معهد العربية للدراسات مع انتهاء الانتخابات الرئاسية واقتراب خارطة الطريق من محطة الاستحقاق البرلماني، يتزايد الجدل بين الأحزاب والقوي السياسية حول قانون انتخابات مجلس النواب الجديد، بحثاً عن صدارة للمشهد السياسي المصري من البعض، أو تحقيقا لفرصة البقاء داخل الصورة والخارطة السياسية قدر الأمكان من البعض الأخر. أختلفت مواقف الأحزاب السياسية من قانون مجلس النواب الأخير تبعاً لرؤية كل حزب للخريطة السياسية للشارع المصري، وتقديرة لموقعه فيها، ومنها يأتي تبنيه للنظام الانتخابي الذي يراه في مصلحته، ويعتقد أنه يوفر له أكبر فرصة للحصول علي تمثيل في البرلمان القادم، ومن هنا تأتي التصورات والأختلافات بين وجهات نظر الأحزاب المختلفة، وتباين أعتراضاتها علي مشروع القانون المعلن. التعديلات الجديدة يمكن تلخيص التعديلات الجديدة في مشروع القانون في النقاط التالية: 1- تشكيل المجلس: يتشكل المجلس من 600 نائب بالانتخاب مقسمين إلي 480 مقعد بنظام الفردي و 120 بنظام القائمة المغلقة المطلقة بنسبة 80% إلي 20% ويحق للمستقلين والأحزاب الترشح لكليهما، ويحق لرئيس الجمهورية تعيين 30 عضو أخرين، ليصبح إجمالي المقاعد 630 مقعد. 2- كوتة للنساء والفئات المهمشة: يشترط في القائمة أن تتضمن علي الأقل 3 نساء و3 مسيحيين و2 شباب و2 عمال وفلاحين و1 من ذوي الإعاقة و1 من المصريين في الخارج. 3- تقسيم مختلف للدوائر: تقسم مقاعد نظام القائمة علي 8 دوائر ب 15 مقعد لكل دائرة، وسيتم تقسيم الدوائر بنظام القطاعات، حيث تضم أكثر من محافظة للدائرة الواحدة، وتفوز القائمة صاحبة أعلي الأصوات بكافة مقاعد الدائرة ويستبعد باقي القوائم بدون أي تمثيل، وهو غير المناسب للأحزاب الصغيرة التي لا تمتلك قواعد مؤسساتية واجتماعية كبيرة بكل تأكيد. وهو ما يؤكده أنه مشروع القانون المقترح قد اشترط أن يكون المرشح مسجلا بالدائرة التي يترشح عنها، علي عكس القوانين السابقة، والتي سمحت للمرشح أن يتقدم عن أي دائرة بأعتبارة ممثلا للأمة كلها وليس لدائرة بعينيها. تحفظات الأحزاب السياسية لم تتفق الأحزاب السياسية على تحفظاتها على التعديلات المقترحة، فقد اختلف موقف كل منها حسب وزنه وحجمه وفرصه، خاصة وأن النظام الانتخابي ظل دائما محل اختلاف بين الأحزاب في عهد مبارك وحتى الآن. الأحزاب الإسلامية نموذج حزب النور يري حزب النور أنه الوريث الطبيعي لنفوذ تيار الاسلام السياسي في الشارع المصري، ويعتقد أنه صاحب الحظ الأكبر لاقتناص الأغلبية في البرلمان القادم، ولكنه يدرك صعوبة المنافسة في كامل مصر مع تزايد حدة الرفض لتديين السياسية، وخصوصاً بعد تجربة حكم الإخوان المسلمين، لذا يراهن علي مقاعد القائمة، وخصوصاً في ظل نظام القائمة المطلقة، والذي يعني نجاح كامل القائمة التي تحصل علي أعلي الأصوات، ويعبر قيادات الحزب عن ثقتهم في فرصة الحزب للسيطرة علي كامل مقاعد القوائم، معتمداً علي تجربته في الانتخابات البرلمانية الماضية، حيث أتي في المركز الثاني بعد حزب الحرية والعدالة – الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين – بحصوله علي 27% من الأصوات، ولكنه حصل علي 25% فقط من المقاعد بسبب خسارته في مقاعد الفردي، مما يبرر تركيزة علي المطالبة بزيادة نسبة مقاعد القوائم إلي 50% في مشروع القانون المقترح، بدلاً من ال 20% الحالية. ولم يحدد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمين موقفه من المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة، كما جاء في تصريح ممثله الذي شارك في اجتماع لمناقشة القانون يوم 1 يونيو سنة 2014 مشيرا إلى أن هذا يعتمد على تطورات الأحداث لاسيما أن الوضع السياسى متغير من الممكن أن تتغير الأوضاع خلال ال4 شهور القادمة وبناء على المتغيرات الجديدة سيتحدد موقف الحزب من المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، مما يعني أن حضور ممثل عن هذا الحزب الممثل لجماعة الإخوان الرافضة لكل مسار ما بعد 30 يونيو لا يعني خرقا لموقف الجماعة المصرة على التصعيد مع توالي الاستحقاقات السياسية في مصر، وصارت تواجه رفضا رسميا باعتبارها جماعة إرهابية ورفضا شعبيا ساعد على تصويت غير مسبوق في المحطات السياسية بعد 30 يونيو وآخرها الانتخابات الرئاسية التي جرت 26 و27 مايو الماضي وفاز فيها وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي بفارق كبير عن منافسه حمدين صباحي. التيار المدني وخيار القوائم النسبية ترفض كثير من الأحزاب المحسوبة علي التيار المدني، نظام القوائم المطلقة، وتري فيه باباً للاستبداد، وإنفراد حزب واحد بأغلبية مقاعد البرلمان، دون حصوله علي أغلبية أصوات الناخبين، مع إهدار النسبة الأكبر من الأصوات دون تمثيلها في البرلمان، وتفضل نظام القوائم النسبية، والذي يسمح بتمثيل كافة أصوات الناخبين، عن طريق حصول كل قائمة علي عدد من المقاعد مقابل نسبة الأصوات التي حصلت عليها، مما يعني عدم إهدار أي من أصوات الناخبين. ويؤيد هذا التوجة أحزاب الدستور، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والكرامة، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، ومصر الحرية، ومصر القوية. كذلك تطالب تلك الأحزاب بزيادة نسبة القوائم للفردي، لتصبح 50% بدلاً من 20%، مع تطبيق نظام القائمة النسبية، بدلاً من المطلقة، وتري في ذلك وسيلة لتحقيق تمثيل متوازن لكافة القوي والأحزاب السياسية الموجودة علي الساحة، طبقاً لتواجدها الحقيقي في الشارع. كما تعترض علي إتساع دوائر القائمة لتشمل عدة محافظات، مما يعني عملياً استحالة تغطية تلك الأحزاب لتلك المساحة، مما يعني انخفاض فرصها في تحقيق الأغلبية المطلقة المطلوبة لنجاح قوائمهم، مما يبرر تخوفهم من سيطرة حزب النور، وحلفائه من أنصار تيار الإسلام السياسي، علي أغلبية البرلمان القادم إذا ما تم التصديق علي نظام القوام المطلقة، مع بقاء دوائر القائمة علي الشكل المعلن، ويطالبوا بتخصيص دائرة منفصلة لكل محافظة، بدلاً من نظام القطاعات، ويدعم ذلك المطلب إضافة لأحزاب السابقة حزب المؤتمر وحزب الوفد، مع موافقتهم علي نظام القائمة المطلقة. كما عبر البعض عن أعتراضه علي طريقة تمثيل الأقليات المنصوص عليها في الدستور، ويرون أن القانون قد فشل في تحقيق مقاصد الدستور، حيث نجد أنه طبقا لذلك التقسيم، سيمثل 24 أمرأة، و24 مسيحي، و16 شاب، و16 عامل وفلاح، و8 من ذوي الإعاقة، ومثلهم من المصريين بالخارج، ما يعني 96 عضو فقط، أي 15% من عضوية البرلمان، هذا مع إمكانية الجمع بين تلك الصفات، حيث يمكنك أن تجد إمرأة مسيحية شابة وعاملة أيضاً، فيؤدي ذلك لتقيل نسبة تمثيل تلك الفئات، وتطالب عدد من القوة السياسية بوضع ضوابط حقيقية لضمان نسبة التمثيل. التخوف من النظام الفردي أبدت أحزاب الدستور، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والكرامة، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، ومصر الحرية، ومصر القوية تخوفها من النظام الفردي، وتفضيلها نظام القوائم النسبية، لما يتيحه لها من فرصة التمثيل داخل البرلمان، طبقاً لنسبة الأصوات التي تستطيع الحصول عليها، عكس نظام الفردي، والذي يهدر الأصوات، حيث ينجح الحاصل علي 50% فأكثر، وتذهب باقي الأصوات بدون تمثيل، كذلك يمكن للحاصل علي نسب أقل أن يدخل جولة الإعادة، ويضربوا مثل بحالات كثيرة لدخول جولة الإعادة مرشحيين حاصلين علي أقل من ربع الأصوات مجتمعين، ليفوزوا بمقعد البرلمان في النهاية. كما تخضع مقاعد الفردي لحسابات قبلية وعائلية، وتعتمد علي قدرة المرشحين علي الإنفاق، مما يفتح الباب لبرلمان من رجال الأعمال، وممثلي النزعات العائلية والقبلية، كما يعطي فرصة لعبور ممثلي تيار الاسلام السياسي، وفلول النظام السابق من أعضاء الحزب الوطني المنحل، إلي البرلمان القادم، مما يعني تراجع التمثيل المبني علي خلفية البرامج السياسية، لحسابات أكثر رجعية وتقسيماً للمجتمع، طبقاً لتصريحات تلك الأحزاب. زيادة عدد المقاعد كما عبرت أغلب الأحزاب عن رفضها لزيادة عدد مقاعد البرلمان، مبررين ذلك بإستحالة إدارة نقاش حقيقي في مجلس تزيد عضويته عن ال 600 عضو، مما يفتح الباب لمجلس شكلي، غير قادر علي ممارسة مهمته التشريعية والرقابية، ويعيد للأذهان مجالس صفوت الشريف وأحمد عز الهزلية، والتي قامت الثورة رفضاً لها. مطالب الاحزاب وفي محاولة لتدارك الأمر، أصدر عدد من الأحزاب بياناً مشتركاً يوم السبت 31 مايو، طالبوا فيه الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، عدم التصديق علي مشروع القانون، وأقترحوا تشكيل لجنة من رؤساء الأحزاب التي مثلت في البرلمان الماضي، إضافه إلي ممثلي القوى السياسية الفاعلة والخبراء السياسيين وأساتذة العلوم السياسية لدراسة قانون الإنتخابات حتى يكون قانون إنتخابات مجلس النواب محلاً للتوافق الوطني العام على أن تنتهي اللجنة من عملها خلال عشرة أيام من تاريخ تشكيلها، وتأجيل إصدار القانون حتى ذلك الحين. وقد حضر ذلك الاجتماع الدكتور السيد البدوى رئيس الوفد والدكتور محمد ابو الغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى والمهندس محمد سامى رئيس حزب الكرامة والسفير محمد العرابى رئيس حزب المؤتمر والدكتور محمدابو العلا رئيس الحزب الناصرى ومحمد انور عصمت السادات رئيس حزب الاصلاح والتنمية والمهندس عاطف مغاورى القيادى بحزب التجمع والمهندس اكمل قرطام رئيس حزب المحافظين، إضافة إلي عمرو موسى. التهديد بالمقاطعة وقد أعلن الأستاذ عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في تصريح له يوم الأحد 1 يونيو بوجود إمكانية لمقاطعة العملية الانتخابية في حالة إصرار الحكومة علي تمرير مشروع القانون الحالي دون تعديله، وأكد أن حزب التحالف الشعبي والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بالأضافة لأحزاب أخري يدرسون المقاطعة بشكل جدي.