أكد الدكتور إبراهيم نجم- مستشار مفتي الجمهورية- أن دار الإفتاء تعمل على تصحيح صورة الإسلام والمسلمين وإصلاح ومواجهة التشويه بكل أشكاله والذي اقترفته الجماعات الإرهابية وساهمت في انتشار ظاهرة (الإسلاموفوبيا) في الغرب تحديدًا. وأضاف في محاضرة له حول "جهود دار الإفتاء في مواجهة الأفكار المتطرفة" بحضور مجموعة رفيعة المستوى من سفراء الدول الآسيوية أن التشدد والتطرف ظاهرتان موجودتان عند المتطرفين من أتباع جميع الأديان من قديم الزمان وليستا مختصتين بدين بعينه، وهاتان الظاهرتان ظهرتا في فترات من تاريخ المسلمين تحت مسميات مختلفة. وأوضح أن هذه الظواهر اتخذت من الدين ستارًا يخفي أغراضهم الدنيئة؛ على الرغم من أن الدين في أصله يدعو إلى الوسطية والرحمة والتزكية والعمران ويحرم التشدد والغُلو والإرهاب. وقال مستشار مفتي الجمهورية: "نحن في مصر وخاصة في المؤسسة الدينية الإسلامية والمسيحية نركز على مكافحة داعش فكريًّا ونسعى إلى فضح البنية الأيديولوجية له"، مؤكدًا أن مصر تخطو خطوات واسعة في محاصرة هذا الفكر التكفيري، وأن مصر حذرت العالم من وباء الإرهاب مرارًا وتكرارًا ولم تجد دعوتها آنذاك آذانًا صاغية. وأضاف أن دار الإفتاء استشعرت خطر فتاوى الإرهاب وقامت بحزمة من الإجراءات لمواجهة الآلة الدعائية للتنظيمات الإرهابية ومن ضمنها داعش، وذلك من خلال إقامة مرصد لمتابعة الفتاوى التكفيرية والمتشددة، والرد على هذه الفتاوى وتفنيدها من خلال منهج علمي رصين، وإقامة مركز تدريبي متخصص حول سبل تناول ومعالجة الفتاوى المتشددة، وإطلاق صفحة إلكترونية بعنوان "داعش تحت المجهر" باللغتين العربية والإنجليزية لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسوقها التنظيمات الإرهابية، وإطلاق مجلة إلكترونية "بصيرة" باللغتين العربية والإنجليزية لنشر الإسلام الوسطي المعتدل، وترجمة أكثر من 1000 فتوى باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية نسبة كبيرة منها متعلقة بتفنيد مزاعم التيارات المتطرفة وما تسوقه من مفاهيم وتصدره من فتاوى مغلوطة، وكذلك إصدار موسوعة لمعالجة قضايا التطرف والتكفير باللغات الأجنبية. وقال مستشار مفتي الجمهورية: "إن الجماعات الإرهابية دائمًا ما تجتزئ آيات القتال في القرآن وتبترها من سياقها ولا تربطها بالآيات قبلها وبعدها حتى يختلط الأمر على العامة ولا يفهم المسلمون ما تحث عليه الآيات وما أحكامها فتظهر على أنها دعوة للقتل فقط ودون أسباب". وأضاف أن أهل التطرف يرتكبون جرائم منكرة في حق الحديث النبوي كذلك، إذ ينطلقون إلى كلمات من الهدي النبوي الشريف، فينتزعون الكلام النبوي من سياقه، ويخلعون عليه ما وقر في نفوسهم من غلظة وعنف وشراسة وانفعال، مع جهل كبير بأدوات الفهم ومقاصد الشرع الشريف. وأشار إلى أن العلاقة مع غير المسلمين في نظر الجماعات الإرهابية هي السيف والحرب والصدام، وأن كل ما ورد في القرآن والسنة من أخلاق العفو والغفران والصفح والصبر والبر والقسط والتسامح في التعامل مع الآخر، كله منسوخ بآية السيف. وحول نظرة المتشددين للمرأة قال إن المرأة في نظر التنظيمات الإرهابية سلعة تباع وتشترى وتهدى للمقاتلين كعبيد جنس، وهو ما يعد تحقيرًا من شأن المرأة وتجريدًا من إنسانيتها، وتصويرها باعتبارها بضاعة تباع وتهدى إلى الغير. واختتم مستشار مفتي الجمهورية محاضرته بأن الجماعات الإرهابية تجذب أتباعها من خلال تصدير خطاب ديني واحد يعتمد السردية الجهادية التي تستقطب عددًا كبيرًا ممن يفتقرون إلى الإحساس بالهوية أو الانتماء من الشباب صغير السن والذي يرغب في المغامرة في إطار إسلامي دون وعي ولا بصيرة، ويحمسونهم بحلم قيام خلافة إسلامية، على الرغم من أن نظام الحكم في الإسلام متروك للعرف دون إلزام ديني بنظام معين.