حمل الأمير تركي الفيصل رئيس المخابرات السعودية السابق حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسؤولية سقوط مساحات واسعة من الأراضي في شمال العراق بيد المتشددين الإسلاميين وقال إن بغداد أخفقت في وقف ضم صفوف المتشددين الإسلاميين والبعثيين من عهد صدام حسين. وأضاف الأمير تركي الذي تأتي تصريحاته بشكل عام ممثلة لوجهة نظر الرياض أن تقدم قوات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ما كان ينبغي أن يكون مفاجئا. وأضاف في اجتماع للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في روما "الوضع في منطقة الأنبار في العراق يغلي منذ بعض الوقت وبدا أن الحكومة العراقية ليست متقاعسة عن تهدئة الغليان هناك وحسب بل بدا أنها كانت تحث على انفجار الأمور في بعض الحالات". وقال إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لم يبد أن لديه ما يكفي من القوة بمفرده لتحقيق التقدم الذي حققه. فالتقارير الإعلامية قالت إن عدد مقاتليه يتراوح بين 1500 و 3 آلاف فقط. وتابع "النتيجة التي توصلت لها أن هذه الأرقام مضاف إليها ليس التشكيلات القبلية في المنطقة وحسب بل والبعثيين والجماعات الأخرى التي كانت تعمل في ذلك الجزء من العراق ليس منذ الأمس بل منذ بداية الاحتلال الأميركي للعراق 'في 2003'". وأشار الأمير تركي إلى أن الوضع في العراق يتغير بسرعة تحول دون توقع ما سيحدث في الأيام أو الأسابيع المقبلة. ولكنه قال إن الموقف ربما يؤدي إلى نتائج غير متوقعة إذا شاركت الولاياتالمتحدة في القتال بعد ثلاثة أعوام من انتهاء احتلالها للعراق في 2011. وقال "من السخريات المحتملة التي قد تقع هو أن نرى الحرس الثوري الإيراني يقاتل جنبا إلى جنب مع الطائرات الأميركية بدون طيار لقتل العراقيين.. هذا شيء يفقد المرء صوابه ويجعله يتساءل.. إلى أين نتجه؟". ويقود رئيس الوزراء نوري المالكي حكومة يسيطر عليها الشيعة وتدعمها إيران. ويقول السنة إنها همشتهم واضطهدتهم منذ سقوط الرئيس صدام حسين خلال غزو قادته الولاياتالمتحدة عام 2003. وتابع الأمير تركي أن السعودية تعارض بشدة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام مشيرا إلى أن التنظيم مدرج على قائمة الإرهاب السعودية. "وربما يجيب هذا على بعض التساؤلات في أذهان الناس بشأن موقف السعودية إزاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام". ويرى مراقبون ان أبناء مناطق شمال العراق، ذات الغالبية السنية، ليس لديهم اي حافز لقتال تنظيم داعش في سبيل حكومة المالكي او تعزيزاً لنفوذ ايران او تلبية لمصالح اميركية. ويضيف محللون ان عملية الاقصاء السياسي التي مارستها حكومة المالكي تجاه التيار المعتدل لدى سنة العراق، من خلال ملاحقة قياداتهم، وتقليص دورهم في المشاركة السياسية، فتحت الباب واسعا امام تنامي حالة الاعتراض في تلك المناطق، عبرت عن نفسها بتحركات شعبية واعتصامات قُمعت ولم يستجب لمطلب اساسي هو المشاركة السياسية في الحكم والقرار. ولم ينجح حزب الدعوة العراقي الشيعي، الذي يحكم اليوم عبر رئيسه نوري المالكي منذ ثمانية سنوات، في بلورة وحدة وطنية عراقية قادرة على جعل الجنود العراقيين يقاتلون باستبسال في مواجهة تنظيم داعش خلال الايام القليلة الماضية. وكشفت سياسة المالكي ان الاتكاء على الرضا الاميركي والدعم الايراني لا يجعل العراق في مأمن ولا ينشىء حكومة قوية وجيشاً فاعلا وذو هيبة. ويؤكد مراقبون ان ما قامت به داعش ليس الا تتويجا لهذا الفشل السياسي للحكم في العراق والذي هو ليس الا نتاج فشل بناء الدولة وبناء الوطنية العراقية.