلى الوقيعة بين مصر وإسرائيل والزج بهما إلى مواجهات دبلوماسية وعسكرية تورط البلاد في ما ليست هي مستعدة له؟ وأوضح عبد الفتاح ، سواء كان الأمر هكذا أو كذلك، فإن هناك واجبات إجبارية لا يمكن تجاهلها حتى لا تتحول سيناء إلى نقطة الضعف الأساسية في الأمن القومي المصري، وهناك العديد من الأفكار المهمة في هذا الصدد، وعلى رأسها زيادة عدد القوات المصرية على الحدود مع إسرائيل، تغليظ عقوبات التهريب بصفة عامة وتهريب السلاح تحديدا وصولا إلى الإعدام، لا بد من هدم الأنفاق (يقال إن عددها 100 نفقا يتم نقل السلع والأشخاص والأسلحة عبرها) وإنشاء منطقة تجارية حرة في السلعة الأساسية والمعمرة، مع تحميل إسرائيل مسئوليتها كدولة احتلال عن توفير السلع الإستراتيجية (لاسيما الطعام والطاقة)، التفاهم بين قوات الأمن المصرية والقبائل السيناوية من أجل تأمين المشروعات الصناعية والسياحية هناك، فضلا عن منح امتيازات ضرائبية سخية لكل مستثمر جاد يريد أن يقيم مشروعات في سيناء. وأكد عبدالفتاح، علي إن مراجعة إستراتيجيتنا الأمنية في سيناء ضرورة بما في ذلك إعادة النظر في الملاحق الأمنية بين مصر وإسرائيل وزيادة عدد القوات، ومعلوماته أن إسرائيل لا تمانع في ذلك ، مشيراً إلي أننا نتبين كل يوم أن بنية الدولة المصرية كانت هشة للغاية في عهد مبارك، ولكنه على الأقل كان عارفا بهذه الهشاشة، وكان قادرا على خلق انطباع مزيف بغياب هذه الهشاشة. ونحن الآن نكتشف الحقيقة أن إعداد الفرد المصري كما أن الترتيبات المؤسسية التي تضبط سلوكه هي ثغرة كبيرة لا بد من أن تكون على أولويات الحكومة الجديدة وإلا لن نخرج أبدا من دائرة الكلام عما ينبغي أن يكون.