"خطاب متوازن وديبلوماسي وسياسي"، هذا ما أكده خبراء الإعلام بعد ساعات من انتهاء خطاب الرئيس محمد مرسي لمتظاهري ميدان التحرير، في ذلك اليوم الفارق فى تاريخ المصريين، فهذا خطابه الثانى بعد اعلان فوزه بمنصب الرئاسة، لكنه حمل معانى ودلالات كثيرة،وهذا ما دفع "الوادي" لمعرفة ما تحمله تلك الكلمات من دلالات وخبايا اعلامية. بداية قال الدكتور محمود خليل، استاذ الإعلام بجامعة القاهرة إن الرئيس محمد مرسى أفلت من أول فخ نصبه له المجلس العسكري بآداءه اليمين الدستوري أمام المحكمة الدستورية العليا، فبدأها بحل الأزمة شكليا مع الشعب والمتظاهرين الثوار بآداء اليمين فى الميدان، ثم صرف إنتباه الجميع بالحديث عن صلاحياتة وعن أن الشعب هو مصدر السلطات وأن من يحتمى بغير الشعب فهو الخاسر الأكبر. وأضاف "خليل" أنه حاول جذب الجميع في خطابه بتعبيرات عدائية ل"العسكري" ومن ثم عن عدم إرتداءه واق الرصاص. فيما يري د. صفوت العالم، الخبير الإعلامى واستاذ العلاقات العامة بجامعة القاهرة أن الخطاب حمل معانى كثيرة يحث الجمهور من خلالها علي الالتفاف حول ذلك الرئيس، فالخطاب يتسم بالتوازن والحكمة. وعن العفوية التى جاءت فى طيات الخطاب يؤكد "العالم" أن الخطاب تضمن الشكر لجميع طوائف الشعب ولم ينسى أحد حتى يشعر الناس أنه واحد منهم بدءا بمحاولة إبعاد الحرس الخاص به، حرصا منه على التأكيد للشعب أنه قريب من الشعب وانه لايخشى الشعب. وأما عن مسألة القسم الجمهوري في التحرير فيؤكد "العالم" التزام مرسى بأن يلقى اليمين الدستورى بالنص الذى يجب أن يلقيه أمام المحكمة الدستورية، فقال الرئيس "أعاهد الله وأعاهدكم وأقسم بالله العظيم أن احافظ مخلصا على النظام الجمهوري وأن احترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن أحافظ على إستقلال الوطن وسلامة اراضيه، بما يدل على التوازن الملائم لانه بإلقاءه اليمين بتلك الصيغة لم يفقد شرعيته التى سوف يكتسبها غدا أمام المحكمة الدستورية العليا وفى نفس الوقت أستطاع أن يجذب الجماهير ويأخذ الشرعية منهم، مشيرا أن التزامه بالنص الدستورى واليمين الذى أقرته المحكمة يعطى دلاله مدى امتثاله للقانون والدستور. كما يرى "العالم" ان حالة التوازن التى خلقها الدكتور "مرسى" كانت السبيل الوحيد للخروج من المأزق لتهدئة الاوضاع المشتعلة فى الميدان من الجموع التى ترفض الاعلان الدستورى المكمل ويريدون أن يؤدى اليمين أمام مجلس الشعب المنحل ومن ثم فقد تمكن "مرسي" بهذا الخطاب أن يحافظ على تماثله مع الشعب ليرسل رسالة مفادها أنه لا يريد أن ينفصل عن الشعب والثوار كما أنه لايريد اختراق أحكام الدستور. وعن ذكره لبعض الأسماء مثل الشيخ عمر عبد الرحمن، المعتقل في السجون الأمريكية منذ عشرات السنين إنما تدل على مدى تماثله للثورة ودليل على التفاعل الايجابى وانه لم ينسى أحد، فضلا عن تأكيده فى النهاية على الانتماء للثورة وأنه لم ينس الميدان وردد شعاراته بما يحدث حالة من التماسك الشعبى بينه وبين جموع المصريين. ومن جهته أكد الدكتور سامى الشريف، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق أن ذلك الخطاب الذى ألقاه الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى اليوم فى ميدان التحرير أفضل من الخطابات السابقة من حيث صياغة الكلمات والافكار وحاول أن يطمئن الذين عارضوه وكافة أطياف الشعب وأكد اكثرمن مرة على أنه رئيس لكل المصريين من أنتخبه ومن لم ينتخبه. وأوضح "الشريف" أن "مرسى" أكد خلال هذا الخطاب على مدنية الدوله وأحترامه للديمقراطية والفن والابداع والثقافة وحرية الاعلام ، بالاضافة إلي تأكيده على كرامه مصر والمصريين فى أى مكان . كما نادى بالسلام ما لم يعتد أحد على أرض وكرامه مصر، وإذا أراد أحد الاعتداء على مصر سينل درسا قاسيا لم ينسه أبدا . واضاف "الشريف" بجانب كل الجوانب الايجابية السابقة توجد ثمة جوانب أخري سلبية لايمكن أغفالها وتتمثل فى عدة نقاط ، النقطة الاولى تتلخص في الصدام الرسمى والعلنى مع المجلس العسكرى بأنه لن يتدخل فى أى أختصاص من أختصاصات رئيس الجمهورية وهو ما يراه البعض تطاولا على اختصاصات المجلس الاعلى للقوات المسلحة، موضحا أنه كان ينبغى عليه أن يوجة الشكر والتحية إلى المجلس والشرطة، في تلك المرحلة الجديدة ومن ثم فكان علىه التأكيد علي مدى احترامه للقوات المسلحة والشرطة حتى يضمن أمن الوطن. أما بشأن النقطة الثانية التي أشار إليها "الشريف" فقال إن "مرسي" أدي اليمين الدستورى فى ميدان التحريربعد أن كان يتمنى منه أن لايفعلها وكان علية أن يؤدى اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا فقط، مؤكدا أنه تعرض لضغوط كبيرة من القوى الثورية و جموع المتظاهرين بالميدان لأداء اليمين الدستوري، خاصة أن المتوجودين فى الميدان لا يمثلون جموع الشعب المصري. وفي النهاية نسي "مرسي" أن يقدم الشكر والتحية لشهداء الشرطة والقوات المسلحة فكلهم أبناء ونسيج هذا الوطن المصري حسبما قال "الشريف".