يحتفل ابناء الطرق الصوفية بمولد سيدي عواض بن اسحاق الطهلموشي بمدينة قليوب محافظة القليوبية، وتقام الليلة الختامية الاثنين المقبل. ولد الشيخ عواض بن محمد بن إسحق بمدينة طهلموش بالمغرب الأقصي في أواخر القرن الثامن الهجري، وينتهي نسبه الشريف إلى مولانا الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنهما). حفظ القرآن الكريم وهو صغير السن، ثم رحل بعد أن بلغ الثانية عشرة من عمره إلى فاس، والتحق بالمدرسة العظمى التي أنشأها السلطان أبو سعيد المريني، وبرغم حداثة سنه فقد كان جوادًا سخيًّا، يدخر مما يُصرف له من الجرايات، ويتصدق بها على الفقراء والمساكين، ويرسل بعضها إلى فقراء بلدته طهلموش. تخرج الشيخ عواض من جامعة القرويين بفاس، وفي الرحلة المقدسة لتأدية فريضة الحج مر بمصر، ومكث عامين في مدينة الإسكندرية تتلمذ فيهما على يد أصحاب الطريقة الشاذلية، وكان يتردد على معهد الإسكندرية الديني، وكان يمضي ليلة الجمعة في ضريح سيدي المرسي أبي العباس (رضي الله تعالى عنه). ثم رحل إلى أرض الحجاز ومكث بها عشر سنوات، عاد بعدها إلى القاهرة في عهد السلطان الأشرف برسباي الذي اتصف عهده بالجهاد ضد الصليبين في قبرص التي كانت مركزًا لهم، وكان للشيخ عواض دوره في الجهاد؛ فقد ألهبت خطبه المشاعر حيث كان خطيبًا مفوهًا جزل الحديث عميق الفكرة، مما جعل السلطان برسباي يقربه من مجلسه، وأخذ برأيه في إطلاق سراح ملك قبرص (جانوس) نظير فدية كبيرة. ولما اضطربت أحوال القاهرة، خاصة في عهد السلطان الأشرف إينال (نتيجة لكثرة الثورات التي يقوم بها المماليك الجلبان)، رحل الشيخ عواض إلى قليوب بإشارة شيخ قبيلة الشَّوَاربيَّة، وكان ذلك في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري. ولما توفي الشيخ أحمد القليوبي العالم المحدث الفقيه، تولى الشيخ عواض إمامة المسجد الجامع بقليوب، كما تولى القضاء بها من قبل السلطان قايتباي حتى توفي عام 878ه. وكان الشيخ عواض هو الصوفي الكبير الذي له أحزابه وأوراده، منها: (حزب جلب الأرزاق ودفع المشاق)، وهو (كما يقول أهل قليوب) جليل النفع عظيم الفوائد؛ فلو تلوناه لكروب عظمت رفعها الله تعالى بتلاوته. ولما توفي الشيخ عواض، أقام الشواربية ضريحًا له في الغرفة التي كان يسكنها ويتعبد فيها.